بوبكر لاركو : سنكون من بين المطالبين والمرحبين بإطلاق ما بقي من معتقلي الرأي والحركات الاحتجاجية في أفق الاستحقاقات المقبلة

كيف ترى الوضع الحقوقي بالمغرب بعد دستور 2011؟

لقد كان أملنا كبيرا بعد أن نص دستور 2011 على مجموعة من المطالب التي تبنتها المنظمة المغربية لحقوق الإنسان والحركة الحقوقية عموما، والتي تضمنتها مذكرتها بهذا الخصوص، ورغم إعمال الكثير من هذه المقتضيات الدستورية، والتي من بينها إعطاء نفس جديد للعديد من المؤسسات التي تهم مجال حقوق الإنسان، والتي منها المجلس الوطني لحقوق الإنسان ووسيط المملكة والعديد من الهيئات وأيضا فصل السلط وإصلاح منظومة القضاء والصحافة والإعلام، كما أننا استبشرنا خيرا بتبني الحكومة لخطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان، التي جاءت لتجاوز التأخير الحاصل في عملية الإعمال وملاءمة القوانين مع المستجدات الدستورية وكذا مع الاتفاقيات الدولية، التي صادق عليها المغرب، سواء قبيل المصادقة على الدستور أو بعده، إلا أنه رغم كل المكتسبات التي راكمناها بقيت العديد من المقتضيات الدستورية دون إعمال إلى جانب عدم مصادقة البرلمان على العديد من القوانين، التي تعتبر جوهرية بالنسبة لنا كحقوقيين، وأخص بالذكر منها مشروع القانون الجنائي، الذي يتضمن العديد من المقتضيات المرتبطة بعدم التكرار، والتي نص عليها الدستور، وعلى سبيل الذكر الفصل 20 (الحق في الحياة بإلغاء عقوبة الإعدام التي تعتبر من توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة) والفصل 23 (الذي نص على تجريم الاعتقال التعسفي أو السري أو الاختفاء القسري وتجريم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وكافة الانتهاكات الجسيمة والممنهجة لحقوق الإنسان… إلى جانب مشروع المسطرة الجنائية بتضمينه جميع الإجراءات والتدابير، التي جاءت بها خطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان، وكذا ملاءمتها مع المستجدات المرتبطة بالمحاكمة عن بعد لضمان شروط المحاكمة العادلة، فضلا عن إعمال وتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية ومبدأ عدم الإفلات من العقاب ومبدأ المساواة بين الرجل والمرأة والسعي الحقيقي نحو المناصفة، وكذا تحيين القانونين المؤطرين لتأسيس الجمعيات والتظاهر والتجمع السلميين بملاءمتهما مع الاتفاقيات الدولية وإعمالا لتوصيات اللجن الخاصة بالاتفاقيات التعاقدية وغير التعاقدية، والتي من بينها الاستعراض الدوري الشامل، وأيضا مع التدابير والإجراءات التي جاءت بها خطة العمل السابقة الذكر إلى جانب قانوني الهجرة واللجوء، اللذين لم يراوحا مكانهما منذ سنة 2014 رغم وجود تراكمات مهمة في هذا المجال، وإذا كانت هذه الحقوق لا تستلزم ميزانية ضخمة فإنه على الدولة بذل مجهودات جبارة من أجل تجويد التعليم العمومي والرفع من ميزانية الصحة وتمتيع المواطنات والمواطنين بالحماية الاجتماعية والسكن اللائق والبيئة الملائمة والتنمية المستدامة، فالورش الحقوقي سيبقى دوما مفتوحا خاصة وأن هناك، دائما، مستجدات وقضايا جديدة.

عرف المغرب ككل دول العالم جائحة كوفيد 19، كيف تقيمون الوضع الحقوقي بالبلاد خلال الجائحة؟

لقد مرت البشرية بتمرين عصيب خلال العصر الحديث، حيث عرف العالم انتشار وباء لم تكن أعراضه معروفة ألا وهو فيروس كورونا المستجد، مما دفع المنظمة العالمية للصحة إلى اعتباره جائحة، إذ لم تبدأ المفوضية السامية لحقوق الإنسان وكذا الآليات الأممية الأخرى بإصدار التوجيهات والمبادئ والتوصيات، التي يجب الأخذ بها من طرف الدول، إلا مع بداية شهر أبريل، أي بعد مرور أكثر من شهر من اعتبار كورونا جائحة وأكثر من أربعة أشهر من ظهور هذا الفيروس.
وقد اتخذت الدولة إجراءات قاسية لكون الجائحة تهدد أهم حق ألا وهو الحق في الحياة، في إطار ما تقره العهود والاتفاقيات الدولية وكذا المبادئ والتوجيهات التي أشرنا إليها، حيث تم تجميد التمتع ببعض الحقوق كالحق في التنقل والتجمع والتظاهر، مما أدى إلى بعض ردود الفعل أمام عدم إمكانية العيش لفئات مجتمعية هشة، رغم المجهودات التي قامت بها الدولة عبر الدعم الاجتماعي وتوفير جميع المنتوجات الضرورية للعيش، وكذا المواد الصحية للحفاظ على الصحة، وتقنين الأثمنة… إلى جانب بعض التجاوزات التي قامت بها بعض السلطات التي عاشت تمرينا حقيقيا بعد احتكاكها المباشر مع المواطنات والمواطنين، وهذا ما جعل المنظمة المغربية لحقوق الإنسان ترصد وتتابع ذلك وفق مقاربة حقوقية، وأصدرت في هذا الإطار تقريرا تحت عنوان “من أجل مقاربة حقوقية لتدبير الأزمات: جائحة كورونا ” كوفيد 19″ حالة المغرب نموذجا”، والذي سجل المجهودات التي بذلتها الدولة ووقف عند التوجيهات والمبادئ التي سطرتها المفوضية السامية لحقوق الإنسان مع رصد الاختلالات والخروج بحوالي مائة توصية من أجل الاستفادة منها في تعزيز استراتيجيات مواجهة الأزمات مستقبلا.
o المغرب مقبل على تحديات كثيرة واستحقاقات انتخابية … هل أنتم مع اتجاه اتخاذ قرارات من أجل انفراج سياسي وحقوقي لتعزيز الجبهة الداخلية؟
n لقد سجلت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، بارتياح، إطلاق أكثر من خمسة آلاف سجين بظهور الجائحة، حيث طالبت بذلك في بياناتها ومناشداتها، ليأتي العفو الملكي ليضيف مئات المعتقلين خلال مختلف المناسبات الدينية والوطنية كان من بينهم العديد من المعتقلين على إثر الحركات الاحتجاجية التي عرفتها عدة مدن مغربية خلال الأعوام الثلاثة الماضية، والتي استبشرنا بها خيرا آملين الطي النهائي لملف معتقلي الحسيمة وغيرها من المناطق، التي عرفت حركات احتجاجية مطلبية تهم الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، أمام هذا سنكون من بين المطالبين والمرحبين بإطلاق ما بقي من معتقلي الرأي والحركات الاحتجاجية في أفق الاستحقاقات المقبلة من جهة، ورص صفوف الجبهة الداخلية لبلادنا أمام التحديات التي تواجهها بسبب الجوار المحيط بها.

رئيس المنظمة المغربية
لحقوق الإنسان


الكاتب : حوار: عبد الحق الريحاني

  

بتاريخ : 26/05/2021