شهادات في حق مؤلف «25 سنة في معتقلات تندوف»، مؤلف عن المعاناة والألم في تندوف بلسان علي النجاب

توالت الشهادات الأدبية، في حق المؤلف الأدبي ل”علي النجاب”، الذي حاول فيه أن يرصد كل ما عاناه من صعاب و آلام، خلال 25 سنة قضاها في كنف معتقلات تندوف، والتي رافقه فيها العديد من الرفقاء، أو شهدها قادة فرنسيون في الجيش الفرنسي، تحديدا إبان فترة تولي الجنرال اليوطي لمهامه العسكرية في المغرب.
يقول بيرنارد نورلان، بصفته جنرالا سابقا في سلاح الجو الفرنسي برتبة خمس نجوم، له مهمات عديدة بالساحل وضد داعش في العراق، فيما يخص اكتشافه للمؤلف الجديد، في رسالة موجهة إلى علي النجاب قائلا:
“إلى صديقي العزيز، إن مؤلفك أشبه بوجبة دسمة بعد جوع طويل، بيد أنه مؤلف مؤثر بما حمله من وصف دقيق لتلك السنوات الخمسة والعشرين من المعاناة، سواء أكانت جسدية أو معنوية. لقد أثرت فيّ شهادتكم تجاه زملائكم بالأسر، بالرغم من اختلاف رتبهم العسكرية، نظرا لما قدموه من تضحيات جسام، جاءت على شكل ذكريات و شهادات، تخلد لشيء من بطولاتهم الشجاعة.
هكذا، فإن مؤلفك يشهد على واحدة من أعظم الصفات العسكرية، المتمثلة في التضامن إبان الأزمات والقتال، وأيضا الإيمان بالذات بعيدا عن الحواجز الطبقية و الاجتماعية.
إن كتابك أيضا، وعلى الجهة المقابلة، يعتبر مرجعا مثيرا للاهتمام من وجهة نظر تاريخية وسياسية، نحو حرب لم نخض في تفاصيلها بالشكل المواتي، ولا نعرف عنها سوى القليل فيما يخص أسباب تطورها. ولذلك، فإن مؤلفك، يعتبر شهادة مفيدة جدا، سواء للمؤرخين أو الخبراء العسكريين.
من خلال مؤلفك، فإنك تشارك في تحليل شجاع جدا، لمشاكل القيادة وتنفيذ القوات المسلحة الملكية، علاوة على أن هذا السجل، نرى فيه تجربة مفيدة، تعبر عما عاشه من مروا بدورهم من تجربة السجن الطويل.
وفي الختم، فإن كتابك هو في الحقيقة، درس في الشجاعة الشخصية والجسدية والمعنوية، وهو أيضا درس في الشجاعة السياسية، بالمعنى النبيل للكلمة، أي شجاعة الوضوح والحقيقة في تحليل الأحداث “.
من جهته، أبدى جون ماري موجون، الكولونيل المتقاعد من سلاح الجو الفرنسي، ورفيق الدفعة من مدرسة طيران الحرب الفرنسية، رأيه في المؤلف قائلة :
“في كتابك، وبالرغم من علاقتنا المضطربة، رأيت تجسيدك لي كرفيق لك، وهنا وجدت فيه أيضا الرفيق، و الأول على الدفعة الذي احتككت به. لقد كنا في ذلك الزمن، أشبه بالكلاب الجائحة، غير أنك كنت أكثر شخصا متعقلا فينا، وهذا ما تذكرته بمرور كل صفحة من هذا المؤلف، النابع من قلم شخص أمين وملتزم.
لقد كان سلوكك، خلال تلك السنوات الصعبة، مثالا و قدوة لنا جميعا، وأيضا لمن يبحثون على وجهة و طريق واضح في هذه الحياة، غير أني لن أطيل في مدحك لكي لا أسيء إلى تواضعك، ولكنني سررت دائما بالتعرف عليك، و باحتفاظي بذكريات طيبة عنك وعن شخصيتك الجسورة وغير المتكررة.
لقد عانيت وكما أشهد، سنوات الخمسة والعشرين من العذاب و المعاناة، محت ما تبقى لك من ذكريات عن عائلتك وأحبائك، لحظات كنت أستمتع بها رفقة عائلتي، بعيدا عن معرفتي بما أظهره لك القدر خلال 25 سنة من السجن، والتي بت أعرف منها الكثير بفضل مؤلفك هذا، مؤلف يستحق كل التقدير و العرفان به، كما الحال بالنسبة لصاحبه”.
يتحدث كلود جناتي، عمدة بالي الفرنسية السابق، المحب للمغرب وأحد أحفاد الجنرال اليوطي، حول ما اطلع عليه بخصوص المؤلف، مقدما إياه بالقول:
“إن كتاب القائد علي النجاب، هو مرآة أدبية متعددة الإسقاطات، فهو كتاب تاريخي وشهادة إنسانية، ورحلة فلسفية في كثير من الأحيان، واكبتها تنقلات و رحلات في خدمة وطنه، لم تكن أبدا بالتجربة الهينة عليه، وهذا لتنوع الأماكن والبلدان التي أقام فيها، و التي لم تشفع له في تجنب معاناة مريرة، عاشها في العالم الجزائري-البوليساري ب”تندوف” في الجزائر.
لقد لمسني مؤلفكم، على غرار بقية من قرأوه، و كما فعلت مؤلفات العديد ممن تعايشوا مع تجربة السجن الطويلة، والتي كونت جزءا من حياتهم، رافقهم فيها التواجه الدائم مع الموت، والذي قاوموه بفضل شجاعتهم وتضامنهم مع غيرهم. لقد كان لي الشرف، في أن تكون من بين أصدقائي المغاربة، الذين نتشارك و إياهم مهنة قبطان الطائرة في أي مجال، لكنني استفدت كثيرا من تبادل الأطراف مع القبطان الحربي علي النجاب، وذلك قبل أن يتم نشر كتابه بوقت قصير، رجل قلما سينجبه المغرب.
بالرغم من معرفتي المسبقة بشخصيته النبيلة وحكمته المستنيرة، إلا أن مؤلفه قد أظهر لي العديد من الجوانب التي كنت أغفل عنها، لولا قراءتي لهذا المؤلف المهم، المبني على أسس أدبية و تاريخية متينة، وعلى شهادات مهمة لمن عاشوا ويلات السجن في تلك المنطقة الصحراوية، والذي أتى أيضا على ذكر مؤسسات دولية كانت تجنبنا هذه الفاجعة القائمة لحدود الساعة، من قبيل منظمة الأمم المتحدة، أو بعض الواجهات الصحفية العالمية والمنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، هذا بالرغم من مشاركة بعضها في فك سراحه من ذلك الجحيم الذي دام قرابة خمس وعشرين سنة، وهوتحرير ساهم في إظهار حقيقة تندوف للعلن و أمام الجميع، وذلك بفضل القائد علي النجاب، والرغبة في الحرية التي لم تمت بداخله، والتي غذتها ثلاث خصال رئيسة، وهي: الإيمان و حب الوطن وتضامنه الأخوي مع رفاقه، وأيضا مساندته الدائمة من قبل زوجته “عتيقة” وعائلته الوفية.
إن هذا المؤلف، مليء بوجهات النظر العليا، وأيضا بالإشارات إلى العلاقات الإنسانية، وكذا إلى التكتيكات العسكرية.
إنه مؤلف يحتوي على خلاصة مهمة، تشمل مجموعة من الملاحظات والاستنتاجات والاقتراحات التي سيستفيد منها الجيل القادم، ولكن وبشكل خاص من يشرفون على قيادة وسير أمور البلاد.
إن القراءة و الاستماع للقائد علي النجاب، ليست سوى التقاء بالمنفعة و المعرفة، وهذا ما أؤمن به”.


الكاتب : ترجمة: المهدي المقدمي

  

بتاريخ : 24/12/2020