«هيومن رايتس ووتش»: العماء بسبق الإصرار والترصد!

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

ركزت المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان، في ردها على تقرير منظمة «هيومن رايتس ووتش» لسنة 2021 على الخلفية المتحكمة فيه، وهي خلفية تقول المندوبية، عن حق، منحازة ضد المغرب.
عندما كانت ووتش هيومن رايتش شريكا حقوقيا للمغرب، كانت تقاريرها تنتظر بفارغ الصبر، وكانت معتمدة في وقائع لها وجوهها ولها حضورها…
وفي الواقع، هذا تلخيص بليغ يكشف أن المنظمة الحقوقية، لا تنحاز فقط ضد بلادنا بقدر ما أنها تكشف بالملموس أنها جاءت من تلك «الجبهة البدلية، التي دعي إليها أنصار الانفصال والجزائر وعلى رأسهم كريستوفر روس وجيمس بيكر عند مناقشة قضية الصحراء المغربية في أكتوبر الماضي من طرف مجلس الأمن.
فالتقرير لبنة في هذا الجدار الحقوقي الذي تسعى وسعت إليه أطراف معادية إلى محاربة المغرب به، بعد أن منيت بالفشل في كل الجبهات التي كانت تدعي أنها ساحات نصر: الديبلوماسية، العسكرية، الاقتصادية …إلخ.
وقد كان لافتا أن التقرير الصادر عن «هيومان رايتش ووتش» قد غض الطرف، بإصرار وقصدية، عن كل ما سبق لتقارير صادرة عن الأمم المتحدة، ومنها قرارات مجلس الأمن وتقرير الأمين العام غوتيريش ان نوهت به وضمنته في التوصيات النهائية له.
ومن ذلك «الدور الذي تؤديه لجنتا المجلس الوطني لحقوق الإنسان، اللتان تعملان في مدينتي الداخلة والعيون، وكذا تفاعل المغرب مع الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وتشجيع تعزيز التعاون مع مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.»
في المقابل لم تأخذ المنظمة بهذا في تبييض جرائم حقوقية فادحة اقترفها أعضاء الانفصال والحاضن الدولي لهم. وقد وردت انتهاكات الجزائر في مصدر، معتمد، ومحايد وبعيد عن الانحياز إلى المغرب، وهو قرار مجلس الأمن بخصوص انتهاكات حقوق الإنسان الفردية والجماعية، المباشرة في حق المحتجزين بمخيمات تندوف بالجزائر».
وخلصت المندوبية إلى أن منظمة «هيومان ووتش» تكون بذلك قد فقدت، في الأصل والمنطلق، مقومات الحياد والمسافة الضرورية لتقييم أوضاع حقوق الإنسان»..
وفي الحقيقة لم تكن، تلك الكبيرة الوحيدة التي اقترفها أصحاب التقرير المنحاز ضد للمغرب، إذ نصبوا ثنائية غريبة عند«فهرست» التقرير ربطت بين المغرب وبين صحرائه، كما لو كانا ثنائيا متضادا ومتناقضا، بنية لا تخفى على محاولة جعل المغرب يخسر في امتحان حقوق الإنسان في الصحراء!
وهو موقف منطلقه مغرض ومنتهاه .. لا أخلاقي. وبالإضافة إلى التسهيل مع الطرف الجزائري، لم تترق إلى الثنائية الحقيقية والفعلية في الموضوع والمتعلقة بين دولة الجزائر ودولة تيندوف«، التي كانت موضوع تقارير حقوقية واسعة الانتشار، بلغت الكون الحقوقي، تشغل بال العالم الحقوقي،كله، من قضية الاحتجاز والقتل إلى تسليح الأطفال وعسكرة طفولتهم والزج بهم في نزاع إقليمي ترعاه الجزائر.
هي نفسها الجزائر كانت موضوع تقارير دولية حقوقية يندى لها الجبين، لم ترها المنظمة ولم تدونها في كتاباتها حول الوضع الحقوقي في المنطقة….
ومن الغريب أن أحد مقرري المنظمة سبق له أن زار تيندوف ويعرف، على الأقل، بفعل تواجده هناك حقيقة الوضع هناك وفوق التراب الجزائري، وقد جاء التقرير بلا تفاصيل حول الجزائر التي أصبحت بقدرة قادر نظاما »لا شية فيه، يسر الناظرين…
لقد عميت المنظمة عن كون المحتجزين في تيندوف لا حق لهم في حرية النقل ولا التنقل ولا حرية في امتلاك بطاقة لاجئ، ولا حتى زيارة منظمات مشابهة لها بخصوص وضعية المعارضين في المخيمات.
لنا أن نسأل سؤالا له ألف حجة، ويتعلق ب:لماذا يغفل تقرير«هويمان ووتش» مقتل الأبرياء… ومنهم من أحرقه العسكر الجزائري حيا…
كيف لا ترى حريق الأحياء في الجزائر وتحرف حقيقة الذين تعتبرهم ضحايا العنف المغربي، من قبيل سلطانة خيا؟ ولا ترى الجيوش التي قامت بذلك، ضحايا محتجزين كانت تعدهم بجنة الجمهورية الصحراوية فسقطوا في جحيم العسكر المشعل للنيران… لقد تحولت تيندوف، كما في جحيم «دانتي» والنزول إلى الحريق، النقطة الأخرى، كيف لمنظمة حقوقية أن تقفز على مثيلاتها في بلاد المغرب، كيف يمكن ألا تأخذ بمعطياتها وبحججها ودلائلها…
لو كان الأمر يتعلق بالفعل بعنف ممارس من طرف الدولة على مواطنيها كنا سنعتبر ذلك بحثا عن حيادية ما ولو مفتعلة، أما والحال أنها تنحاز لمن يريد تقطيع أوصال الدولة ويعارضها ويتبجح بأنه يستعمل السلاح، بل من يساند الذين قتلوا المغاربة في اكديم ازيك فتلك قصة لا تخلو من خبث ونزعة عدوانية…
في المرجعية الصحراوية نفسها لا تنتبه المنظمة إلى تقارير بعينها في حين ترفع أخرى إلى مرتبة الإنجيل، كما في قصة سلطانة خيا صاحبة الكلاشنيكوف الأشهر منذ اختراعه من طرف الروسي حامل الاسم نفسه، سلطانة تلك التي تحمل السلاح لتثبت هويتها… السلمية! فهي تتظاهر وتقاطع وتهاجم وتلوح بالرايات الانفصالية وتتلقى زيارات رفيقها حسنة الدويهي، الذي أقر بذلك هو نفسه عندما قال إنه زارها في19 و21 فبراير، وفي الوقت نفسه، تقول هيومان إنها تحت الإقامة الإجبارية…أي تعريف تعطي المنظمة للإقامة الإجبارية في حالة سلطانة؟
ونفس الشيء عن أميناتو حيدر، التي نسيت هيومن رايتس ووتش أنها تدافع عن منظمة تدعم تنظيما مسلحا ومليشياتيا. فجمعية أميناتو حيدر، التي وردت في التقرير كما لو كانت جمعية للدفاع عن البيئة لها ولاء واضح وصريح للبوليساريو الذي يعد تنظيما مسلحا، ولقد سبق للمغرب أن رد بالقول إن «لغة المنظمة لغة سياسية، ولا متن حقوقيا فيها..».
وهي بذلك تشير إلى خيار مقصود يريد محاولة إطالة عمر الجبهة الحقوقية التي تلقت ضربة قوية عند تجاهل مطلب توسيع مهام المينورسو لتشمل حقوق الإنسان…
ولن نضيف أكثر مما قاله الكثير من الحقوقيين في إغفال التقرير لرأي منظمات نزيهة، واعتماد لغة تقريبية ووقائع فضفاضة والانتقال من الواحد إلى الكل عند الحديث عن اعتقال صحافيين مثلا…
لسنا في بلاد الملائكة، بل نحن بلاد تتطور، وتحسن حياة أبنائها وتعرف أعطابها جيدا، ولسنا فوق النقد، بل نحن معه في شراكة حقوقية أممية يقبل بها المغرب كلما كانت موضوعية، لكن المغرب لن يقبل بأن يتم تبخيس التطور الحقوقي الكبير في بلاده، ولا أن يستعمل المبدأ الحقوقي لدعوة الانفصال والقتل حينا، وتلويث سمعة المغرب في إطار «جبهة بديلة» للحروب الأخرى….
ولقد صدق الحسن الثاني رحمه لله لما قال: «لا فائدة من بذل مجهود للدفاع عن حسن نيتك مع أناس سيئي النية»…

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 25/01/2022

التعليقات مغلقة.