تناقضات رئيس حكومة إسبانيا!

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

«بيدرو خوطي» سانشيز .. ديلامانتشا!

عندما نرى مسؤولا إسبانيا يخوض حروبا لا معنى لها، ويختلق في الوقت نفسه لنفسه بروفايلا متناقضا، فإن أول ما يتبادر إلى الذهن ويقفز إلى المخيلة هو الفارس دونكيشوط ديلامانتشا.
وكذلك الحال مع السيد رئيس الحكومة الإسباني، بيدرو سانشيز عندما يتعلق الأمر بما هو ضد المغرب..
يمكن التعليق بالسخرية كما يمكن أن نعطيه تحويرا أدبيا، تليق به الكوميديا السياسية، أو التحليل السياسي.والمواقف المشابهة لها في قبيلته الفروسية.
يقر بيدرو سانشيز، وهو يواجه النزعة الاستقلالية لكاطالونيا، أن الحديث عن «استفتاء تقرير المصير في كاطالونيا عبث«، إن لم يقل استحالة سياسية وترابية، لا يرى محليا ما يعقلن المطالبة بها.
ذهب السيد الرئيس إلى حدود القول بأن الاستفتاء لتقرير المصير «حسابيا، مستحيل»، وأن ذلك مستحيل لأنه يفترض تغيير الدستور بنسبة معينة من الأصوات وهو أمر مستحيل…
بيدرو سانشير أضاف بأن «تحقيق تقرير المصير، كما يتصوره الانفصاليون، لا وجود له..»
كاااع
francamente
السيد بيدرو سانشيز، يحيل على دساتير ألمانيا وفرنسا التي تمنع الانفصال والاستقلال وكل ما قد يفضي إليه حق تقرير المصير المذكور من تفكك في الدول!
السيد الرئيس صرح للقناة السادسة، كما نقلت تصريحاته أوروبا بريس، «أن الإسبانيين كلهم يجب أن يستفتوا في مستقبل إسبانيا وكاطالونيا».
هل يمكن القيام باستشارة أخرى في هذا السياق؟
السيد الرئيس قال لا
السيد «بيدرو خوطي» قال أيضا: «لا يوجد أي دستور يسمح بتفكيك الأوطان».
طيب، هذا بيدرو سانشيز الأصل، أو كما هو الشخصية الأصلية في الرواية الشهيرة، السيد «ألونسو كيخانو»، في بلاده.
لماذا يصبح فارسا يحارب الطواحين عندما يتعلق الأمر بالمغرب، ويتحول إلى الفارس «دونكيخوطي»، المثير للشفقة وأيضا يحيل على التناقض الباطولوجي للنخبة الإسبانية تجاه المغرب ؟
لأنه بالفعل يقع في الخزي السقراطي..
فالسيد «بيدرو خوطي» يرى أن تقرير المصير في كاطالونيا عبث ولكنه بمجرد أن ينظر إلى جنوب المغرب، إلى جغرافيا الحنين الاستعماري، يعتلي فرسه، «روسينانتي» الأممي، ويلوح هو ونخبته بتقرير المصير، وبدور الأمم المتحدة فيه..ويرفض أن تغير أي دولة ولوكانت أمركيا الفدرالية موقفها من الانفصال.
السيد بيدرو يحيل على دستور بلاده، وعلى دستور دول أوروبية أخرى، منها ألمانيا نفسها التي تناهض المغرب في صحرائه وسيادته عليها…
وباسم الدستور يقول باستحالة تقرير المصير. بل إنه يذهب إلى حد القول بأن تقرير المصير حق لا وجود له…
إلا في المغرب!
طبعا طبعا..
وفي معرض حديثه الباقي، يقول السيد الرئيس إن الاستفتاء يجب أن يشمل الإسبان كلهم،
كذلك قال زعيمنا المفدى، وهو الوطني الكبير والذي لا يعوض، عبد الرحيم بوعبيد، للملك الراحل عند القبول باستفتاء نيروبي في 1981.
فـ«بيدرو خوطي»، لم يسبقنا في الوعي بأن قضية الوحدة الترابية هي قضية كل المواطنين:
المغاربة في المغرب
والإسبان في إسبانيا
والفرنسيون في فرنسا
والجزائريون في الجزائر.. وهلم شعوبا.
لكنه في وعيه الشقي، لم يكلف نفسه امتحان القناعات على ضوء التناقض الحاصل في ذاته، وهو يدافع عن دخول زعيم الانفصال إلى بلاده، وبتزوير رهيب يأخذ كل معناه اليوم على ضوء تناقضاته الدونكيشوطية، بل وضع لنفسه هويتين:واحدة للدفاع عن وحدة بلاده والأخرى لتفتيت وحدة الآخرين، وهذا هو جوهر الدونكيشوطية، بين ألونسو كيخانو وبين الدونكيخوطي ديلامانتشا..
بين المواطن البسيط الذي يحب قراءة روايات الفروسية والأمجاد، وبين الفارس الوهمي وهو يحارب الطواحين.. كان العبد الفقير لرحمة ربه قد كتب في أكتوبر 2020 بالضبط أن هناك ما يقيم الدليل على أن الدساتير في فرنسا -الفصل 89 من الدستور – و ألمانيا – الفصل 21 من الدستور- وفي أغلب الدول المتحضرة، تمنع الحديث عن أي استفتاء انفصالي، كما هو حال إسبانيا التي بلغت قوة الرد فيها حد اعتقال الداعين والمنظمين للاستفتاء.. فبالأحرى الدعوة إلى الانفصال من خلال تصنيف بلادنا كدولة احتلال..
بالنسبة لألمانيا، هناك واقعة قانونية قضائية، حدثت في 16 دجنبر 2016، عندما قررت المحكمة الدستورية قرارا يمنع أي استفتاء لتقرير المصير في ألمانيا كلها، وهو ما سمي أنذاك القضية (2BvR 349/16)، وقبل ذلك التاريخ بشهور قليلة، كانت المحكمة الإيطالية قد أصدرت حكمها 118/2015، بتاريخ 29 أبريل 2015 يحمل نفس المضامين،
وفي ترتيب أطراف المعادلة بين الوطن والديمقراطية ودولة الحق والقانون، سنجد أن «الطلب بإحداث تغيير في الوحدة الترابية للدولة والوطن» مرفرض مطلقا، «وإن كانت بعض الديمقراطيات، ومنها .. الديمقراطية الإسبانية، قد منحت للانفصاليين حق إعطاء الوعود بذلك، لكن الدستور منعهم من تطبيقه.. بكل بساطة!»..
إلى الدونكيشوطية المثيرة للسخرية، هناك ثقل أخلاقي يسمى الخزي السقراطي.
Deshonra socratica
بالإسبانية!

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 03/07/2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *