القانون 55.19 يمنح نفسا جديدا للعلاقة بين المرتفقين والإدارة العمومية  ويطوي صفحة التعقيدات والتشنج

أضحت الإدارة اليوم، مع المقتضيات الجديدة للقانون 55.19 الذي دخل حيّز التنفيذ، مطالبة بالدقة والسرعة والفعالية والنجاعة والانفتاح والتواصل بين مكوناتها أكثر من أي وقت مضى، من أجل دراسة ملفات وطلبات المرتفقين أشخاصا كانوا أو مقاولات، التي يتعين قبل ذلك تقديم وصولات تسليم بشأنها، والإجابة عنها في الحيّز الزمني المخصص لذلك، لكي لا تضيع مصالح المواطنين التي يعتبر عامل الزمن فيها أساسيا، سواء تعلق الأمر بالمشاريع الاستثمارية أو غيرها.
وبات المواطنون، وفقا للمادة 23، معفيين من التنقل بين الإدارات المختلفة من أجل جلب وثائق وضمها لملفهم/طلبهم، سواء تلك التي تدخل في مجال اختصاص الإدارة المتعامل معها بشكل مباشر أو التي يمكنها الحصول عليها من إدارات أخرى، والتي تعتبر ضرورية لمعالجة طلبات القرارات الإدارية، أخذا بعين الاعتبار أن هذه الخطوة سيتم تطبيقها باعتماد مبدأ التدرج، حيث سيتم تحديد لائحة الوثائق والمستندات المعنية بهذا المقتضى بنص تنظيمي، مع إعطاء الأولوية للقرارات الإدارية اللازمة لإنجاز المشاريع الاستثمارية، وهي الخطوة التي من شأنها تخفيف عبء كبير كان يوضع على كاهل المرتفق الذي يجد نفسه وسط دوامة إدارية عنوانها التيه والتخبط، والتي تكون لا نهاية لها في كثير من الأحيان.
قانون تبسيط المساطر الإدارية، الذي جاء ليطوي صفحة كان عنوانها التعقيدات الإدارية في كثير من الحالات، التي كانت مثار انتقادات متعددة ومطالب بالإصلاح، ويفتح أخرى تروم تحقيق انفتاح أكبر وضمان سلاسة مرفقية تعتمد الحكامة في تدبير كل صغيرة وكبيرة إداريا، تميزه 3 مراحل أساسية للتنفيذ، تمثل الأولى في وضع إطار منهجي من أجل إعداد الإدارات لتنزيل مقتضياته، وكذا إعداد مصنفات القرارات الإدارية من طرف الإدارات ثم نشر المساطر عبر البوابات الإلكترونية، فالمرحلة الثانية التي تخص تبسيط المساطر الإدارية، وأخيرا المرحلة الثالثة المتجسدة في رقمنتها وإدماجها مع المكونات التفاعلية للبوابة الوطنية.
وفي قراءة للقانون الذي تسري مقتضياته على جميع الإدارات التي تتولى دراسة الطلبات المتعلقة بالقرارات الإدارية التي يطلبها المرتفقون، والمتمثلة في الإدارات العمومية والجماعات الترابية ومجموعاتها وهيئاتها إضافة إلى المؤسسات العمومية وكل شخص اعتباري خاضع للقانون العام، إضافة إلى الهيئات المكلفة بمهام المرفق العام، يتبين على أنه يحتوي على 11 بابا، تتوزع ما بين الأحكام العامة والمبادئ العامة، مرورا بتوثيق القرارات الإدارية وتدوينها، وإيداع الطلبات المتعلقة بالقرارات الإدارية، فتحديد آجل معالجة الطلبات وتسليم القرارات بشأنها، مع اعتبار سكوت الإدارة بمثابة موافقة، وكذا تحديد طرق الطعن الإداري، فتبادل الوثائق والمستندات بين الإدارات، ثم البوابة الوطنية للمساطر والإجراءات الإدارية ومكونات اللجنة الوطنية فالأحكام الانتقالية والختامية في الأخير.
وتؤكد قراءة لبعض مواد هذا القانون على فلسفته التي تروم ترسيخ الثقة بين المواطن والإدارة، والقطع مع أساليب أضحت من الماضي، والعمل على تبسيط المساطر الإدارية مع الحرص على شفافيتها، ومراعاة التناسب بين القرارات الإدارية والوثائق والمعلومات المطلوبات للحصول عليها، والتأكيد على جودة الخدمات والتقريب الفعلي للإدارة من المرتفق. وتعتبر المواد 7 . 8 . 10 . 11 و 12 إلى جانب مواد أخرى من المفاتيح الأساسية لهذا التحول المرفقي التي جاءت لتصحيح عدد من الشوائب التي لطالما كانت مثار انتقادات من المرتفقين، والتي كانت موضوع خطابات ملكية متعددة التي وضعت الأصبع على مكامن الخلل المتعددة وشخّصت أعطاب الإدارة ودعت إلى «تمكين المواطن من قضاء مصالحه في أحسن الظروف والآجال وتبسيط المساطر وتقريب المرافق والخدمات الأساسية منه».


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 26/04/2021