انطلاق «الأسد الإفريقي 2022» في مناطق من المغرب ضمنها ….«المحبس»

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

تنطلق، يومه الاثنين 20 يونيو وإلى غاية فاتح يوليوز 2022، فعاليات تمرين «الأسد الإفريقي» على مستوى مناطق أكادير، بنجرير، القنيطرة ، المحبس، تارودانت وطانطان…
ويأتي ذلك، بعد اختتام الدورة الأكاديمية للتكوينات التحضيرية، يوم الجمعة الماضي، وفق ما أفاد به بلاغ للقيادة العامة للقوات المسلحة الملكية.
وأوضح بلاغ في الموضوع أن هذه التكوينات التي نظمت بمجمع القيادة العامة للمنطقة الجنوبية خلال الفترة الممتدة من 6 إلى 17 يونيو الجاري، اختتمت بحفل توزيع الشواهد على المشاركين من مختلف الجنسيات.
وأضاف المصدر ذاته أن هذه التكوينات همت مختلف المجالات والجوانب ذات الصلة، من بينها، أسلوب التخطيط العملياتي المشترك بين القوات، والجوانب القانونية، والتخطيط الطبي، والأمن السيبراني وتقنيات تقييم تمرين مشترك بين القوات.

 

تنطلق مناورات الأسد الإفريقي لهذه السنة 2022، وينتظر أن تكون أكبر مناورات عرفتها المناطق المغربية منذ 2004.
لقد بلغت هذه المناورات الهامة سن النضج، منذ أن أطلقت كتعاون ثنائي بين الولايات المتحدة والمغرب في تلك السنة، وظلت كذلك إلى حدود2012، وعندما بدأت التعاون المتعدد الأطراف.. منذ ذلك الوقت أصبح الأسد الإفريقي نموذجا لتعاون بلا حدود بين واشنطن والرباط، والدول التي تشارك فيه، حتى أن الجنرال داني راولينغ، الجنرال قائد المنطقة العملياتية للجيش الأمريكي في أوروبا الجنوبية، اعتبر أن «التعاون العسكري بين الطرفين بدون حدود والمغرب حليف لا محيد عنه في المنطقة….
ولعله العنوان الأبرز لهذه المناورات، والمستوى العالي الذي بلغته.
غير أن السنة الحالية لها تفاصيلها في لوحة التوصيف العام، التي تتسم بالنضج والتوتر والتنوع…
فجزء من العمليات العسكرية سيتم للمرة الثانية في منطقة المحبس المغربية، من بين مناطق أخرى.. وهي المنطقة، كما نعرف، التي توجد على بعد كيلمترات من تيندوف، حيث تتواجد المليشيات المسيرة من طرف الجزائر.. والتي احتضنت من أيام قليلة ماضية تمارين ليلية بالرصاص الحي قام بها العسكر الجزائري، فيما اعتبرته الكثير من التحليلات والمصادر نوعا من الرد الاستباقي، وكان لافتا أن سعيد الشنقريحة قد اختار شعارا «تحسيسيا» للمناورات التي قام بها لخصه في ضرورة الحفاظ على المعنويات بدل التقدم التكنلوجي»!!!!
تعرف الدورة الحالية في المقابل، مشاركة حوالي 30 دولة عبر نحو 7500 جندي من البرازيل وفرنسا وإيطاليا وهولاندا وإسبانيا وبريطانيا وتشاد….. ومن شركاء أفارقة ودول حلفاء الناتو….
وهي المرة الثانية التي تكون فيها منطقة المحبس حاضنة لفقرات من هذا التمرين، وهو ما يعني أن الجيوش الحاضرة وما تمثله من الدول تقدم:
أولا: هذه شهادة «ميدانية وعسكرية» إضافة إلى أنها سياسية على السيادة المعترف بها للمغرب على منطقة من صحرائه، ولاسيما أنها في المرة السابقة تزامنت مع الاعتراف الأمريكي بالسيادة ذاتها، ويتكرس هذا الاعتراف من خلال التمرين الحالي، ولا يقف عند أمريكا، بل يهم كل المشاركين، وضمنهم هذه السنة. دول تقدمت على طريق الاعتراف بهذه السيادة مثل هولاندا…
ثانيا: تكذيب البلاغات الوهمية التي تجعل من منطقة المحبس ساحة لمعارك الفلول المسلحة للبوليزاريو.. بل تسير بلاغات المليشيات المسلحة نحو التوهيم بأن المنطقة تحت رحمة القصف المتواصل، بكل ما يوحي به ذلك من أوهام عسكرية للتحكم في المنطقة..(آخرها بلاغ يوم الاثنين الماضي الذي يتحدث عن أقصاف واسعة بقطاعات أم ادريكة والمحبس…..!)
ثالثا: تكريس المغرب كمنصة جيو استراتيجية في شمال إفريقيا وعلى ضفاف الأطلسي.. بما يجعل المغرب «مَصْدرا للأمن ومُصدِّراً له»….
رابعا: تحتل نقطة الإرهاب مركزية كبرى في تمارين الأسد الإفريقي، وقد تكرس المغرب ساحة تمرين للحرب على الإرهاب في إفريقيا وفي شمالها وفي غرب المتوسط.
محاربة الإرهاب مهمة رئيسية والوضع أكبر من أي وقت مضى، بعد مؤتمر التحالف ضد «داعش»، وأيضا بسبب وجود محيط مساعد في دول الساحل وجنوب الصحراء والشريط المحيط بالمغرب الكبير..
خامسا: التفاعل بين الاستراتيجيات العسكرية للعديد من الدول، وبين الجيش المغربي..
سادسا: هذه المناورات هي أفضل مناورة إلى حد الساعة بعد أن سبقتها 14 أخرى على التوالي.
سابعا: لا يمكن أن تتم كل هذا الترسانات وتحريكها بدون آثار واضحة على برنامج تحديث وعصرنة الصناعة العسكرية وصناعة الدفاع المغربي…
وما من شك أيضا أن مناورات العام الحالي وماسبقها مظهر من مظاهر ما هو قادم وجديد في العلاقات الاستراتيجية بين المغرب وأمريكا.. ودليل ذلك هو ما سبقه في مارس الماضي من حوار استراتيجي ركز على السلام والرخاء الإقليمي والقضايا المشتركة في الأمن الإقليمي والقاري، مع الاحتفاظ للمغرب بالريادة على مستوى المغرب الكبير وفي القارة وخصوصا على طول منطقة إفريقيا الأطلسية التي دشن فيها مسارا جديدا لانبثاق هوية جيواستراتيجية جديدة وواعدة، باحتضان اللقاء رفيع المستوى لدول الواجهة الأطلسية للقارة…
بطبيعة الحال، لا يعني هذا أن هذه اللوحة الرفيعة لم تشبها بعض لحظات التوتر، التي لم يتردد فيها المغرب في دق ناقوس السيادة، وهوما حدث عند تعليق تمارين الأسد الإفريقي سنة 2013 عندما اقترحت أمريكا، من خلال مجموعة أصدقاء الصحراء، توسيع مهام المينورسو، نص حررته وقتها سوزان رايس سفيرتها في مجلس الأمن يدعو إلى توسيع صلاحيات المينورسو لتشمل الجانب الحقوقي..
فتم حينذاك تعليق الأسد الإفريقي… إلى أن عادت الأمور إلى نصابها..
ومن الثابت أن تمارين التعاون الميداني والعلمي والسبيرنيتيقي، تكتسي هذه السنة طابعا فريدا بوجود حرب روسيا وأوكرانيا، ثم مع الاصطفافات التي تتم على الجانب الشرقي من حدود المغرب، وفي جنوب أوروبا، وما قد يتولد عنه من تقاطبات، يكون فيها المغرب شريكا موثوقا لدى حلفائه التقليديين ويحافظ على استقلالية قراره في احترام شراكات أخرى من خارج المنظومة التي مثلها الأسد الإفريقي..
– هناك أسد إفريقي نعم، لكنه في العرين المغربي!

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 20/06/2022

التعليقات مغلقة.