السلالات الجديدة لوباء «كوفيد – 19».. هل هناك من داع للقلق؟

بينما تتوالى الإعلانات الواعدة على جبهة اللقاحات ضد فيروس كورونا المستجد، ما ينعش أمل الرأي العام الدولي الذي ينتابه القلق إزاء معرفة متى سيصل الوباء إلى نهايته، تزرع السلالات الجديدة لـ “كوفيد – 19” وتفشيها بذور القلق الذي يثار معه سيل عرم من التساؤلات، في الوقت الذي يدعو فيه الكثير من الخبراء إلى عدم الاستسلام للخوف، على اعتبار أن تحول السلالات هو جزء من نمط التطور الطبيعي لهذا النوع من الفيروسات.
فبعد اكتشاف سلالة يشتبه في كونها شديدة العدوى لـ “سارس-كوف-2″، الفيروس المسبب لـ “الكوفيد – 19″، بكل من المملكة المتحدة وجنوب إفريقيا، جاء الدور على اليابان لإخبار منظمة الصحة العالمية باكتشاف صنف جديد على التراب الياباني لدى أشخاص عادوا من البرازيل، غير أنه وفي هذا المستوى، لا يتسبب أي نوع من السلالات الجديدة للفيروس في عواقب أخطر من الفيروس الأصلي المكتشف منذ عام في الصين.
وأوضح المدير العام لمنظمة الصحة العاليمة، تيدروس أدهانوم جيبريسوس، أن الوكالة “تم إخبارها من طرف اليابان خلال نهاية الأسبوع برصد سلالة جديدة للفيروس”، مضيفا أنه “كلما تفشى كوفيد – 19 كلما زادت إمكانية تطوره، حيث يبدو أن إمكانية انتقال عدوى بعض سلالات الفيروس شهدت ارتفاعا”.
ومن أجل تعزيز التعاون العلمي وتتبع السلالات الناشئة لـ “سارس-كوف-2″، الفيروس المسبب لمرض “كوفيد-19″، دعت منظمة الصحة العالمية، إلى عقد اجتماع افتراضي بمشاركة أزيد من 1750 خبيرا من 124 بلدا، قصد “مناقشة الثغرات الجسيمة في المعارف وأولويات البحث بالنسبة للسلالات الناشئة للفيروس”.
وحسب منظمة الصحة العالمية، أكد العلماء على أهمية البحث بغية رصد والفهم السريع للوقع المحتمل للسلالات الناشئة على الفحوصات، العلاجات واللقاحات.
وخلال هذا الاجتماع، تم التوصل إلى توافق حول أهمية إدماج البحث الجديد حول السلالات الجديدة لـ “سارس-كوف-2” ضمن البرنامج العالمي للبحث والابتكار، مع تحسين التنسيق بين التخصصات.
وصرحت آنا ماريا هيناو ريستريبو، رئيسة مشروع البحث والتنمية بمنظمة الصحة العالمية أن “هدفنا الجماعي هو التحلي بالحس الاستباقي، وتملك آلية عالمية لتحديد ودراسة السلالات المثيرة للقلق على نحو سريع، وفهم آثارها على جهود محاربة الأمراض”.
وحسب هذه الوكالة الأممية المتخصصة، “فمن الطبيعي أن تتحول الفيروسات، لكن كلما انتشر فيروس سارس-كوف-2 كلما كانت لديه فرص للتغير. حيث تؤشر مستويات انتقال عالية أنه علينا توقع ظهور المزيد من السلالات”.
وحسب منظمة الصحة العالمية، من بين السلالات البارزة التي تم الإبلاغ عنها حتى الآن، فإن “بعضها مرتبط بزيادة في قابلية الانتقال وليس بشدة المرض”، مشيرة إلى أن أبحاثا تجري من أجل تحديد ما إذا كان لهذه التغيرات تأثير على آليات وتدابير الصحة العمومية.
ومن المرجح أن تكون السلالة الجديدة التي جرى رصدها بالمملكة المتحدة منذ شتنبر الماضي، والمعروفة تحت مسمى «فوك 2020/12/01» أكثر عدوى بنسبة تتراوح ما بين 40 و74 في المئة أكثر من “النسخة الأصلية” من الفيروس، الذي تم اكتشافه بووهان في الصين، علما أنها موجودة بالفعل في أربعين بلدا.
وفي جنوب إفريقيا، هناك سلالة أخرى تحمل اسم “501.في2″، والتي جرى اكتشاف غالبيتها لدى المرضى الذين يخضعون للعلاج حاليا في المستشفيات، لكن العلماء لا يعرفون بعد بالضبط مدى سرعة انتشارها.
وبالنسبة للسلالة التي تم اكتشافها في اليابان، فهي تمثل 12 تحولا، حيث تم رصد إحداها بالفعل في الأصناف الموجودة بإنجلترا وجنوب إفريقيا، وفقا لمجلة “سيونس إي في”.
ونقلت صحيفة “يابان تايمز” عن تاكاجي واكيتا، مدير المعهد الوطني الياباني للأمراض المعدية، تأكيده أنه “في الوقت الحالي، لا يوجد دليل على أن السلالة الجديدة التي تم اكتشفها لدى الركاب القادمين من البرازيل هو أكثر قدرة على العدوى”.
وبغية التمكن من تحليلها على نحو أكبر، تسعى اليابان إلى عزل السلالة الجديدة، حسب ما أعلنت عنه السلطات المحلية.
ولعل السؤال الذي يؤرق العلماء في الوقت الراهن هو معرفة الكيفية التي ستستجيب بها هذه السلالات للاختبارات واللقاحات التي جرى التصديق عليها في جل أنحاء العالم. ومن منظورهم، فإن مقاومة كبرى لهذه السلالات المتحولة لفيروس “كوفيد-19” للقاحات التي تم الشروع في توزيعها سيشكل احتمالا كارثيا، على الرغم من أن هذه الفرضية ليست الأكثر ورودا.
وشدد خبراء منظمة الصحة العالمية، من جانبهم، على التسلسل الجيني كأداة أساسية لتحديد هذه المتغيرات الجديدة.
وأوضحت ماريا فان كيركوف، المسؤولة التقنية بمنظمة الصحة العالمية حول “كوفيد-19″، أنه تم “إلى حدود الساعة، مشاركة 350 ألف سلسة مذهلة بشكل علني، لكن معظمها لا يرد سوى من عدد محدود فقط من البلدان. حيث أن تحسين التغطية الجغرافية للتسلسل أمر ضروري حتى يكون العالم على اطلاع جيد بالتغييرات التي تهم الفيروس”.
ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، فإن المراقبة الجيدة للسلالات ينبغي أن يصاحبها مشاركة سريعة للبيانات العلمية وعينات من الفيروسات عبر آليات متفق عليها عالميا، حتى يتسنى إطلاق بحوث هامة على نحو سريع.

الأزمة الصحية العالمية
في 12 محطة

من أول حالة وفاة رسمية في الصين في 11 يناير إلى الآمال التي تبعثها اللقاحات بعد عام، نستعرض في ما يلي 12 محطة رئيسية في جائحة كوفيد – 19:
وفي السابع من يناير 2020، سبب هذه الإصابات وهو فيروس جديد من سلالة كورونا. وبعد أربعة أيام، أعلنت بكين أول حالة وفاة رسمية جراء المرض الذي عرف لاحقا باسم كوفيد – 19.
وسجلت أول وفاة رسمية خارج آسيا في 15 فبراير وهي لسائح صيني كان يعالج في مستشفى بفرنسا.
وتمددت تدابير الإغلاق في أنحاء المعمورة. في الثاني منأبريل، كان أكثر من 3,9 مليارات شخص أي نصف البشرية، ملزمين أو مدعوين إلى التزام الحجر المنزلي، وفق تعداد أجرته وكالة فرانس برس. وجرى تجاوز عتبة المليون إصابة حول العالم.
وروج الطبيب الفرنسي ديدييه راولت لفعالية الهيدروكسيكلوروكين في معالجة مصابي كوفيد – 19، في منحى دعمه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، غير أن دراسة دولية مدو ية نشرت نتائجها في 22 مايو طعنت بفعاليته، لكنها سحبت لاحقا بسبب شكوك بشأن صدقية البيانات التي استندت إليها. لكن دراسات عدة خلصت أيضا إلى عدم فعالية هذا الدواء المستخدم في الأساس لمعالجة المصابين بالملاريا، وجرى تعليق تجارب سريرية في هذا المجال.
ودفع الارتفاع الكبير في أعداد المصابين ببلدان أوروبية عدة إلى فرض وضع الكمامات في وسائل النقل العامة والشوارع والمدارس والشركات.
وفي نهاية الصيف، شهدت عواصم عدة احتجاجات ضد القيود المتصلة بالوباء. وفي 29 غشت، حاول متظاهرون رافضون لإلزامية وضع الكمامة اقتحام مبنى الرايخستاغ في برلين.
وتخطت حصيلة الوفيات بكوفيد-19 في العالم عتبة المليون في 28 سبتمبر. في أوروبا، عادت الإصابات إلى الارتفاع بسرعة كبيرة في أكتوبر، وقد أعلنت بلدان عدة إعادة فرض تدابير إغلاق وحظر تجول.
وقد خففت القيود في بلدان عدة خلال فترة أعياد نهاية السنة. غير أن ظهور سلالة جديدة أكثر قدرة على الانتشار في إنكلترا أرغم لندن في الخامس من يناير على إعادة فرض تدابير الإغلاق الشامل بصورة طارئة، فيما شددت بلدان أوروبية أخرى قيودها.
وفي عز الاضطرابات السياسية إثر فوز جو بايدن بالانتخابات الرئاسية الأمريكية وتشكيك دونالد ترامب بصدقية النتائج، غرقت الولايات المتحدة في الأزمة الصحية، وقد سجل مستوى قياسي للوفيات في الخامس من يناير 2021 مع 3930 وفاة في 24 ساعة. ولا تزال الولايات المتحدة أكثر بلدان العالم تضررا بالوباء مع أكثر من 368 ألف وفاة حتى التاسع من يناير.
وللخروج من دوامة الوفيات والمستشفيات التي استنفدت طاقتها، يكمن الأمل الأكبر في اللقاحات. وقد بدأت حملات تلقيح في ديسمبر في بريطانيا وروسيا والولايات المتحدة ثم في الاتحاد الأوروبي، فيما بدأت الصين تلقيح سكانها منذ يوليوز.
وحتى التاسع من يناير 2021، يشهد حوالي خمسين بلدا حملات تلقيح مع ما لا يقل عن 22 مليون جرعة أعطيت حول العالم.

 

 


الكاتب : توفيق البوشتاوي

  

بتاريخ : 19/01/2021