في لقاء الاتحاديين الفيدراليين

الفاتيحي: المخططات الاحترازية صانت الاقتصاد وتماسك المجتمع والحكومة مطالبة اليوم بصيانة كرامة المأجورين
مزواري: بلادنا تحتاج اليوم إلى جرعات من الأمل وخطاب الواقعية بعيدا عن أي تبخيس للأحزاب السياسية

 

احتضن رياض القائد بوبكر القاسمي بالجديدة فعاليات النشاط الثاني الذي يحتضنه فرع الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بذات المدينة، والذي كان أكثر وزنا وتأثيرا وتضمن رسائل غير مشفرة وواضحة إلى الذين كانوا يظنون أن حزب القوات الشعبية قد أصبح جزءا من التاريخ منذ أكثر من أربع سنوات.
لقاء من طينة خاصة ضم وجوها فيدرالية اتحادية كانت قد غابت عن المشهد السياسي منذ سنوات وعادت وهي كلها استعداد للمساهمة في إعادة توهج الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بالجديدة الذي كانت ترتعد فرائص الخصوم بمجرد ذكر اسمه وذكر مناضليه.
حضر قطاع التعليم اللبنة الأساسية التي يقوم عليها حزب القوات الشعبية ، ولم يتخلف قطاع العدل الذي ظل لسنوات يقاوم كل الاعوجاجات كما كان لصوت الفوسفاط مكان كبير في قلوب المناضلين الاتحاديين الذين عاشوا لحظات التأسيس مع الأخ نوبير الاموي، شفاه الله، والأخ الحسين الكافوني، الذي قاد النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط لعقود، كما كان قطاع الطاكسيات الفيدرالي حاضرا بقوة وهو الذي يدافع من أجل إرساء ثقافة العدالة الاجتماعية بعيدا عن الريع، كما كان لحضور قطاع التجار والأعمال الحرة وقع خاص في لقاء الفيدراليين الاتحاديين الذين قرروا أن تكون انطلاقة المسيرة الاتحادية ونحن على أبواب الاستحقاقات السياسية الجماعية والبرلمانية.
اللقاء ترأسه أمين السملالي، نائب الكاتب العام للنقابة الوطنية للبريد والمواصلات وأطره كل من عبد الحميد الفاتيحي، الكاتب العام للفيدرالية الديمقراطية للشغل، وعضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي، ورئيس فريقه بمجلس المستشارين، والأخ المهدي المزواري،عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي.
وأكد أمين السملالي، في معرض افتتاحه لهذا النشاط، أن الاتفاق الذي تم مابين قياديي المركزية النقابية والمكتب السياسي أكد على عقد لقاءات محلية وإقليمية وجهوية لوضع الاتحاديين الفيدراليين في صورة الحزب الحقيقية بحكم ما يعرفه المغرب وعموم الدول من انهيار لمنظومة اقتصادية عاكستها جائحة كورونا، ورغم ذلك فقد قررت بلادنا الدخول في منظومة تجديد النخب عبر إجراء انتخابات عامة في القادم من الأيام٠
كلمة فرع الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بالجديدة، التي ألقاها الأخ عبد الفتاح فخري، أكدت أن الفرع لايسعه إلا أن يبارك هذه الخطوة الهامة التي جاءت في ظروف خاصة جدا تميزت قبل أيام بالتدخل العنيف لقوى الأمن لفض احتجاج الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد كما شهدت أيضا احتجاجات لمختلف القطاعات ومن بينها رفاقنا في البريد والمواصلات التي دامت أياما قبل أن ينتزعوا جزءا من المطالب، وعرف أيضا تغييرا مهما للقوانين الانتخابية وعلى رأسها القاسم الانتخابي الذي عارضه الحزب الأغلبي ضدا على إرادة المواطنين .
واعتبرت كلمة الفرع أن الحزب ظل لسنوات طويلة رافدا أساسيا للنقابة كما أن هذه الأخيرة ظلت تعتبر إلى يومنا هذا مشتلا لاستقطاب عدد كبير من الرفاق.
عبد الحميد الفاتيحي أكد في كلمته أن إسهام الاتحاديين والفيدراليين في مناقشة مشاريع القوانين التنظيمية المتعلقة بالمنظومة الانتخابية، يندرج في سياق حرص حزبنا التاريخي على أن تكون الأداة الانتخابية عاملا يعزز التراكم الديمقراطي ويفرز التمثيلية ذات المصداقية، ويطور المؤسسات السياسية ويعقلن العمل السياسي، هذا الحرص صاحبنا كحزب منذ استحقاقات سنة 1963، وعبر الاستحقاقات التي عرفتها بلادنا إلى الآن، يؤكد الاخ الفاتيحي، وأدبيات حزبنا في هذا المجال شاهدة على روح الابتكار التي طبعت مقترحات وتصورات حزبنا في هذا المجال، ونحن اليوم في زمن مفصلي ستلعب فيه المنظومة الانتخابية دورا جوهريا لتعزيز التعددية وتكريس الاختيار الديمقراطي استلهاما لروح دستور 2011 بمضمونه الديمقراطي والحقوقي، خاصة ونحن نناقش هذه المنظومة في ظل سياقات وطنية مؤسسة للمغرب الصاعد، المغرب المتعدد، المغرب المنفتح والمتسامح .
وأضاف الكاتب العام أن سياقا آخر أبانت فيه بلادنا عن الاستباقية والفعالية، المتمثل في مواجهة الجائحة، إذ تمكنت بلادنا من وضع المخططات الاحترازية الكفيلة بالتقليل من خطورة الوباء، بتعليمات من جلالة الملك ثم إحداث صندوق التضامن كوفيد 19، والذي مكن من التخفيف من التداعيات السلبية للجائحة على المقاولة الوطنية وعلى المواطنات والمواطنين، وبالتالي تمت صيانة قوة الدفع الاقتصادية والمالية والحفاظ على تماسك المجتمع من خلال المساهمة في مواجهة الهشاشة والخصاص الذي مس فئات واسعة من المجتمع.
وأضاف أنه لا يمكن ألا نشير، ونحن نناقش المنظومة الانتخابية، إلى الورش الكبير الذي فتحته بلادنا بتعليمات من جلالة الملك والمتمثلة في القانون الإطار المتعلق بتعميم الحماية الاجتماعية، إنه قانون يمكن المواطن المغربي من الاستفادة من التغطية الصحية والتقاعد والتعويضات العائلية والتعويض عن فقدان الشغل، إنه قانون منسجم مع المضمون الدستوري ويتجه إلى تعزيز كرامة المواطن المغربي.
تلك هي بعض سياقات مناقشة القوانين الانتخابية، والتي تعد في حد ذاتها ورشا أساسيا وهيكليا للعملية السياسية ببلادنا، وأداة أساسية لمواصلة التراكم الديمقراطي. يؤكد الفاتيحي، مضيفا أن القوانين التنظيمية للانتخابات تجيب عن كثير من الإشكالات وفي نفس الوقت تؤسس لأفق جديد للتعددية ببلادنا، فتعزيز مكانة المرأة بالرفع من المقاعد المخصصة لها، وإحداث الدوائر الجهوية على مستوى انتخابات مجلس النواب، وتعزيز موقعها في الجماعات الترابية، خاصة في مجالس العمالات والأقاليم من شأنه أن يخلق تراكما جديدا في التوجه نحو المناصفة، وفي نفس الآن يعزز مكانة بلادنا في المؤسسات الدولية.
إن توسيع حالات التنافي بين العضوية في مجلس النواب والجماعات الترابية التي يفوق عدد سكانها 300 ألف نسمة، ومع رئاسة مجالس العمالات والأقاليم، رغم احتشامها، خطوة نحو مزيد من تخليق الحياة السياسية.
إن تحسين العملية السياسية وتكريس المكتسبات الديمقراطية ليس رهينا فقط بالمنظومة الانتخابية، وإنما هو رهين أيضا بالسلوك السياسي للفاعلين السياسيين، وصدقية الخطاب السياسي في أدبياته ومرجعياته، لذلك فالنظام الانتخابي يمكن أن يكون أداة للتراكم الديمقراطي، كما يمكن أن يكون أداة لتكريس سلوكات الفساد والاستبداد وبالتالي فإن الإنسان هو من يصنع النظام الانتخابي ذاك المثال المؤدي إلى الديمقراطية٠
وأكد الفاتيحي، ككاتب عام للفيدرالية الديمقراطية للشغل، أن الغائب الأكبر لحد الآن عن الاهتمام الحكومي، هي المنظومة الانتخابية للأجراء، مضيفا أن انتخابات الأجراء تؤدي إلى مجلس المستشارين كمؤسسة تشريعية، لذلك من الضروري أن تحظى بنفس الأهمية التي تحظى بها باقي القوانين الانتخابية، مردفا أن انتخابات الأجراء في القطاع الخاص تفتقد بالمطلق إلى أي ضابط يحميها من الفساد، وتتم في الظلام بعيدا عن أعين المراقبة، على خلاف كل العمليات الانتخابية، فإن انتخابات الأجراء في القطاع الخاص لا تعرف لا مكاتب تصويت ولا رؤساء مكاتب تصويت ولا مراقبين ولا ممثلين للنقابات.
إنها مجرد عبث، وللأسف رغم أن الفيدرالية راسلت رئيس الحكومة من أجل مراجعة هذه القوانين، فقد تلقت ردين، الأول من وزارة الشغل والثاني من وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، يبقيان الأمر كما هو عليه.
إن الحاجة قائمة اليوم لمواجهة النصوص التشريعية والتنظيمية المؤطرة لانتخابات المأجورين في القطاعين العام والخاص، وإحداث التوازن الضروري بينهما، وحمايتها من الفساد والغش والتزوير.
واختتم مداخلته بدعوة الفيدراليين الاتحاديين إلى التعبئة الشاملة لمواجهة أي شكل من أشكال العبث بنتائج الاستحقاقات السياسية المقبلة .
من جهته أكد المهدي المزواري، عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي والمسؤول عن إقليم الجديدة، في معرض حديثه أن ما جاء في كلمة الفاتيحي كان شاملا وجامعا مؤكدا أن مشاريع القوانين الانتخابية تشكل خطوة جديدة إيجابية في تفاعلها مع مطالبنا ومطالب المواطنين، لا في ما يتعلق بحضور المرأة من داخل المؤسسات المنتخبة، ولا في ما يخص توسيع حالات التنافي، بالإضافة إلى تمكين الأحزاب من أدوارها كاملة وغير ذلك من الإصلاحات التي جاءت بها.
وأوضح المهدي المزواري في مداخلته، أن الرهان الأساسي عند كل استحقاق انتخابي، هو حجم انخراط المواطنين بما يحد من العزوف السياسي وتحقيق المواطنة و التشاركية والتمثيل الديمقراطي، وأضاف أن الديمقراطية هي توفر فضاء يسود فيه القانون وحقوق الإنسان، فالديمقراطية ثقافة وفكر ووعي وتقتضي أن يكون الإنسان في داخله ديمقراطيا.
وأكد أن القوانين الانتخابية بالقدر الذي تتطلبه من الثبات، في نفس الوقت يجب تقييم هذه القوانين والاجتهاد في وضع قواعد قانونية قادرة على تجاوز الإشكالات القائمة في الواقع وتقديم إجابات لها.
وشدد المتحدث على ضرورة التوجه صوب الاستحقاقات القادمة بكثير من المسؤولية في الخطاب والاجتهاد في جعل النقاش مؤسسا على البرامج والأولويات بعيدا عن التبخيس والتهجم على الأشخاص، موضحا أن الديمقراطية هي وسيلة متجددة تتطلب مع تطور المجتمع كثيرا من التواضع والاجتهاد، ويجب ربطها بالسلوك والفعل، فالأساس جعل الثقة مدخلا ومخرجا لكل تحالف مستقبلي.
ونوه المتحدث بالحركية التي تعرفها بلادنا على كافة الأصعدة والمستويات، بالرغم من تداعيات جائحة كورونا.
وخلص إلى أن بلادنا بقدر نجاحها في حملة التلقيح الوطنية، تحتاج اليوم إلى جرعات من الأمل وإلى خطاب الواقعية بعيدا عن أي تبخيس للأحزاب السياسية التي لعبت دورا كبيرا وعرفت نجاحا في تأطير المواطنين ومن بينها حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ونجحت في وضع قاطرة البلاد على الخيار الديمقراطي وتفضيل مصلحة الوطن أولا على مصلحة الحزب.
ودعا في الأخير مناضلي ومناضلات الاتحاد بالجديدة إلى وضع اليد في اليد من أجل بناء حزب جديد في مدينة ظلت لعقود مشتلا للنضال ومدرسة في الوطنية، كما دعا سكانها إلى احتضان شبابها ومرشحيها في الانتخابات المقبلة من أجل الدفاع عن مصالحهم ومصالح إقليم دكالة.

 


الكاتب : مصطفى الناسي

  

بتاريخ : 24/03/2021

أخبار مرتبطة

  بالنسبة لقارئ غير دروب بالمسافات التي قطعها الشعر المغربي الحديث، فإنّه سيتجشم بعض العناء في تلقّي متن القصائد الّتي

« القصة القصيرة الجيدة تنتزعني من نفسي ثم تعيدني إليها بصعوبة ، لأن مقياسي قد تغير ، ولم أعد مرتاحا

أكد على أن تعامل الحكومة مع القطاع ومهنييه يساهم في اتساع دائرة الغموض والقلق   أكد ائتلاف يضم عشر جمعيات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *