استعادة الوحدة الوطنية وتطوير آليات المقاومة الشعبية

سري القدوة (*)

خطورة التصعيد العدواني تجاه مدينة القدس ومواصلة الاعتداء الممنهج على الأماكن المقدسة من قبل غلاة المستوطنين وبحماية قوات الاحتلال والسماح لما تسمى مسيرة الإعلام وعمليات الإعدام الميداني، كلها إجراءات تأتي في سياق المحاولات لفرض التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى وبهدف بسط سيادة الاحتلال الإسرائيلي على القدس والبلدة القديمة على وجه الخصوص، فهذه الإجراءات العنصرية والفاشية باتت تتطلب سرعة توحيد كافة الجهود الوطنية من أجل التصدي لتلك السياسات ووضع حد لمخطط الاحتلال الساعى إلى تهويد وتقسيم المسجد الأقصى، مكانيا وزمانيا، ضمن سياسة حكومة الاحتلال العنصرية.
ولا يمكن استمرار سياسة الصمت والإدانة فقط أمام ما تمارسه سلطات الاحتلال من تصعيد للعدوان واعتماد سياسة الاغتيالات وهدم البيوت والاستيلاء على الأراضي والضم التدريجي في المناطق المصنفة (ج) والتطهير العرقي في القدس وغيرها من إجراءات عدوانية لحكومة الثلاثي (بينت-لابيد-غانتس)، والتي تهدف من ورائها إلى فرض الأمر الواقع وخلق بدائل سياسية مرتبطة بالاحتلال وسياساته مما يستوجب الإسراع بدعوة المجلس المركزي الفلسطيني للانعقاد ويسبقه عقد دورة اجتماعات للجنة التنفيذية لإنفاذ كافة القرارات الصادرة عن دورة المجلس المركزي وتطبيق قراراتها لمواجهة سياسة الاحتلال العنصرية.
طبيعة المرحلة السياسية وخطورتها تتطلب، وبشكل ملح، إنهاء الانقسام بالتوافق على تشكيل حكومة وحدة وطنية، تكون مهمتها الأساس توحيد المؤسسات الفلسطينية والتحضير للانتخابات العامة، مع أهمية تحميل المسؤولية السياسية والوطنية لكل من يضع العقبات والعراقيل أمام إنجاز هذه الخطوات لإعادة الاعتبار للقضية الوطنية الفلسطينية، وتعزيز صمود الشعب الفلسطيني ورفع القدرة الوطنية لمواجهة التحديات الراهنة وخصوصا بعد تفاقم أدوات الصراع الدولي، الذي فرضت فيها الولايات المتحدة والغرب عموما، نوعا جديدا من ازدواجية المعايير والكيل بمكاييل مختلفة لتطبيق الشرعية الدولية والقانون الدولي وإزاحة القضية الفلسطينية عن الأولويات الدولية .
المرحلة تتطلب من الكل الوطني الفلسطيني العمل على بناء استراتيجية وطنية تستند على استعادة الوحدة الوطنية وصياغة برنامج وخطة عمل لتطوير المقاومة الشعبية وصولاً إلى انتفاضة وطنية شاملة تعم أرجاء الوطن وخلق حالة نضالية تنهي الاحتلال وتوقف العدوان الغاشم على الشعب الفلسطيني، مما يتطلب سرعة التحرك والطلب من المفوض العام لحقوق الإنسان تكليف اللجنة الدولية الدائمة لمتابعة الانتهاك الإسرائيلي لحقوق الإنسان بفلسطين والتحقيق في جريمة اغتيال الصحفية الفلسطينية شيرين أبوعاقلة وجرائم الإعدام اليومية التي يرتكبها جيش الاحتلال في المدن الفلسطينية المحتلة.
ومن الواضح والمعروف للجميع أن جرائم الاحتلال المتصاعدة ستؤدي إلى استمرار دوامة العنف وخلق حالة من عدم الاستقرار بالمنطقة وخاصة في ظل غياب الحل العادل والسلام الشامل، الذي يحول دون منح الشعب الفلسطيني لحقوقه الكاملة والثابتة طبقا لقرارات الشرعية الدولية، ولا يمكن استمرار العدوان الإسرائيلي الظالم، وتلك الإجراءات العنصرية والفاشية، والتي تحاول حكومة الاحتلال فرضها ضمن المتغيرات الدولية مستفيدة من حالة الصمت على جرائمها وعدوانها الغاشم وسياسة الكيل بالمكاييل والمعايير المزدوجة في انتهاك فاضح للقانون الدولي.
لا يمكن أن تنعم المنطقة بالأمن والاستقرار دون إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس على كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة في الرابع من يونيوعام 1967 وضمان عودة اللاجئين إلى ديارهم التي شردوا منها، ومن خلال عقد مؤتمر دولي للسلام لتطبيق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة وبسقف زمني محدد ومتفق عليه يؤدي في النهاية إلى إنهاء الاحتلال.

(*) سفير الاعلام العربي
في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية
infoalsbah@gmail.com

الكاتب : سري القدوة (*) - بتاريخ : 30/05/2022

التعليقات مغلقة.