الناقد والمترجم إبراهيم الخطيب: الانحياز للثقافة لا يعني الانقطاع عن السياسي أو الاندماج فيه

ظل الناقد والمترجم المغربي إبراهيم الخطيب صوتا متميزا في الساحة الأدبية والثقافية، من خلال حضوره المنتظم في المشهد الثقافي المغربي والعربي، ومن خلال منجزه الثر الذي لامس عديدا من أسئلة الفكر والأدب والتي تنوعت بين الإبداع والترجمة والنقد رغم أنها لا تعكس حقيقة كل ما كتبه الرجل، والذي بقي متفرقا بين المجلات الملاحق الثقافية في انتظار ضمه بين دفتي كتاب.
جانب من هذه الاهتمامات والانشغلات الفكرية كان مدار حلقة الثلاثاء الماضي من برنامج «مدارات» الذي تبثه الإذاعة الوطنية، ويقدمه الزميل عبد الإله التهاني.

 

يعتبر صاحب «المرايا والمتاهات» أن تشكل وعيه الأدبي كان جماع تجارب قرائية منذ أواخر الخمسينات، حيث كان الانبهار الأولي بالثقافة المشرقية، وبالخصوص الثقافة الوافدة من مصر ولبنان، إذ تأثر في قراءاته الأدبية بالكتاب والمفكرين المصريين الناصريين، لكن الانعطافة الحقيقية في اختياراته الثقافية ستنحو نحو الانفتاح على كل المدارس الأدبية والنقدية بعد أن استشعر الخطيب خطر هيمنة الإيديولوجي على الثقافي، معتبرا أن هذه السيطرة لا تفتح الباب لأي تحديث نقدي، ومن هنا كان انفتاحه على مدرسة الشكلانيين الروس التي منحت جرعة مغايرة للفكر النقدي مغربيا وعربيا. رغم ما صاحب هذا الانفتاح من جدل بين المحافظين والمجددين في مغرب كان لحظتها في قلب تحولات كبيرة ، اختار الخطيب الاصطفاف فيها للثقافة بدل السياسة إلى جانب جيل من المثقفين ، جيل منفتح على كل المدارس والحساسيات الأدبية.
إن الانحياز للثقافة لا يعني عند إبراهيم الخطيب انقطاعا عن الاهتمام بالسياسي، لأنه ظل مؤمنا بأن الثقافة هي ما يؤسس التفكير السياسي دون الاندماج في السياسة كممارسة، وهو ما حرص على الوفاء له طيلة اشتغاله بمجلة «أنفاس» رفقة عبد اللطيف اللعبي وابراهام السرفاتي.
يرى مترجم «أسابيع الحديقة» لخوان غويتيصولو أن انفتاحه وترجمته لنصوص الشكلانيين الروس عبر كتاب «نظرية الأدب» كان بهدف تقريب إنتاجهم النقدي إلى الثقافة المغربية لأن هذه المدرسة لم تكن معروفة في المشرق، حيث كان التحليل السوسيولوجي للنصوص هو الغالب. قبل أن يقتحم جغرافيا المدرسة البنيوية مع رولان بارت، لما كان لهذا الأخير من حضور قوي في الساحة والدرس الجامعي بالمغرب وفرنسا. ويؤكد مترجم «البستان» لبول بولز أن ترجمته لكتاب بارت «النقد والحقيقة» أملاها دافعان: أولهما رغبة بارت بتغيير تقاليد الدراسات الجامعية بفرنسا، والانتقال بالدرس الأدبي الجامعي الفرنسي الى نقد النصوص أكثر من الاهتمام بالسياقات المنتجة والمحيطة بها؛ وثانيهما هو أن هذا الكتاب كان فرصة لتطوير الدراسة الجامعية للأدب نحو نافذة جديدة لتطوير الدراسات الأدبية بالجامعات المغربية.

الترجمة: بوابة
نحو ثقافات أرحب

ساعد إلمام الخطيب وإتقانه للغة الإسبانية في انفتاحه على المنجر الأدبي الإسباني ، وقد شكل الخطيب، بحق، بوابة كبرى لعبور هذا الأدب الى الساحة الأدبية المغربية والعربة، خاصة كتابات لويس بورخيس الذي ترجم له «الدنو من المعتصم»، وخوان غويتيصولو. وفي هذا السياق يؤكد أن اهتمامه بكتابات غويتيصولو غذته رغبة هذا الأخير الحثيثة في اكتشاف مناخات العالم العربي والإسلامي دون السقوط في فخ الاستشراق.
اهتمامه ببولز كان حاضرا على الدوام لأنه استمد العديد من أعماله من البيئة المغربية ومن محكيات أصدقائه، وجلها كانت منصبة حول الحياة العادية في المغرب ومن هنا جاءت ترجمته لـ «البستان».
اللقاء تطرق أيضا، للجانب الإبداعي في تجربة الخطيب عبر كتاباته القصصية (امرأة من ضوء، الزعيم، موت الشاعر) وهي قصص مستمدة من حيوات بعض الأشخاص، بالإضافة إلى اهتمامه بالنقد السينمائي،ورأيه في المشهد الثقافي اليوم الذي يعيش انحسارا قبل الوباء، بسبب اختفاء المجلات الثقافية الرائدة، متوقفا عن خفوت حدة الصراعات بين المثقفين اليوم والتي كانت تغذيها الإيديولوجيات، وتراجع المثقف المغربي عن قيادة والمساهمة في إغناء النقاش العام حول القضايا الكبرى.


الكاتب : حفيظة الفارسي

  

بتاريخ : 20/03/2021

أخبار مرتبطة

  قد تحمل الحرب الإسرائيلية الجارية علnى قطاع غزة  المفكر المغربي المعروف عبدالله العروي على التفكير في كتابة الجزء الخامس

تعني الكتابة في ما تعنيه، أن تتواجد في مكان آخر بينما أنت قابعٌ في مكان مّحدد المعالم، أي أن تكون

يرتقب أن تستقبل مؤسسة»أرشيف المغرب» معرضا خاصا بمسار عبد الواحد الراضي، القيادي الراحل في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وقبله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *