البقالي: الذهبية التي تعري الغابة!

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

أول ما تبادر إلى ذهني، عند ما تناهى إلي خبر حصول العداء المغربي سفيان البقالي على ذهبية الآلاف الثلاث، كانت كتاب الياباني هاروكي موراكامي، البورتريه الشخصي للكاتب كعداء المسافات الطويلة«….
قد يعود هذا التناص إلى المكان في الخبر والرواية، إذ هو واحد، اليابان، كبلد وطوكيو العاصمة التي تحتضن الأولمبياد…
البقالي يوجد، ضمنيا وسرديا، في فضاء كتاب الروائي الياباني، وبالتالي وجدت في الصدفة، ممرا ليتسلل إليه كبطل حقيقي.
في الكتابة كما في الرياضة، تكون الصرامة ضرورية مع النفس لتحقيق المكسب… فالكتاب هو سيرة الكاتب نفسه مع العدو، في المسافات الطويلة، وفي المسابقات، هناك كتابة بآلة الجسد نفسه، والصعود به إلى درجة البطولة في نظر شعب بالكامل.
البورتريه الذي يرسمه البقالي، ليس هو البورتريه الذي يرسمه الروائي الياباني..
هو جماعي لكيان وهو فردي في الحالة الثانية…
وفي حالة الكاتب كما في حالة الرياضي، كان المرور بالعزلة إجباريا، سفيان أبرز أنه عاش على وقع ضغوطات كبيرة قبل السباق، واضطر إلى أن يستقل بنفسه عن مواقع التواصل الاجتماعي سيما أنه كان يتوصل بالرسائل التحفيزية من قبل عدد هائل من المواطنين المغاربة، الذين كانوا يعبرون له عن ثقتهم فيه لتحقيق الحلم الأولمبي .
موراكامي يقول بدوره إن الذي تطلبته منه الكتابة هو بالضبط العزلة.والقدرة على جمع مميزات جسدية وذهنية، هي نفسها التي عبر عنها البقالي في حواراته:المثابرة، منذ 2016، القدرة على التركيز والموهبة .
تماما كما هي حالة الروائي في عزلته.
البقالي، كان هو الذهبية التي تعري الغابة.
لم نفهم المسؤولين المغاربة الذين صرحوا بأنهم ذهبوا إلى طوكيو بحثا …عن التجربة.
نحن لسنا في دورة تكوينية، بل نحن في دورة تأهيلية، تنافسية.
التجربة؟
البقالي ذهب اليها من قبل، ثم أحرز بعدها الذهب في اليابان البعيدة.
المسؤولون لم يقولوا لنا هل التجربة التي حصلوا عليها الآن
تجربة ذهبية
برونزية
فضية
أم تجربة يابانية في تفسير الأحلام الخاطئة؟
على كل، أعطى سفيان البقالي للمغاربة نصرا تنافسيا
جليل السباق.
وسيكون الواقع أفضل، لو أننا نعود إلى المغرب، لنضع سؤالا عريضا عن التجربة المغربية في تدبير ألعاب القوى، وتدبير السياسات الرياضية عموما، من واقع لا يسلم بالهزيمة ويبررها باكتساب التجربة..
السباق الذي فاز فيه البقالي، أصبح، في تجربته الفائزة، تعبيرا وكناية عن عمله كمواطن يريد أن يسعد شعبه.
لقد كانت بلاغته بسيطة وقصصية أيضا عندما قال: رأيت الرياضيين يُفْرحون شعوبهم، وأردت أن أفعل نفس الشيء….
يا للسمو!
نام وهو يحلم بقطعة فرح، يقتسمها مع أبناء شعبه..
من القمة إلى القاعدة
مثلما هو يوم العيد.
البطل، ألزم نفسه بمسؤولية هذا الفرح الجماعي..
لقد اكتشف نفسه، تماما كالروائي الياباني، واكتشف بأنه بطل عليه أن يلزم الجميع بضرورة تحقيق البطولة والفوز.

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 04/08/2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *