بالفصيح … صحافة النور والظلام؟

يونس مجاهد

تشهد العلاقات المغربية الإسبانية طفرة نوعية، في ضوء القرار الذي اتخذته حكومة مدريد، بخصوص ملف الصحراء المغربية، ومن الطبيعي أن يثير هذا التطور في العلاقات الثنائية، بين البلدين، ردود فعل من طرف الطبقة السياسية، حسب تموقعها، وأيضا من طرف الصحافة، وهذا ما حصل.
غير أن التساؤل، الذي سيظل مطروحا في مستقبل هذه العلاقات، هو الدور الذي تلعبه الصحافة الإسبانية، التي لها تأثير لا يستهان به في صناعة الرأي العام، وبالتالي التأثير على القرار السياسي. وكما تعود المغاربة، فإن أغلب وسائل الإعلام الإسبانية، لها خط تحريري موحد في ما يتعلق بقضية الصحراء المغربية، منطلقة من فكرة مسبقة، مستمرة ومتواصلة، لا تتغير أبدا، حيث لا يوجد في الجهة المغربية، إلا الظلام، وفي الجهة المقابلة، أي الانفصالية، النور.
في الحقيقة تقدم جل وسائل الإعلام الإسبانية، نموذجا لصحافة تنهج فلسفة مانوية (manichéisme) تقسم العالم إلى طيبين وأشرار، حيث تتعامل مع المواقف المغربية، من منطلق أنها صادرة عن الأشرار، أما عندما تتعرض لمواقف الانفصاليين، فإنها تحنو عليها، كما تحنو الأم على وليدها، في غياب تام للمهنية، وهو أمر مثير، يتطلب وقفة تأمل، لفهم دوافع هذا السلوك الذي يكاد يكون عاما.
ولعل التطورات، الحاصلة اليوم في علاقات البلدين، تكون مناسبة للتخلي عن ثنائية النور والظلام، لبذل مجهود مهني، وتغليب منهجية الصحافة الاستقصائية، لإخبار الرأي العام الإسباني، بحقيقة ما يجري، وليس ما ترسمه الثنائية التي سادت في تناول هذه الصحافة لقضايا منطقتنا.
من الممكن أن تتقصى هذه الصحافة الحقائق في الصحراء المغربية، على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وألا تسافر لأقاليمنا الصحراوية، بفكرة مسبقة لـ»تغطية» أنشطة انفصالية، غالبا ما يكون متفقا على توقيتها وسيناريوهاتها، أو ترافق ما يسمى بـ»النشطاء» الإسبان، الذين يحاولون دخول أقاليمنا وهم يعلنون صراحة أنهم أتوا لدعم «نضال الشعب الصحراوي» المزعوم.
كما ننتظر من هذه الصحافة أن تمارس صحافة استقصائية في مخيمات تندوف، بخصوص مصير المساعدات الإنسانية وتجنيد الأطفال وانتهاكات حقوق الإنسان، وألا تسافر إليها بدعوة من الجزائر، في إطار حملات الدعاية المنظمة من طرف الانفصاليين.

الكاتب : يونس مجاهد - بتاريخ : 11/04/2022

التعليقات مغلقة.