إعفاء‭ ‬في‭ ‬محله‭ ‬للرميلي

إلا‭ ‬حزب‭ ‬أخنوش‭ ‬وكأنه‭ ‬يعيش‭ ‬تحت‭ ‬سماء‭ ‬أخرى،‭ ‬جل‭ ‬البيضاويين‭ ‬استغربوا‭ ‬كيف‭ ‬يتم‭ ‬تعيين‭ ‬نبيلة‭ ‬الرميلي‭ ‬وزيرة‭ ‬للصحة‭ ‬ولم‭ ‬تمض‭ ‬سوى‭ ‬أيام‭ ‬على‭ ‬انتخابها‭ ‬عمدة‭ ‬للدارالبيضاء،‭ ‬هل‭ ‬يعي‭ ‬جيدا‭ ‬حزب‭ ‬اخنوش،‭ ‬الذي‭ ‬دفع‭ ‬باسمها‭ ‬للاستوزار،‭ ‬حجم‭ ‬المشاكل‭ ‬التي‭ ‬تنتظرها‭ ‬وهي‭ ‬تجلس‭ ‬على‭ ‬كرسي‭ ‬تدبير‭ ‬هذه‭ ‬المدينة؟‭ ‬قبل‭ ‬بسط‭ ‬الإجابة‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬السؤال‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نقف‭ ‬على‭ ‬عملية‭ ‬طرح‭ ‬اسمها‭ ‬لحيازة،‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت،‭ ‬منصب‭ ‬عمدة‭ ‬ومنصب‭ ‬وزيرة،‭ ‬لأن‭ ‬العملية‭ ‬تشي‭ ‬بأمر‭ ‬يثير‭ ‬التساؤل،‭ ‬فإما‭ ‬ان‭ ‬السيدة‭ ‬نبيلة‭ ‬‮»‬‭ ‬ماعرفاش‭ ‬آش‭ ‬باغا،‭ ‬أو‭ ‬غ‭ ‬سامعة‭ ‬على‭ ‬المناصب‭ ‬وبالتالي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬كان‭ ‬‮»‬‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬حزبها‭ ‬‮»‬‭ ‬ما‭ ‬متبعش‭ ‬آش‭ ‬طاري‭ ‬‮»‬‭ ‬،‭ ‬أو‭ ‬ربما‭ ‬هي‭ ‬نزوة‭ ‬غرور‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬الحزب،‭ ‬إذ‭ ‬ربما‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬لديه‭ ‬حل‭ ‬جاهز،‭ ‬سواء‭ ‬للمدينة‭ ‬أو‭ ‬للوزارة،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فلا‭ ‬يهم‭ ‬الجمع‭ ‬بين‭ ‬المسؤوليتين‭ ‬من‭ ‬لدن‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أعضائه‮ ‬‭!‬
يعرف‭ ‬هدا‭ ‬الحزب‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬غيره‭ ‬أنه‭ ‬مجمع‭ ‬للمنعشين‭ ‬العقاريين‭ ‬الكبار،‭ ‬التجار‭ ‬وأصحاب‭ ‬المصانع‭ ‬ومقاولات‭ ‬الخدمات‭ ‬وما‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬القطاعات‭ ‬المدرة‭ ‬للملايير،‭ ‬فلا‭ ‬داعي‭ ‬لأن‭ ‬يشرح‭ ‬له‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬دلالات‭ ‬تدبير‭ ‬مدينة‭ ‬أرادها‭ ‬ملك‭ ‬البلاد‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬عاصمة‭ ‬المال‭ ‬والأعمال،‭ ‬لقد‭ ‬أفرد‭ ‬الملك‭ ‬في‭ ‬خطابه‭ ‬الموجه‭ ‬للبرلمان‭ ‬سنة‭ ‬2013‭ ‬حيزا‭ ‬مهما‭ ‬للدارالبيضاء،‭ ‬وأبرز‭ ‬بأن‭ ‬الدولة‭ ‬تريدها‭ ‬أن‭ ‬تصبح‭ ‬عاصمة‭ ‬تضاهي‭ ‬باقي‭ ‬عواصم‭ ‬العالم،‭ ‬ونقطة‭ ‬جذب‭ ‬للاستثمار‭ ‬لتلعب‭ ‬دورها‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬إن‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الإقليمي‭ ‬أو‭ ‬الدولي،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬شخص‭ ‬أوضاعها‭ ‬واصفا‭ ‬إياها‭ ‬بمدينة‭ ‬التناقضات،‭ ‬فهي‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬مدينة‭ ‬الأبراج‭ ‬ومدينة‭ ‬دور‭ ‬الصفيح‭ ‬والهشاشة‭. ‬لم‭ ‬يكتف‭ ‬الملك‭ ‬بالكلام‭ ‬والتوجيه‭ ‬بل‭ ‬خصص‭ ‬لها‭ ‬برنامجا‭ ‬تنمويا‭ ‬بغية‭ ‬النهوض‭ ‬ببنيتها‭ ‬التحتية،‭ ‬واستقبلت‭ ‬سيلا‭ ‬من‭ ‬الأموال‭ ‬بلغ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬3600‭ ‬مليار‭ ‬سنتيم‭ ‬لبلوغ‭ ‬الهدف‭ ‬المنشود،‭ ‬أمام‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬كنا‭ ‬ننتظر‭ ‬أن‭ ‬تقدم‭ ‬الأحزاب‭ ‬خيرة‭ ‬أطرها‭ ‬لتدبير‭ ‬المدينة‭ ‬وتحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬المشروع‭ ‬التنموي،‭ ‬دفع‭ ‬لنا‭ ‬حزب‭ ‬العدالة‭ ‬والتنمية‭ ‬بالعماري‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يشيد‭ ‬حتى‭ ‬مرحاضا‭ ‬بل‭ ‬ذهب‭ ‬به‭ ‬الكبر‭ ‬إلى‭ ‬الإحجام‭ ‬عن‭ ‬الحضور‭ ‬لمأساة‭ ‬درب‭ ‬مولاي‭ ‬الشريف‭ ‬حينما‭ ‬هوت‭ ‬المنازل،‭ ‬إثر‭ ‬الفيضان،‭ ‬على‭ ‬رؤوس‭ ‬العباد،‭ ‬وبالمناسبة‭ ‬فالعماري‭ ‬حصل‭ ‬على‭ ‬جل‭ ‬مناصبه‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬الحي،‭ ‬ويأتي‭ ‬حزب‭ ‬الأحرار‭ ‬بالذي‭ ‬كان‭ ‬يدبر‭ ‬شؤون‭ ‬المدينة‭ ‬برفقة‭ ‬العماري‭ ‬ويدفع‭ ‬بنبيلة،‭ ‬قلنا‭ ‬إنه‭ ‬حزب‭ ‬يضم‭ ‬مديري‭ ‬المقاولات‭ ‬ولاشك‭ ‬أن‭ ‬اختياره‭ ‬سيكون‭ ‬في‭ ‬مستوى‭ ‬التطلعات‭ ‬لكن‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬نزلت‭ ‬الأخبار‭ ‬التي‭ ‬تقول‭ ‬إنها‭ ‬قد‭ ‬أصبحت‭ ‬وزيرة،‭ ‬فكان‭ ‬السؤال‭ ‬العفوي‭: ‬كيف‭ ‬ستوفق‭ ‬هذه‭ ‬السيدة‭ ‬بين‭ ‬المنصبين،‭ ‬قطاع‭ ‬الصحة‭ ‬وما‭ ‬أدراك‭ ‬ما‭ ‬قطاع‭ ‬الصحة‭ ‬والدار‭ ‬البيضاء‭ ‬وما‭ ‬أدراك‭ ‬ما‭ ‬الدارالبيضاء‭ ‬؟‭ ‬
نبيلة‭ ‬يلزمها‭ ‬أن‭ ‬تجلس‭ ‬للدارالبيضاء‭ ‬جلوسا‭ ‬حقيقيا،‭ ‬فما‭ ‬ينتظرها‭ ‬هو‭ ‬أجلّ،‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬حزبها‭ ‬قدم‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬البديل‭ ‬المنتظر،‭ ‬فالحقيقة‭ ‬المرة‭ ‬أن‭ ‬نبيلة‭ ‬دخلت‭ ‬على‭ ‬مدينة‭ ‬تعيش‭ ‬حالة‭ ‬‮»‬‭ ‬فاييت‭ ‬‮»‬‭ ‬،‭ ‬ويكفي‭ ‬هنا‭ ‬أن‭ ‬نراجع‭ ‬معها‭ ‬بعض‭ ‬الأرقام،‭ ‬ولنبدأ‭ ‬من‭ ‬داخل‭ ‬الجماعة‭ ‬نفسها،‭ ‬فديون‭ ‬الموظفين‭ ‬بخصوص‭ ‬الترقية‭ ‬الإدارية‭ ‬بلغت‭ ‬21‭ ‬مليار‭ ‬سنتيم،‭ ‬قرض‭ ‬البنك‭ ‬الدولي‭ ‬لفائدة‭ ‬العاصمة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬يبلغ‭ ‬200‭ ‬مليار‭ ‬سنتيم،‭ ‬القرض‭ ‬من‭ ‬صندوق‭ ‬التجهيز‭ ‬الجماعي‭ ‬بلغ‭ ‬الخطوط‭ ‬الحمراء،‭ ‬تكلفة‭ ‬الطرامواي‭ ‬عندما‭ ‬تنتهي‭ ‬الخطوط‭ ‬الأربعة‭ ‬ستصل‭ ‬إلى‭ ‬32‭ ‬مليار‭ ‬على‭ ‬نبيلة‭ ‬أن‭ «‬تقورها‭» ‬على‭ ‬رأس‭ ‬كل‭ ‬سنة،‭ ‬الأحكام‭ ‬القضائية‭ ‬المترتبة‭ ‬على‭ ‬الجماعة‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬8‭ ‬ملايير‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬سنة‭ ‬،‭ ‬الباقي‭ ‬استخلاصه‭ ‬من‭ ‬المستحقات‭ ‬الجماعية‭ ‬تعدى‭ ‬1000‭ ‬مليار‭ ‬‮..‬‭ ‬هدا‭ ‬غيض‭ ‬من‭ ‬فيض‭ ‬الأرقام‭ ‬المهزلة‭ ‬التي‭ ‬ستجدها‭ ‬على‭ ‬مكتبها،‭ ‬ما‭ ‬يتطلب‭ ‬منها‭ ‬الإسراع‭ ‬بخلق‭ ‬إدارة‭ ‬جبائية‭ ‬في‭ ‬مستوى‭ ‬الانتظارات،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬تتطلبه‭ ‬الحكامة‭ ‬الجيدة،‭ ‬وبالمناسبة‭ ‬فالملك‭ ‬في‭ ‬خطابه‭ ‬المذكور‭ ‬أمام‭ ‬البرلمان،‭ ‬وضع‭ ‬أصبعه‭ ‬على‭ ‬موضوع‭ ‬الحكامة‭ ‬التي‭ ‬تفتقدها‭ ‬عملية‭ ‬تدبير‭ ‬الدارالبيضاء‭ ‬،‭ ‬وعندما‭ ‬تتفضل‭ ‬نبيلة‭ ‬وتبدأ‭ ‬بحل‭ ‬المعضلة‭ ‬المالية‭ ‬لن‭ ‬تجد‭ ‬الراحة‭ ‬لأنها‭ ‬عندما‭ ‬ستطل‭ ‬من‭ ‬نافدة‭ ‬سيارتها،‭ ‬ستجد‭ ‬أن‭ ‬مدينتنا‭ ‬غارقة‭ ‬في‭ ‬الفوارق‭ ‬وانعدام‭ ‬العدالة‭ ‬المجالية،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬أيضا‭ ‬وقف‭ ‬عليه‭ ‬الملك‭ ‬في‭ ‬خطابه،‭ ‬فكم‭ ‬سيكفيها‭ ‬من‭ ‬مشروع‭ ‬لتذويب‭ ‬ولو‭ ‬قليل‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الفوارق،‭ ‬ومسح‭ ‬ولو‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬الغبن‭ ‬المخيم‭ ‬على‭ ‬الأحياء‭ ‬البعيدة‭ ‬بمسافات‭ ‬عن‭ ‬مكتبها،‭ ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬السؤال‭ ‬مطروحا‭: ‬كيف‭ ‬كانت‭ ‬ستوفق‭ ‬بين‭ ‬علاج‭ ‬الدارالبيضاء‭ ‬وعلاج‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة؟


الكاتب : العربي‭ ‬رياض

  

بتاريخ : 16/10/2021