قلق بفرنساحول حرية الاعلام خلال الحملة الانتخابية

باريس يوسف لهلالي

مع اقتراب موعد الانتخابات التي ستشهدها فرنسا قي شهر ابريل المقبل، توجهت العديد من جمعيات الاعلاميين الى المرشحين في الانتخابات، وطالبتهم بالامتناع عن التحريض ضد الصحفيين وتسهيل مهمتهم في تغطية الحملة الانتخابية دون تمييز بينهم. وجاء هذا النداء بعد ان شهدت الحملة الانتخابية التي تشهدها فرنسا عدة اعتداءات مست ممثلي الاعلام خاصة في التجمعات التي ينظمها مرشح اليمين المتطرف العنصري أريك زمور، الذي اذانه القضاء الفرنسي عدة مرات بالعنصرية والتحريض على الكراهية. وشهدت كل تجمعاته اعتداءات على ممثلي الصحافة. بل انه لم يتردد بمناسبة تهاني نهاية السنة الى الصحافة في القول ان «ان الصحفيين مكروهين من طرف الفرنسيين» ووعد بتحريرهم من «العبودية الفكرية» إذا أصبح رئيسا. وهو لا يتردد في الدعوة الى كراهية الصحافيين، وهي الدعوة التي نرى انعكاساتها في تجمعات هذا المرشح من خلال التهديد والعنف الذي يتعرض له الصحافيون.
هذا المرشح المتطرف والذي عمل صحافي لعدة عقود، ويعرفه الجمهور كصحفي مثير للجدل يتبنى الاطروحات الشعبوية، يقوم اليوم بالتحريض ضد زملائه السابقين، وكل التجمعات التي أقامها شهدت تهديدا وعنفا جسديا دهم.
هذا العنف خلال تغطية الحملة الانتخابية والتجمعات التي ينظمها المرشحون للانتخابات الرئاسية، وهو الذي دفع المنظمات الممثلة لصحفيين وهيئات التحرير بالتوجه الى المرشحين لرئاسيات من اجل توفير الامن والظروف الملائمة للعمل.
زمور الذي يدعي معادات الصحافة والذي يتوجه الى أنصاره بالقول ان «الاعلام يكرهنا» فقد خلق منه الاعلام نجما إعلاميا وفتحت له أبوابها بقصد او غير قصد، يريد محاكات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي استعمل نفس التكتيك والتقنية لأثارة انتباه الاعلام، من خلال ترديد فظاعات ومواقف مستفزة سواء تجاه الهجرة او الدين او حتى التاريخ من خلال قلب الحقائق وسرد حكايات تلائم ما يريد بناه وسرده لانصاره كحقيقة بطريقة شعبوية. ويحاول تقليد ترامب من خلال الهجوم على الصحافة واعتبارها مسؤولة على التردي الذي تعيشه فرنسا. كما فرض نفسه على الاعلام من خلال العدد الكبير من الاخبار التي يدلي بها في الحقل الإعلامي، مما يجعل كل الأنظار تحوم حوله. بل الأكثر من ذلك يصبح هو من يحدد اتجاه النقاش والمواضيع التي يجب ان يتطرق لها المرشحون.
والتشبه بالمسؤول الأميركي دفع بهذا المرشح الفرنسي من أصول جزائرية الى اصدار كتاب « فرنسا لم تقل كلمتها الأخيرة بعد»، وذلك على غرار كتاب الرئيس الأميركي «عظيمة مرة أخرى»، ونشر الكتاب قبل الانتخابات الرئاسية، ويقدم نفسه هو الاخر انه خارج الطبقة السياسية. لكن المقارنة بين الشخصين تنتهي عند هذا الحد، رغم ان أريك زمور يريد الذهاب بها الى ابعد حد، وتحقيق نفس المفاجأة التي حققها دونالد ترامب الذي كان انتخابه مفاجأة للجميع.
لتذكير بالهجومات التي تعرضت لها الصحافة الفرنسية فهي كانت دائما مرتبطة بالأزمات، وفي عهدة الرئيس الفرنسي ايمانييل ماكرون الذي كانت علاقته بالصحافة جد معقدة في بداية ولايته، فان هذه الازمة تعقدت مع حركة السترات الصفراء، التي كانت تعتبر ان الصحفيين يدافعون على النظام القائم وانهم لا ينصفون هذه الحركة الاجتماعية اثناء تغطيتهم لأحداثها، التي كانت أحيانا تواجه حضور الإعلاميين بالعنف وابعادهم عن التظاهرات التي تقوم بها.
هذا العنف، تعرضت له الصحافة الفرنسية من طرف الدولة نفسها ولو بشكل رمزي ومن خلال قوانيين تحد من الحرية في العمل والتي ارادت فرض «قانون الامن العام «الذي يمنع الصحافة من تصوير الشرطة اثناء التجاوزات التي تقوم بها او ممارستها للقوة بشكل مفرط، وهي تجاوزات طبعت التظاهرات التي نظمتها السترات الصفراء التي تميزت بالعدد الكبير بالإصابات وسط المتظاهرين.
بالعودة الى حرية الصحافة بفرنسا والعنف الذي مورس على الصحافة اثناء هذه الحملة الانتخابية التي سوف تستمر حتى شهر ابريل المقبل، فان العنف لا يقتصر على أنصار المرشح زمور، والذي كان هو صاحب الرقم القياسي حيث كان العنف حاضرا في مختلف تجمعاته، فان العنف ضد الصحافة كان لدى بعض المرشحين الاخرين لهذه الانتخابات، رغم انه أحيانا ظل على مستوى اللفظ ولم ينتقل الى مستوى العنف الجسدي كما وقع مع أنصار ايرك زمور.
ممثلو الصحافة بفرنسا ذكروا المرشحين للانتخابات الرئاسية بفرنسا، بأهمية حرية التعبير كأحد المبادئ الأساسية للمنظومة الديموقراطية، واهمية قيام الصحافة بمهامها كاملة وهي تغطية الحملة الانتخابية في ظروف امنة بالنسبة للإعلاميين.
فهل سيعمل المرشحون بهذا النداء، ام ان التهديد والعنف سوف يطال الاعلام بفرنسا خلال هذه الحملة الانتخابية التي يوجد بها عدد من المرشحين المتطرفين سواء في الميني او في اليسار،

الكاتب : باريس يوسف لهلالي - بتاريخ : 21/01/2022

التعليقات مغلقة.