خميرة الاحتقان: مازوت، طماطم.. ودقيق!

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

يبدو أن الجلسة البرلمانية المنعقدة اليوم حول متغيرات البلاد وأسواق المحروقات ستكون مناسبة للحكومة لكي تقدم لنا رِوايتها عن الوضع الحالي في البلاد…
وليس الموضوع موضوع رؤية، بل رواية فقط!
ومنذ دخول المغرب إلى نادي الدول المتأثرة بالأزمة الناتجة عن الحرب الأوكرانية الروسية، ونحن لا نسمع سوى روايات الحكومة عن هذه الحرب وعن ما يقع..بدون أن تقدم رؤية الحرب في أسواق المواد الغذائية ومحطات الوقود !
ومع ذلك فهذا أمر بالرغم من بداهته، لو تعلمون جللٌ!
ولن نعدم من سيجعل منه لحظة تاريخية، بعد أن تكون الحكومة قد عرفت ، أخيرا وتيقنت بالحجة والدليل مما يجب ان تقوله لنا، جميعا عبر البرلمان، عن اشتعال الأسعار وارتفاعها إلى مراتب تجعل منها امتحانا يوميا لصبر المغاربة وقدرتهم على التحمل.
فلحد الساعة كانت الحكومة تقدم لنا رواية نستشف منها أنها تعرف كل شيء عن الحرب، وتعرف كل شيء عن آثارها في العالم، كما تعرف كل ما تخلفه الدبابات والصواريخ والقنابل من دمار، ومن آثار وخيمة أخرى، لكنها لا تعرف شيئا عن قراراتها الواجبة في الدفاع عن المستهلك المغربي البسيط، الذي يخرج إلى الأسواق بقفة فارغة ويعود بها نصف مملوءة، وهو ينتظر أن تقدم له الحكومة ما يقنع به أفراد الأسرة من مبررات تساعد على الهضم!
ولعل كثيرين للغاية منا يشبهون أبناء تلك الأرملة في قصة الفاروق عمر، والتي كانت تضع الحصى في القِدر الذي تشعله ريثما ينامون.
الحكومة تضع في القِدر الذي يغلي قرارات العقوبات الاقتصادية على موسكو، ودبابات الفتى الشيشاني »قاديروف،« المؤمن بفلاديمير بوتين حتى الموت، جنبا إلى جنب مع قصاصات وكالتي الأنباء الروسيتين «سبوتنيك» و«روسيا اليوم»، ريثما تجد حلا!
وهي في نظر المغاربة لا تبحث عن الحل أصلا!
وأتابع من باب الفضول السياسي، وليس من باب القناعة المواطنة، ما تقوله الحكومة وآراءها في قضية الغلاء.
ويثبت لي أن كل الوزراء يرددون، ما قد يردده أبسط مواطن من مواقف: كما هو حال وزير الفلاحة، الذي يقول لنا بعظمة لسانه «نحن أمام أزمة متعددة العوامل وغير متحكم فيها…».
ويبرئ الحكومة بالإفصاح عن نواياها… قائلا «والحكومة تبذل قصارى جهودها من أجل مواكبة هذه الوضعية»!
وهنا لا بد من الاحتمال: إما أن نعتبر أن هذه المجهودات بدون أثر، وهو الاحتمال الأكثر براءة وتعاطفا معها، من جهتنا كمغاربة، وهنا لا بد أن نسأل: كيف يسمون الفشل في الأزمات عندما تكون المجهودات بلا آثار، وما هو الاستنتاج المنطقي في حالة الفشل؟
وإما أن الحكومة تتابع وتترك الحبل على الغارب وتدعو المواطنين إلى طلب الرحمة من العلي القدير، ونعم بالله، أو أن «يتحملوا مسؤولياتهم في كل ما يستعملونه».فيكون عليهم تحمل مسؤولية السيارات التي يسوقونها كما قال الناطق الرسمي باسم الحكومة ولا يلقون باللائمة على وزرائنا الذين يتنقلون على الدراجات الهوائية من باب إعطاء النموذج،… ونحن فقط لا نراهم لأننا نتعمد أن نكون عمياناً!
اليوم، ضروري أن نتحمل مسؤولية السيارة
وغدا مسؤولية استعمال البطن
وبعدها استعمال الحلقوم، وهكذا حتى نتخلص من كل ما يمتد فينا كمسارات للاستهلاك!! ونعفي الحكومة من مشاكلنا ونعفي الرئيس بالأساس من التناقض بين أن يطلب منه إيجاد حل وأن يعمل من أجل إيجاد الأرباح الضرورية من الأزمة..في نفس الوقت!
لي شبه يقين أن الحكومة ستأتي بنفس الأمنيات إلى اللجنة البرلمانية، ولي يقين مضاعف بأنها لن تستمع إلى أي اقتراح جديد وعملي بخصوص تخزين الاحتياط الوطني وإعادة تشغيل «سامير» والبحث عن إعادة النظر في الضريبة للجم اشتعال الأسعار وخدمة المستهلكين، نحن!
فالحكومة قضت ستة أشهر، بعد خطاب الملك أمام البرلمان بضرورة تحصين البلاد بتأمين احتياطيها الغذائي، وقررت أن تبدأ في العمل.. ما زالت في طور انتظار تحديد الرؤية النهائية لهذا الورش»، والعهدة على وزير الفلاحة!
وهي قد بادرت، بالسرعة التي تناسبها، إلى إحداث فريق يعمل على تحديد المنتجات المعنية بهذا المخزون، كما قال هو نفسه…
«لا زربة على اصْلاح».. ولا على إصلاح !
الحكومة في مطبخها، تعد لنا مع كل وجبة فطور خميرة الاحتقان الاجتماعي، من مازوت، وليسانس ودقيق وطماطم، وهي منتشية بأنها تعرف ما معنى الحرب، بدون أن تقلق لفشلها في تدبير آثارها…

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 13/04/2022

التعليقات مغلقة.