بنموسى يقدم للملك خارطة الطريق نحو الزلزال السياسي المأمول

عبد الحميد جماهري

كيف استقبل الملك عمل لجنة النموذج التنموي؟

عندما أعلن ملك البلاد عن حاجة المغرب إلى نموذج عيش جديد للبلاد والعباد كان جلالته قد طلب من الرئيس ومن اللجنة أن يتحليا بكل الجرأة والموضوعية، و«تسمية الأمور بمسمياتها، دون مجاملة أو تنميق، واعتماد حلول مبتكرة وشجاعة، حتى وإن اقتضى الأمر الخروج عن الطرق المعتادة أو إحداث زلزال سياسي»!
هل توصل العقل الجماعي والذكاء المغربي الحامل له، إلى تقديم وصفة الزلزال السياسي لملك البلاد، أول أمس بقصر فاس؟
للجواب لا بد من العودة إلى نوعية الاستقبال، الذي خص به الملك تقرير اللجنة.فكيف استقبل ملك البلاد عمل اللجنة التي أحدثها لكي تنظر، بالتشريح والقراءة الموضوعية، لأسباب تهاون نموذجنا السابق في الاستجابة لمطالب المغرب، وتنظر بالاستشراف والتطلع، لبناء نموذج جديد لمغرب الخمس عشرة سنة القادمة ؟
وبلغة أخرى:هل وجد الملك الزلزال الذي انتظره من اللجنة المكلفة ؟
يبدو ذلك جليا، ودليلنا هو لغة بلاغ الديوان الملكي الخاص بالمناسبة، وللتدقيق في الجواب لا بد من العودة إليه.
في البلاغ تحديد لطبيعة هذا النموذج، وجواب على جزء من الأسئلة التي كانت تدور حوله أو في عمقه: أي هل سيكون النموذج التنموي نموذجا اقتصاديا بالدرجة الأولى، أم سيكون ذا طبيعة سياسية محضة، أم تراه نموذجا لقطيعة شاملة في أولويات الدولة المغربية الاجتماعية… إلخ.
وعوض أن يسقط في الابتسار والاختزالية، جاء النموذج »بمرحلة جديدة في توطيد المشروع المجتمعي، الذي يقوده جلالة الملك؛ ويشمل أيضا تعزيز الارتباط بقيم المواطنة الإيجابية والفاعلة، وتقوية الشعور بالانتماء إلى الأمة، وتأكيد الشخصية التاريخية والثقافية المغربية، الغنية بتاريخها العريق، والمتميزة بالانفتاح، وبتعدد مكوناتها«.
وفي فقرة تجدد السقف الحضاري والمجتمعي الشامل المنتظر من هذا النموذج.هل قامت اللجنة بالعمل المنوط بها، وفق ما قدمه الملك في الخطابات ذات الصلة؟
يبدو أن الملك استقبل العمل بقبول حسن.
أولا:اللجنة قامت بتأطير جيد لأعمالها.
ثانيا: تمكنت من استكشاف وتدارس التحديات والتغييرات الجديدة التي نتجت عن جائحة .Covid-19
ثالثا: الملك هنأ اللجنة على «جودة العمل الذي تم إنجازه».
رابعا: احترام اللجنة الكامل للنهج التشاركي:أحزاب، وهيئات اقتصادية واجتماعية، ومنظمات غير حكومية، ومراكز للتفكير مواطنون ومواطنات …إلخ.
خاسا: الملك دعا اللجنة إلى نشر التقرير، وهو ما يبين الروح المطلوبة في تعميم مدركاته ومشتركاته على عموم المواطنين والمواطنات وكافة الفاعلين، وهو في شكله المؤسساتي دعوة إلى استمرار الحوار الوطني، الذي كانت قد طالبت به العديد من مكونات الأمة، ومن خلال جمعيات ذات رمزيات وطنية هامة…
وإلى ذلك، فهو يحيلنا على الأفق المنتظر منها، وما تشترك فيه أعمال اللجنة مع لجن سبق للملك أن أعطاها كشقيقات لها: لجنة هيئة الإنصاف والمصالحة، لجنة الجهوية، ولجنة مدونة الأسرة…
وينتظر أن يكون الوقع نفسه في المجتمع، والامتداد نفسه في حياتنا الوطنية..
وما زال التفاعل مع تقارير اللجن المذكورة حاضرا في المشهد الوطني، وتعود باستمرار، لأنها جزء من المغرب الحي، المغرب الذاهب إلى بناء نفسه بقوة وتجذر في المستقبل..
سادسا: اللجنة قدمت التقرير، وصار المطلوب هنا التصريف المؤسساتي، من خلال «تنفيذ توصياته.
»سابعا: اللجنة أجابت عن سؤال الما بعد، وهو سؤال كان يجول في أذهان كل المساهمين في النقاش القبلي.
مفاد السؤال هو كيف سننزل ونصرف التقرير والحمولة النموذجية فيه؟
قانون؟ مرسوم؟ برلمان؟ حكومة؟ وأين يبدأ العمل به وأين ينتهي عمل المؤسسات، من حكومة وأحزاب… إلخ؟
السؤال وجد جوابه في اعتماد «ميثاق وطني من أجل التنمية»، كإطار مرجعي مشترك لجميع القوى الحية في البلاد…، إضافة إلى دور مركزي للمؤسسة الملكية، في التصريف الميداني من خلال: «آلية للتتبع والتحفيز، تحت الإشراف السامي لجلالة الملك، مهمتها مواكبة الأوراش الاستراتيجية التي تندرج في الأفق الزمني الطويل وكذا دعم مسار التغيير»…

الكاتب : عبد الحميد جماهري - بتاريخ : 27/05/2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *