بالفصيح … الشهيد بين براثن الإثارة الرخيصة

يونس مجاهد

نشرت صحيفة «الغارديان» البريطانية، ما سمته تحقيقا استنادا إلى مؤرخ تشيكي، يان كورا، مقالا، تحت عنوان «المعارض المغربي، المهدي بنبركة، كان جاسوسا».
نشر المقال الصحافي، جايزون بورك، المهتم بقضايا الإرهاب والشؤون الإفريقية، والذي اعتمد على القراءة الخاصة التي قدمها المؤرخ المذكور، لوثائق الاستخبارات التشيكية.
ما يهمنا في هذا الموضوع، هو تقييم المنهجية المهنية التي اعتمدها الصحافي، في التعامل مع هذه الاتهامات الخطيرة، التي ربما يجهل أن لها أبعادا وتبعات خطيرة، على ملف مازالت تنتظر عائلة الشهيد المهدي بنبركة ورفاقه والحركة التقدمية والحقوقية في العالم، الكشف عن المسؤولين عن اختفاء زعيم النضال الديمقراطي ومناهضة الاستعمار، ومعرفة ملابسات التخلص من جثة الشهيد.
ففي الوقت الذي يعنون مقاله بالتأكيد على أن بنبركة كان جاسوسا، يعود ويكتب في النص، من «المحتمل» أن يكون جاسوسا، وشتان بين التأكيد في العنوان، وبين الاحتمال في النص.
ومن المعلوم في أبجديات الصحافة، أن «الاحتمال»، ليس خبرا مؤكدا، غير أن هناك نوعا من الصحافة، وخاصة الفرنسية، تلجأ لهذا الأسلوب، عندما لا تتمكن من التأكد من صحة ما تنشر، وهو أمر مرفوض بصفة عامة في قواعد الصحافة وتقاليدها، في العديد من المدارس، خاصة الأمريكية.
ولا يشفع للصحافي أن ما نشره صدر عن مؤرخ مزعوم، لأن مثل هذه الاتهامات لقضية وشخص بهذا الحجم، تتطلب التمحيص والبحث والتقصي، وليس الاستخفاف، علما أن علاقات بنبركة مع المعسكر الاشتراكي، في إطار النضال من أجل التحرر من الاستعمار، كانت معروفة، والعاصمة التشيكية، كانت مركزا لعدة منظمات تشتغل في نفس الإطار، والبحث عن تمويل ودعم حركات التحرر، كان أمرا طبيعيا، كما هو الواقع اليوم، حيث تتلقى العديد من التنظيمات تمويلات من مصادر متعددة، في مشاريع حقوقية وتنموية ودراسية، ولا يعني أن مسؤوليها جواسيس للدول والجهات الممولة.
باعتراف يان كورا، رفضت العديد من الصحف العالمية نشر قراءته، لكن «الغارديان» وضعت ملف الشهيد بين براثن الإثارة الرخيصة، وهي تتعامل مع ملف حقوقي وسياسي، كان أولى بها أن تترفع عن الخوض فيه، بناء على قراءة تافهة لمؤرخ تافه، غير أن العقلية الميركانتيلية تغلبت على المهنية.

الكاتب : يونس مجاهد - بتاريخ : 03/01/2022

التعليقات مغلقة.