وسائل منع الحمل الذكرية لم تولد بعد والمعمول بها غير مضمونة الفاعلية

تثير فكرة ابتكار وسائل لمنع الحمل خاصة بالذكور اهتمام عدد متزايد من الرجال، لكن الواقع الراهن يقتصر على طرق ذات فاعلية غير مضمونة، كالحلقات والسراويل الداخلية المسخنة، وعلى إعلانات عن التوصل إلى حلول لم يتضح بعد مدى جديتها.
ولاحظت اختصاصية الغدد الصماء ريجين سيتروك وار في حديث لوكالة فرانس برس أن «ثمة طلبا بدأ يسجل»، لكن المشكلة في المقابل تكمن في أن»ثمة القليل من الدراسات السريرية قيد الإعداد».
ونظمت الباحثة مؤتمرا الاثنين في باريس شارك فيه زملاء لها من دول عدة عن وسائل منع الحمل المخصصة للرجال، وهو موضوع يتسع الاهتمام الإعلامي به منذ سنوات.
وتتمثل الفكرة لدى الرجال في استخدام طريقة مشابهة تقوم مقام حبوب منع الحمل الأنثوية لضمان عدم حمل الشريكة، وعدم تحميلها وحدها بالتالي مسؤولية منع الحمل.
وتتيح وسائل منع الحمل الذكورية، في حال وجودها، الاستغناء عن استخدام الواقي الذكري عند كل علاقة جنسية، وتجنب اللجوء إلى قطع القناة الدافقة وهي عملية غالبا ما لا تكون العودة عنها ممكنة وتعني تاليا تخلي الرجل بشكل نهائي عن خصوبته.
ولكن هل هذه البدائل موجودة فعلا ؟ في الواقع هي ليست كذلك، رغم الضجة الإعلامية المتزايدة في شأن ما يسمى الوسائل الحرارية، مثل «السراويل الداخلية المسخنة» أو «الحلقات المانعة للحمل».
ويقوم مبدأ هذه الوسائل على تقريب الخصيتين من الجسم من أجل إبقائهما أكثر دفئا وبالتالي الحد من إنتاج الحيوانات المنوية الذي يتطلب أصلا درجة حرارة أقل بقليل من درجة حرارة بقية إجزاء الجسم البشري.
وتتولى جمعيات تعمل لقضية اعتماد وسائل منع الحمل الذكورية، الترويج في فرنسا لهذه الابتكارات يدويا، وتبيعها كذلك شركات ناشئة، ومنها حلقة «أندرو سويتش» أو السروال الداخلي «سبيرمابوز».
لكن فاعليتها وسلامتها غير مثبتة علميا بعد، إذ لم يجر سوى القليل من الدراسات في تسعينيات القرن الفائت على السراويل الداخلية المسخنة، وجاءت نتائجها مشجعة، ولكنها اقتصرت على عينة محدودة جدا، أي بضع عشرات من الأشخاص، ولا يمكن تاليا الركون إليها بشكل حاسم.
وحظرت السلطات الصحية الفرنسية بيع جهاز «أندرو سويتش»، وشددت على ضرورة أن يستند إلى تجارب سريرية كاملة. وأعرب مصممو هذه الحلقات عن أسفهم لكون «المؤسسات تسيء فهم هذه الطريقة وتشوه سمعتها»، وقارنوا هذا الحظر بتاريخ القيود المفروضة على الإجهاض أو منع الحمل لدى النساء.
وأشارت ريجين سيتروك وار إلى أن زملاءها من جنسيات أخرى «الذين يعملون في مجال منع الحمل، لا يعتبرون أن هذه الوسائل تتسم بالطابع العملي ولا يرون أنها صالحة للمستقبل»، من دون أن تشير تحديدا إلى منتج معين.
وأوضحت الباحثة أن الشكوك لا تتعلق فقط بالفاعلية، بل كذلك بإمكان استعادة الرجل خصوبته بعد استخدامه هذه الوسائل. وشددت على أن الرجل الذي يرغب في تجربة شكل جديد من وسائل منع الحمل، يجب أن يفعل ذلك فقط في إطار تجربة سريرية بإشراف أطباء.
لكن هذه التجارب في الواقع قليلة العدد، ولا تتناسب مع الصورة الإعلامية التي توحي بها الإعلانات الكبرى المتكررة.
وفي عام 2019، أعلن باحثون هنود عن نتائج إيجابية لاختبارات على وسيلة لمنع الحمل مخصصة للذكور سميت «رايسوغ» (Risug)، وهي مستحضر هلامي يفترض أن يكون له مفعول قطع القناة الدافقة ولكن بطريقة قابلة للعكس. وأكد هؤلاء وقتها أن توافر هذا المستحضر يستلزم بضعة أشهر فحسب، أي الوقت اللازم للحصول على موافقة السلطات الصحية المحلية.
إلا أن باحثين آخرين رأوا أن هذه الدراسات غير كافية على الإطلاق. وبعد ثلاث سنوات على هذا الإعلان، لم تصدر أي معلومات جديدة في شأن المستحضر الموعود. ولم يرد المجلس الهندي للأبحاث الطبية، صاحب المشروع، على سؤال لوكالة فرانس برس عما إذا كانت أي خطوات جديدة تحققت.
أما آخر إعلان في هذا المجال أثار اهتماما إعلاميا قويا، فكان ما أشار إليه باحثون أمريكيون في مارس الفائت عن نتائج مشجعة جدا لمشروع حبوب ذكورية تم اختبارها على الفئران.
لكن هذه البيانات التي ينبغي في كل الأحوال التعامل معها بحذر في انتظار التجارب البشرية الموعودة بنهاية السنة الحالية، لم تنشر بعد في أي مجلة علمية، وهي الوسيلة الوحيدة لتقييم جديتها بشكل مستقل.
ومع ذلك، أكد الباحثون الذين لم يعطوا في مقابلة مع وكالة فرانس برس أي موعد لنشر دراستهم، أنهم يتوقعون طرح هذه الحبوب في السوق في غضون خمس سنوات.
لكن هذه التوقعات «غير واقعية»، على ما قال لوكالة فرانس برس عالم الأحياء مايكل سكينر الذي يعمل هو الآخر على مشروع وسيلة منع حمل للذكور.


بتاريخ : 24/05/2022