من الألعاب المتوسطية بوهران

نوفل البعمري

 

تنعقد هذه الأيام الألعاب المتوسطية بمدينة وهران ، التي شهدت عدة أحداث تعكس حالة التمايز التي تشهدها الجزائر في العلاقة مع كل ما هو مغربي، وتؤكد ما كنا نذهب إليه من ضرورة التمييز بين الشعب الجزائري وبين النظام العسكري، بين ما يعبر عنه عامة الشعب الجزائري من تقدير واحترام للمغرب وما يصدر من عداء من طرف هذا النظام تجاه المغرب وتجاه كل ما يتعلق بقضاياه، إنها واحدة من حالة الفصام التي توجد عليها الجزائر، فصام أظهر القطيعة الموجودة بين النظام العسكري والشعب الجزائري، وكون العسكر في المواقف التي تصدر عنهم ضد المغرب لا تعبر عما يريده الشعب الجزائري، وهي حالة تنسحب ليس فقط على هذه الملاحظة بل على الداخل الجزائري أيضا حيث يطمح الشعب إلى تغيير سلمي، جذري للنظام.
ويمكن تعداد بعض المظاهر التي تعكس حالة الانفصام بين الشعب والعسكر في مايلي:
في الوقت الذي استقبل مواطنون جزائريون الوفد المغربي بالمطار بالزغاريت والتحية الأخوية كعربون حب وفاء، عمد العسكر إلى احتجاز صحفيين مغاربة في فضيحة دولية كشف دواعيها المدعو حفيظ دراجي الذي اتهمهم بأنهم جواسيس وعملاء، وهو الذي كان ضيفا قبل سنوات على بعضهم في المغرب.
في الوقت الذي استمر الهجوم الإعلامي الجزائري على المغرب في مختلف قنواتهم، كان الافتتاح الرسمي للألعاب بصوت صحفي جزائري، وهو يحتفي بالوفد المغربي الرياضي أثناء النقل التلفزي في تحد لتلك القنوات ولما تبثه من سموم.
في الوقت الذي قرر فيه النظام الجزائري قطع علاقته مع المغرب ووقف الطيران الجوي بين البلدين بقرار صادر من العسكر، كان قرار المغرب المشاركة الكاملة في هذه الألعاب رغم القطيعة الموجودة بين البلدين بقرار جزائري صادر من الجنرالات، ورغم أن هناك دولا خفضت من أفراد وفدها المشارك في هذه الألعاب.
المشاهد التي نتابعها من الجزائر تعكس حكمة الموقف المغربي الذي ظل يميز بين النظام والشعب، بين اختيارات نظام ثبت ألا شرعية لقراراته داخل الشعب الجزائري، الذي يبدو أنه لم يتأثر بكل الدعاية التي يتعرض لها، وكل الشحن الذي يتم القيام به ضد المغرب، بل وفي ظل هذه الأجواء المشحونة بين البلدين بسبب مواقف النظام الجزائري حافظ الشعب الجزائري على حبه للمغرب، وهو نفس الحب الذي يشعر به كل الجزائريين عند قدومهم لبلدهم المغرب من بينهم مثلا لاعبو منتخب «محاربي الصحراء» الذين يقضون عطلتهم بمراكش رغم ما تعرضوا له من هجوم إعلام شنقريحة.
لقد كان المغرب حكيما وهو يمد يده للشعب الجزائري ويراهن عليه وعلى المستقبل، هذا المستقبل الذي لن يكون إلا مشتركا حيث تقول الشعوب كلمتها وتنتصر لوحدته.
حكمة المغرب المستمرة ليست وليدة اليوم بل هي جزء من استراتيجيته الداخلية والخارجية التي تجلت حتى في أحلك لحظات العلاقة التي جمعته بالجزائر، لا ننسى مواقف الحسن الثاني، رحمة الله عليه، وهو يعمل على تفادي أي اصطدام مع الجارة، وحكمة أيضا تتجلى في خطب الملك محمد السادس التي تميز جيدا بين الشعب الجزائري والجنرالات، وتتوجه بكل ود للشعب الجزائري، خطب تعكس وعيا ملكياً بأهمية أن تظل الشعوب بعيدة عن الصراع الذي افتعله العسكر، وهو صراع سينتهي لا محالة باندحار المتسببين فيه مهما طال الزمن، وبانتصار إرادة الشعبين في التكامل الاقتصادي، والوحدة وبناء مغرب كبير قوي.

الكاتب : نوفل البعمري - بتاريخ : 27/06/2022

التعليقات مغلقة.