النموذج التنموي من جديد

عبد الحميد جماهري

إجماع حول التوافقات وشروع في خلق ظروف التفعيل، واجتهاد في أسئلة التنفيذ..

تحددت ملامح شروط تنزيل النموذج التنموي الجديد، من خلال خطاب افتتاح دورة أكتوبر البرلمانية يوم الجمعة..
وقد تحدث ملك البلاد عن أربعة مقومات، من شأنها أن توفر الشروط الملائمة لتنزيل النموذج التنموي، الذي نتطلع إليه.
ومنها الظرفي، متمثلا في خطة طموحة لإنعاش الاقتصاد، ومنها الاستراتيجي العابر للفترات، ومنها مشروع كبير لتعميم التغطية الاجتماعية، واعتماد مبادئ الحكامة الجيدة، وإصلاح مؤسسات القطاع العام.…
وبذلك ترتسم-على أقل تقدير- شبكة قراءة، طالما نالت الحظ الوافر من تساؤلات الرأي العام، حول نقطة انطلاق النموذج الذي تريده بلادنا، منذ أن أعلن عنه ملك البلاد في خطاب سابق، وشكلت له لجنة، لاقت بدورها الكثير من المتابعة ، شكلا ومضمونا..
ويمكن أن نخمن، من تلازم ليس فيه للصدفة كثير دخل، أن هذه المقومات الأربعة، تتقاطع مع توافقات اللجنة، التي سبق للسيد شكيب بنموسى أن أعلن عنها في الجولة الثانية من المشاورات التي أجراها مع الأحزاب..
من ذلك، كما استمع إليها عبد ربه الفقير إلى رحمته، خلق الثروة، المادية واللامادية، والتي كانت موضوع سؤال ملكي في إحدى الخطب السابقة (أين الثروة)، ثم توزيعها..
– تقوية النسيج الاجتماعي، وربما تكون التغطية الاجتماعية أحد أبرز مقومات هذا الفعل الاجتماعي، إضافة إلى كونه من مقومات العقد الاجتماعي المبتغى..تقوية الرأسمال البشري لا سيما بالنسبة لضمان التمدرس والاندماج في دورة التنمية المتوخاة.. وكذا التربية الترابية والمجالية..
وقد كانت اللجنة قد وضعت عناوين أخرى
من ضمن هذه التوافقات، ومنها الثقة في المؤسسات، والحكامة الوطنية وتفعيل روح الدستور..
وهو ما يجعلنا أمام ملامح واقعية للأهداف التي
وضعناها…
أسئلة أخرى تتفرع عن مآل النموذج:
كيفية الوصول إلى الأهداف المسطرة وما هي السياسات المفيدة لذلك؟
وأي إطار يمكن إعطاؤه لهذا النموذج..
ويبدو من خلال ماسبق، أننا أمام بعض الأجوبة في هذا الباب:
– هناك جواب على السياسات المفروض فيها الوصول بنا إلى أهداف النموذج: وهنا ممثَّل من خلال التغطية الاجتماعية والصحية وغيرهما، وهو إطار يتجاوز البرنامج الانتخابي لأي حزب إلى مشروع وطني موحد، بل يتجاوز الزمن السياسي إلمباشر بخصوص الطريق الذي يجب اقتفاؤه، إلى زمن سياسي يرتفع عن مشروطيات التنافس والتدافع..
وكان من بين الأسئلة التي ستبقى معلقة وتنتظر اجتهادات متواترة، أسئلة وضعها الاقتصادي نور الدين العوفي..
ولعل أهم ما جاء في مداخلته، طريقة اشتغال اللجنة، وكيف يراها الاتحاد، ثم ما إذا كان على هذه اللجنة الاعتماد على الإجماع أوالتوافق، ثم انتظارات أو مطالب المجتمع من اللجنة. وطرح العوفي العلاقة، في نظر الاتحاد بين المشروع المجتمعي والنموذج التنموي الجديد، مضيفا سؤالا عن الآليات الإجرائية لمواكبة المشروع بعد التصديق عليه؟..
والواضح أن هناك الطريقة التي يجب اعتمادها في الحسم في النقط الخلافية.
لا بد من التذكير، بأن اللجنة لم تكن نتيجة ميزان قوة أو رهان ما، لكي تخضع للتصويت أو لهذا الرهان وتوازناته، ثانيا، إنها بمنطوق خطاب تنصيبها، مدعوة إلى النظر إلى مثيلاتها، سواء بهيئة الإنصاف والمصالحة، أو بلجنة الأسرة أو في ما يخص اللجنة الملكية الجهوية وصياغة الدستور، ولكنها اشتغلت بمنطق التوافقات وليس الحسم..
وبخصوص التنزيل المطلوب للجنة فيما سبق، من أشغال مهيكلة للمغرب الجديد (الإنصاف، الأسرة، الجهوية والدستور) باب في التفعيل، سواء من خلال البرلمان، كما حدث مع هيئة الإنصاف أومن خلال قوانين ومؤسسات للحكامة، أومن خلال المقتضيات الجديدة، التي توافق عليها الفرقاء السياسيون والاجتماعيون..
إن الاجتهاد سيكون في العمق، في أحسن سبل التفعيل، والإطار الذي يتم فيه: فالنموذج، سيكون مرجعا، عند الاقتضاء كما قد يكون قانون/ إطارفي قضايا معينة، كما هو شأن التعليم أوأهداف إنسانية وحضارية، عندما يتعلق الأمر بالانتصار للحداثة والتحديث والدولة الحامية والمربية ودولة… تكافؤ الفرص والمناصفة..

الكاتب : عبد الحميد جماهري - بتاريخ : 12/10/2020

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *