اليوم الدولي لشجرة الأركان ، والتحية لورثة وحماة الشجرة المتميزة طوال أيام السنة

الاحتفال باليوم الدولي أو العالمي لشجرة الأركان لايتحقق إلا بالاحتفاء والاهتمام المادي والمعنوي بالسكان المرابطين والصامدين في كل مناطقه، والذين حموا الشجرة والبيئة بالأعراف القوية والحكيمة المعتمدة بينهم في علاقة بالزراعة وتنظيم الرعي ومناطقه وتحديد وقته ووقت جني المحاصيل والتمييز بين المشترك بين القبيلة أو القبائل وبين الأملاك الخاصة كإرث متوارث منذ قرون، إن منهم أبطالا ومقاومين واجهوا الاستعمارين الفرنسي والإسباني برفض الخضوع بالمواجهات المدنية والمسلحة .
هاجر منهم الكثير بحثا عن مورد إضافي قار للعيش لأنهم عانوا من التهميش وقلة الاكتراث لعقود، ورغم ذلك أصبحوا هم الممول والمساند الوحيد لمن ترك بالبلد لحماية ورعاية وتثمين الموروث الطبيعي والثقافي والاجتماعي، وهم من ساهم منذ الاستقلال في شق الطرق وإصلاحها وحتى المساهمة في تعبيدها وبناء المدارس والمساجد وتمويل المدارس العتيقة والمراكز الصحية وحفر الآبار ..إلخ.
لابد هنا أن نشير إلى أن أي قانون يوضع تعلق الأمر بما يسمى المجال الغابوي أو البحري لابد أن يحترم ويراعي حقوق الملكية التاريخية الفردية والأسرية لساكنة تلك المناطق، ويحتفظ بنفس القوانين العرفية الجماعية المتوارثة عبر التاريخ في ما يخص تحديد الأملاك الخاصة وتدبير المجال الغابوي الجماعي المشترك بين القبيلة الواحدة أو أكثر من قبيلة …
إن أي خلخلة لأعراف المنطقة وتراثها ومكونات هويتها وضمانات استمرارها سيتسبب في المساس بالاستقرار السكاني، وقد يتسبب في مشاكل ومنازعات قانونية، وسيضيق على الفضاءات المتواجدة بها التجمعات السكانية من مداشر ودواوير التي قد تجد نفسها في أشباه جزر سكنية وسط أرض أصبحت تسمى غابة …
فأن يطالب السكان بإعداد شهادة الاستمرار لإخراج أرضهم مما أصبح ما بعد تشريع وضع سنة 1999 لتحديد الملك الغابوي .. يتطلب « مسطريا « استخراج وثيقة من الإدارات المعنية التي منها إما الجماعة أو إدارة المياه والغابات …إلخ تشهد بأنها غير تابعة للوزارة المعنية مما يجعل إعداد تلك الوثيقة في حكم المستحيل بسبب ذلك القانون، الذي يحتاج إلى تقويم وتصحيح لتدارك الثغرات التي أثارت نقاشا واحتجاجات وتظاهرات مدنية مطلبية بالاقاليم والجهة ووطنيا …
فكيف يستقيم أن تحرم ساكنة من حقها في استصدار وثيقة استمرار تثبت توارثهم واستغلالهم لتلك الأراضي أبا عن جد بطريقة يستحيل معها التزوير أو التحايل لأن لكل أسرة أملاكها المحددة والمعروفة عند الجميع، ولكل قبيلة أملاكها المشتركة كذلك، إنهم استقروا منذ قرون ما قبل الإسلام إلى اليوم في مناطق سوس العليا وسهل سوس ..، إن القبيلة في الأصل، كما هو معروف، أسرة واحدة في أصلها، فمن حفظ املاكه سابقا يفلت من هذا التقنين ومن لم يحفظ من إخوته وأبناء عمومته أو أخواله نصيبه من الإرث المشترك فقد إرثه من والده أو أجداده ؟؟
فالمطلوب تنمويا وديموقراطيا الاستماع للتنسيقيات الممثلة للسكان وللجماعات الترابية المعنية ومراعاة مطالبهم المشروعة وتشكيل منظومة جديدة لتدبير المشترك يكون فيها أصحاب الحقوق والدولة يضمنون معا حسن التدبير والتعاون في انسجام مع حماية التراث اللامادي، الذي جوهره الأعراف والعقود والعهود المؤطرة لبلدان وأراضي سوس قاطبة، على سبيل المثال، مع تأهيل تلك المناطق وتطوير برامج تثمين الدخل والمنتوجات المحلية وتشجيع الفلاحة الملائمة للمنطقة ومناخها وتطوير منظومة الرعي والمنتوجات الحيوانية الطبيعية…إلخ.
إن الاحتفال ياليوم الدولي للأركان يجب أن يكون محملا بالخير والمشاريع الضامنة للاستقرار والمحافظة على الموروث بالعرف والتقاليد، تعلق الأمر بالثقافة والاقتصاد وتدبير المجال ليس باعتباره مناطق خلفية لمركز الجهة أو عواصم الأقاليم بل باعتباره امتدادا للعمق المغربي، الذي أعطى للمدن قيمة بهجرات أفادت إيجابا كل المدن المغربية في عوالم التجارة والمال والأعمال والعلوم الشرعية والأدب والوطنية والمقاومة، وباعتبار سكانه المستقرين به حماة مباشرين للأراضي المغربية عير التراب الوطني كله .
فتحية احترام وتقدير للذين ارتبطوا بموطن الأجداد وحموا الأرض والشجر قرونا عديدة حتى اقتنع من اقتنع بأن يحدد يوم دولي لشجرة الأركان ، والذي هو بالنسبة للساكنة غير كاف لأن الشجرة عندهم والأرض يحتفى بهما على مدار أيام السنة .


الكاتب : مصطفى المتوكل الساحلي

  

بتاريخ : 12/05/2021