الكركرات: البوليساريو في مواجهة الأمم المتحدة..

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

في معادلة الوضع الحالي بالكركرات، خصوصا وفي الصحراء عموما، لا تجد البوليساريو نفسها في مواجهة المغرب، تحديدا ، بل هي في واقع الأمر تضع نفسها بالواحد والصريح في مواجهة الأمانة العامة للأمم المتحدة ولمجلس الأمن..
فما يريده البوليساريو في الكركرات، في عمق التحليل، هو أن يعلن رفضه لما تقدم به الأمين العام للأمم المتحدة أولا وقبل كل شيء..
فالبوليساريو، ومن ورائها الجزائر، غضبت كثيرا من التقرير الأخير للأمين العام السيد غوتيريس، لأنه لسبب بسيط قال بأن الوضع هادئ تماما، وأن التهويل الذي تريده الفرقة الانفصالية لا مكان له لا في الجغرافيا ولا في الجغرافيا البشرية.
وقبل هذا التأذين بالتجييش الذي قامت به الفصائل، وتداعيها*، كان رئيس الجبهة قد تحدث بوقاحته المعهودة مع الأمين العام غوتيريس..
وجاء في رسالة، لا يمكن العثور عليها إلا في وكالة الأنباء الجزائرية، التي تنشر دوما قبل وكالة الانفصاليين أنفسهم!!!
“إن التقرير الأخير للأمين العام للأمم المتحدة، لم يعكس حقيقة “الوضع المقلق” في الصحراء ”
وفي الرسالة التي بعث بنسخة ثانية منها إلى الرئيس الدوري لمجلس الأمن، سفير روسيا بنيويورك فاسيلي نيبينزيا، قال بالحرف: “إن البوليساريو لا تشاطر الأمين العام تقييمه بخصوص وصف الوضع العام في الإقليم وبمنطقة الكركرات بالتحديد بالهادئ، لأن الوضع في الواقع غير هادئ على الإطلاق ” .
والواقع أن التقرير الذي قدمه غوتيريس، الذي يعتمد تقارير المينورسو وبعثاته الخاصة، لم يرق للقائد الانفصالي، أو قل فاجأه بالواقع، فأرادت الجبهة أن تخلق الواقع الذي تريد، وتدخل من باب الاستفزاز إلى المنطقة، وتحريك ما تريد تحريكه..
وفي الواقع، قبيل هاته الفبركة، سعت جبهة البوليساريو ومحركتها الديبلوماسية الجزائرية، منذ مدة، إلى تأليب الرأي العام ضد المغرب،من بوابة تأخير إعلان وتسمية المبعوث الخاص للأمين العام، منذ استقالة الألماني كوهلير..
عاد الحديث عن حشود انفصالية تتوجه إلى الكركرات، على الحدود مع موريطانيا.
لقد سبق لجبهة البوليساريو الانفصالية، أن أكدت القيام باستعراضات واحتفالات عسكرية في المنطقة العازلة تيفاريتي. وقد احتج المغرب لدى الأمم المتحدة بنيويورك على استمرار مثل هذه الاستفزازات الخطيرة في مناطق مشمولة بوقف إطلاق النار. وتابع الأمر بالحزم الضروري، الذي يعطيه حقه التاريخي المشروع في الأرض..
والأراضي التي تتحرش بها البوليساريو والجزائر، أراض مغربية سلمها المغرب للأمم المتحدة لإقامة السلام، وليس لإقامة دولة انفصالية.
والأمم المتحدة، تعرف أن المناطق الواقعة في الحدود مع الجزائر، كانت تعرف وجودا مغربيا إلى حدود سنة 1991، وأن تسليمها إلى الأمم المتحدة من لدن المملكة، كان بهدف تدبير وقف إطلاق النار…
وسبق للمغرب، أن أكد أن تحريك البوليساريو لأي بنية مدنية أو عسكرية أو إدارية أيا كانت طبيعتها، من مخيمات تندوف في الجزائر إلى شرق الجدار الأمني – في قضية تيفاريتي وبير لحلو والمحبس – ، يعد عملا مؤديا إلى الحرب .
وإذ نذكر بهذه المعطيات، فلكي نقول بأن المغرب لن يفوض للأمم المتحدة، تعويضه في الدفاع عن بلاده، لكنه في الوقت نفسه، يشعر بأنها – بدورها – مستهدفة من طرف الجزائر والانفصال في أداء مهامها..
وصار من اللازم، أن توضع هذه التحركات المدعومة من طرف الجزائر في سياقها المرحلي ثم الثابت، الدولي والإقليمي..
مرحليا، تبدو الجزائر في وضع الأطرش في عرس لم يدع إليه، بعد أن سحبت منها ورقة ليبيا، التي اعتقدت بأن مؤتمر برلين قد كرسها المخاطب الوحيد في شمال افريقيا حول الملف، كما أن ملف مالي، لم تستطع أن تقدم فيه ما يجعلها شريكا متجردا في ملف تتقاطع فيه المصالح والطرقات.. وتشتكي من حرب مدنية باردة داخلها، تعطل مؤسساتها، ونزوع نحو نزع الشرعية عن النظام الحاكم، الذي يسعى إلى تغذية شرعية ما، بالعداء للبلاد..
كل هذه المعطيات وغيرها، قد تتغير بمجرد نهاية أكتوبر كما نتوقع، لكن المتغير الأساسي هو الذي يحدث على الأرض في الصحراء، وفي المحيط العالمي برمته، والذي يضع المغرب شريكا حقيقيا في صناعة السلام، في الجوار القريب البعيد معا..

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 13/10/2020

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *