في ظلّ ضعف بنية التشخيص والتكفل في زمن الجائحة الوبائية

الأمراض غير المعدية تتسبب في 80 % من الوفيات وتعرض المصابين بها لعدوى كوفيد 19 يهدّد حياتهم بشكل أكبر

 

يتهدد فيروس كوفيد 19 المرضى المصابين بأمراض مزمنة مختلفة، كما هو الحال بالنسبة للسكري والضغط الدموي والأمراض التنفسية وأمراض القلب والشرايين والسرطانات، التي تندرج ضمن خانة الأمراض غير المعدية، إلا أن عدم نقل عدواها للغير لا يجعل منها أمراضا بسيطة، بالنظر إلى أنها تتسبب في المغرب في 80 في المئة من مجموع الوفيات، مما يضع بلادنا في مراكز متقدمة مقارنة بدول أخرى، تتسبب فيها هذه الأمراض في وفيات أقل، كما هو الحال بالنسبة لليمن التي لا يتجاوز معدل الوفيات فيها بسبب هذه الأمراض نسبة 57 في المئة، و 45 في المئة في سوريا، ثم 24 في المئة في الصومال؟
وتشير منظمة الصحة العالمية إلى أن 41 من مجموع 71 مليون حالة وفاة تقع في العالم هي ناجمة عن الإصابة بالأمراض غير المعدية، ويتعلق الأمر تحديدا بالسرطانات والسكري وأمراض القلب والشرايين والأمراض التنفسية إلى جانب القصور الكلوي. وتؤكد المعطيات الوبائية التي تخص المغرب أن أمراض القلب والشرايين تحتل المركز الأول في قائمة مسببات الوفاة بنسبة 38 في المئة، متبوعة بالسرطانات بنسبة 18 في المئة، فالأمراض التنفسية الحادة بنسبة 6 في المئة، وتعتبر هذه العلل باهظة الكلفة على مستوى التكفل بها، خاصة وأن 62 في المئة فقط من المغاربة فقط يتوفرون على تغطية صحية، سواء تعلق الامر بالتغطية الصحية الإجبارية أو نظام المساعدة الطبية «راميد» او غيرهما.
الأرقام الوبائية تبين على أن 33.6 في المئة من المغاربة الذين تفوق أعمارهم 20 سنة يعانون من الضغط الدموي، بينما 6.6 في المئة مصابون بداء السكري، و 13.2 في المئة يعانون من السمنة، فضلا عن كون 17.2 في المئة من المغاربة يدخنون السجائر. هذه المعطيات من المفروض أن تشكل دافعا لبذل مجهودات أكبر للتعامل مع الجائحة الوبائية وتحصين المنظومة الصحية من أي ضعف أو انهيار، حتى يتسنى التكفل المبكر والعاجل بهذه الفئات من المرضى إذا ما تعرض أي شخص للإصابة بفيروس كوفيد 19 لإنقاذه وتفادي تعرضه لتبعات صحية وخيمة قد تعجل بوفاته، ومن أجل تأمين الخدمات الصحية والعلاجية المنتظمة لهؤلاء المرضى، لأن من شأن ارتفاع أعداد المصابين بالكوفيد خلق اكتظاظ كبير والتسبب في ملء الأسرة كما يقع حاليا، وبالتالي حرمان هؤلاء المرضى وإن لم يصابوا بكورونا من الحق في العلاج ويهددهم بشكل أكبر للتعرض للعدوى ومضاعفاتها.
ويؤكد خبراء في الشأن الصحي، أن المنظومة الصحية تعاني من الإجهاد وتعيش ضغطا كبيرا بسبب عدم احترام التدابير الوقائية، الفردية منها والجماعية، مما يؤدي إلى اتساع رقعة انتشار فيروس كوفيد 19، ويتسبب في وفيات يوميا، وهو ما يتطلب اتخاذ تدابير اكثر نجاعة لتفادي السيناريوهات القاتمة التي يمكن أن تصبح أمرا واقعا في القادم من الأيام، قد تكون لها تداعيات تتجاوز ما هو صحي لتشمل مجالات أخرى؟


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 23/09/2020