سياسيون وأكاديميون وباحثون يتدارسون في ندوة «العالم مابعد كوفيد 19:  نحو روح جديدة لمنطقة البحر الأبيض المتوسط»

 

 

في إطار الأنشطة الموازية للدورة العاشرة للمهرجان الدولي لسينما الذاكرة المشتركة بالناظور، نظمت ندوة فكرية حول « العالم بعد كوفيد 19:  نحو روح جديدة لمنطقة البحر المتوسط».
شارك في هذه الندوة فعاليات سياسية وأكاديمية وفنية وطنية ودولية، أثرت النقاش حول هذا الموضوع ذي الراهنية العالمية بحضور عدد كبير من الجمهور والطلبة الجامعيين بهذه المدينة.
لقد أجمعت الفعاليات المشاركة على أن جائحة كوفيد 19، كانت لها تداعيات كبيرة على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحتى على مستوى العلاقات الدولية، دون أن ننسى انعكاساتها الوخيمة على العلاقات الاجتماعية والروابط السائدة في الحياة اليومية والأنظمة الصحية في الدول التي وجدت نفسها أحيانا أمام العجز التام لمواجهة هذا الخطر الداهم.
وأكدت هذه الفعاليات أن العالم لم يبق مكتوف الأيدي أمام هذا الخطر الصحي غير المسبوق في العالم، حيث سارع لمواجهة هذا الفيروس المتحول والمتحور بالبحث عن اللقاح لوضع حد لانتشار الوباء، كما كانت هناك عدة إجراءات واحتياجات صحية أثرت على جميع مناحي الحياة اليومية للمواطنين.
وأبرزوا أن أزمة كوفيد 19 كان لها الأثر السلبي على عدد من الأسر التي فقدت دخلها اليومي حيث تم الإجهاز على عدد من الشركات والمؤسسات الاقتصادية وضاعت عدد من مناصب الشغل، وأصبحت هذه الأسر في هشاشة ووضعية اجتماعية مزرية.
لقد استشعر العالم حين تفاقمت أزمة كوفيد 19، وتطورت بشكل مخيف ومرعب وحصدت عددا من الأرواح البشرية،  بضرورة التضامن والتماسك باعتبار أن الخطر خطر عالمي وليس خطرا قطريا أو يهم منطقة دون الأخرى.
واعتبر عبد السلام الصديق، رئيس المهرجان الدولي لسينما الذاكرة المشتركة كمسير لهذه الندوة، على أن هذه الندوة العلمية والفكرية عبارة عن منتدى لتبادل الأفكار واستكشاف السبل من أجل متوسط أكثر ازدهارا توحيدا وتعاونا ما بين دوله وأيضا أكثر تضامنا في ما بينهم ما بعد مرحلة كوفيد 19.
كما تعتبر الندوة فضاء للتفكير لمناقشة صيغ تجاوز تأثيرات وانعكاسات الوباء على مناحي الحياة وعلى المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية على بلدان منطقة البحر الأبيض المتوسط.
ومن جهتها اعتبرت نجاة بلقاسم، الوزيرة الفرنسية ذات الأصول المغربية، وابنة الناظور، أن أزمة كوفيد 19 علمتنا أن نخرج بدروس لنستفيد منها في حياتنا اليومية سواء كدول أو أفراد.
الدرس الأول بالنسبة لهذه المرأة الريفية التي تحدت كل الصعاب ليكون لها موطئ قدم على مستوى هرم السياسة الفرنسية، قيمة وقدرة التضامن الدولي والتضامن الاجتماعي لمواجهة الوباء، بمعنى أن التضامن كقيمة ضرورة ملحة لمواجهة التحديات الخطيرة وهزمها.
الدرس الثاني، الذي اعتبرته نجاة بلقاسم درسا بليغا، هو دور النساء المحوري في مواجهة الجائحة حيث كانت تتواجد النساء في الصفوف الأمامية لخوض الصراع مع الفيروس.
والدرس الثالث هو ضرورة الاهتمام بالمجال المعرفي والعلمي والأبحاث والدراسات والاهتمام بالتعليم للفتيات في كل دول العالم من أجل بناء الإنسان القوي المنتج.
ومن جانبه أكد الدكتور العراقي الحسين شعبان أن لكل شيء فلسفة وتاريخ، لذلك فلكل علم فلسفة وتاريخ، في إشارة دالة لتسخير العلوم والأبحاث في خدمة الحياة البشرية وتطورها وتنميتها وازدهارها.
واشترط الدكتور شعبان على أن الحياة البشرية محكومة بضرورة استتباب السلم والأمن والأمان وهذا مشروط أيضا بالاستقرار   ومواجهة ظواهر الاتجار في الأسلحة والاتجار بالبشر والجريمة المنظمة، والإرهاب، والاتجار في المخدرات، وإيصال اللقاحات والأجهزة الصحية ونبذ الحروب والنزاعات الدولية، التي تخلف ضحايا وهشاشة وفقر لبعض الدول التي تعاني الويلات والقهر الاجتماعي والإنساني داعيا إلى التمسك بالقيم والمبادئ الكونية المتعارف عليها والمحترمة لحقوق الإنسان وفي مقدمتها التضامن لدفع كل الأخطار التي تحدق بالبشرية في العالم.
ومن جهته أشار الدكتور عبد لله بوصوف، الأمين العام للمجلس الوطني للجالية، إلى أن الهجرة ظاهرة إنسانية لا أحد يستطيع إيقافها بأية وسيلة، وهي حرية الإنسان ضمن مكونات حقوقه العامة، وقد بين المهاجرون خلال مرحلة الوباء عن تضامن فعال على مستوى التحويلات المالية إلى البلدان الأصل وروح التعاون والتآزر، وكان لكل ذلك قيمة مضافة وانخراط إيجابي في مواجهة الجائحة.
وأكد بوصوف أن الهجرة كذبت كل التكهنات التي أبان عنها الخبراء، إذ عمل المهاجرون على جبهتين: جبهة بلدان الإقامة وجبهة البلدان الأصلية، مما يدل على أن موضوع الهجرة دائما في الصفوف الأمامية لمواجهة كل التحديات، كما أنها من العوامل الرئيسية التي أرست السلم العالمي، فالسلم يسود بسيادة الحوارات بين الشعوب والدول، وهذه الحوارات ساهمت فيها الهجرة بشكل كبير. موضحا في ذات السياق، أن المهاجرين ساهموا في مواجهة الجائحة.
وأكد عدد من المتدخلين في نفس الندوة أن الأمر يتعلق بمصالحة المتوسط مع تاريخه، تاريخ حافل بالحضارة والقيم الإنسانية المبنية على التضامن، لأن الحاجة ماسة إلى هذه القيم لمواجهة التحديات جماعيا بشكل مشترك خاصة التحديات المتمثلة في الهجرة والاتجار بالبشر والاحتباس الحراري ومحاربة الإرهاب وغير ذلك.


الكاتب : عبد الحق الريحاني

  

بتاريخ : 18/11/2021