في الحاجة لجبهة وطنية

محمد الطالبي

 

تتسارع التطورات الاقتصادية والاجتماعية وتستمر تداعيات وباء كورونا في تهديد بلادنا ضمن أمم العالم، كما تتزايد اضطرابات المحيط الإقليمي والدولي. وكلما حقق المغرب خطوات الى الأمام، يزداد حقد وحسد بعض جيراننا ويزداد خطر استهدافنا ومحاولة ضرب استقرارنا. ولعل منع المغرب من الاستفادة من حق مرور الغاز مثال صارخ على أننا أمام خصم يكن لنا منسوبا عاليا من الضغينة والعداء..
يضاف إليها داخليا ارتفاع أسعار تشمل جميع المواد والخدمات، ومازالت السنة المالية الجارية تفترس القدرة الشرائية على أبواب دخول مدرسي ساخن جدا بفعل موجة الإضرابات التي تلوح في الأفق، وارتفاع أسعار الكتب واللوازم المدرسية واستغلال بشع للقطاع الخاص لجيوب المواطنين، ومخاوف من استمرار موسم الجفاف في الوقت الذي كشفت المعطيات فيه عن فشل جميع البرامج الفلاحية والتي كلفت ملايير الدراهم من المال العام دون أن نرى اكتفاء ذاتيا في بلد يعتبر نفسه فلاحيا بامتياز، وهي لعمري مفارقة مريبة وغير مستساغة. موجة الجفاف مرفوقة أيضا بجفاف عابر للقارات، ومغربيا يشكل خطرا داهما حيث أن عددا من المناطق دخلت الخط الأحمر من حيث قلة المياه.
هي ملفات كبيرة وخطيرة جدا تُجابَه بصمت مريب من طرف تحالف حكومي همه الوحيد هو البقاء والتمدد بأي ثمن، وتكرار حلول فاشلة تزيد تعميق الجراح كما هو شأن ما يسمى «فرصة» وهي ضحك واستغلال لعطالة الشباب والشابات وكذلك تسييج لسن الالتحاق بالتوظيف ولو بالتعاقد، مما يعني رمي مئات الآلاف من نتاج التعليم الفاشل خارج دورة الإنتاج والحياة.
ولعل الخطاب الملكي بمناسبة ثورة الملك والشعب قد وضع الإطار #يبقى حجر الزاوية في الدفاع عن مغربية الصحراء. هو وحدة الجبهة الداخلية والتعبئة الشاملة لكل المغاربة، أينما كانوا، للتصدي لمناورات الأعداء #
رغم الوضوح وأهمية الجبهة الداخلية، فإن التغول العددي المسيطر على الحكومة،  لا يرى في جميع فرقاء الوطن شركاء من أجل الوطن، بل إنه تحالف لا يقرأ الأرقام إلا من منطق الربح الشخصي وليس من منطق «الوطن هو الرابح»  .ولعل تأجيل قضايا أساسية أو تدبيرها بطرق ترقيعية يضعف التماسك الوطني، حيث أن قضايا مثل إصلاح التعليم والصحة والتشغيل والتي عرفت توافقا وطنيا بمناسبة النموذج التنموي، والذي يعرف المغاربة من ناقش واجتهد في وضع تصورات للمستقبل، ومن اكتفى بوريقات من تدبيج مكاتب دراسات ..
إن هكذا قضايا وجب أن تدفع لجبهة وطنية وهي تعني مشاركة وإشراك الجميع لتفادي الشرخ، والاستعانة بالأطر والكفاءات الحقيقية  النابعة من عمق التكوين العالي والكفاءة السياسية ..
إن القضايا الحاسمة والخطوات الكبيرة في تاريخ الشعوب تكون حين ينتصر البعد الوطني، وحين تكون التعبئة الشاملة والضرورية حولها بقناعة، أما تقسيم المؤسسات  المنتخبة تحت أي  مسمى خاصة في ظل نسب المشاركةوتحليل الأرقام وممارسات أخرى شهدها الجميع، فلا يعني نصرا نهائيا لهذه المجموعة وانتهى الأمر لأن انحباس المؤسسات وإغلاق الحقل السياسي له مخاطر كبيرة في زمن نحن مطالبون فيه بخلق جبهة قوية.
تحتاج بلادنا أكثر من أي وقت مضى إلى ضبط عقارب الزمن الاقتصادي والسياسي والاجتماعي بأفق وطني متين، يعلي شأن المصير المشترك ومصير وطن يطل على بوابة الخروج إلى مصاف التقدم الحضاري والإنساني.

الكاتب : محمد الطالبي - بتاريخ : 02/09/2022

التعليقات مغلقة.