بنكيران وديموقراطية «جود» عليَّ نْجود عليك….!

عبد الحميد جماهري

غادر عبد الإله بنكيران المنطقة الرمادية، التي قطنها منذ 8 شتنبر 2021، ما بين التسليم بالهزيمة التي خرجت من صناديق الاقتراع، وبين التشكيك في العملية برمتها… ليوجه اتهاما واضحا، وبلا مواربة، مفاده أن التجمع الوطني للأحرار، قد» تسلم« فوزه من جهة لم يكشف عنها الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، ولكننا نخمن بأنها صاحبة القرار في الانتخابات…!
وصاحبة القرار في نتائجها.
وخرج عبد الإله بنكيران من براديغم (أووووووه استطعت أخيرا استعمال هذه المفردة العجيبة حقا) براديغم ديموقراطية المؤامرة، التي سبق له بموجبها أن قال لأخنوش بأن حكومته كانت نتيجة مؤامرة، إلى «ديموقراطية عطيني نعطيك» والهِبات الانتخابية!!!
قال بالحرف «عطاوْهم» تلك المقاعد التي حصلوا عليها، أي 102،كما تم «إعطاؤها» من قبل لحزب الأصالة والمعاصرة في انتخابات سابقة. وهو ما اعتبره «ميساجا» لا غبار عليه!
حقيقة قد يكون الرد «الديالكتيكي » (وواوو ها أنذا أستعمل كلمة باهظة في السجال الفلسفي مرة أخرى) هو أن نسأله بسفسطائية منتجة: وهل كانت المقاعد التي حصلتَ عليها «عطية» من لله وأهل الحل والعقد ومسَّاحي الخريطة الانتخابية؟
لكن قد يفهم من ذلك أنه دفاع عن رئيس الحكومة وحزبه، وهي لعمري خطوة تشبه الانتحار السياسي بالنسبة لمعارض (على قد الحال) مثلي. لطالما خلط بين أحلام الشعر وتمنيات السياسة. ولربما يكون سؤالي دليلا على أنني متواطئ في العطايا، وقد أُتَّهم بأنني وراء «جود» عليَّ نجود عليك!
لهذا أختار أنا أيضا منطقا مغربيا بامتياز، يكاد يكون أنثروبولوجيًا: (اليوم أسعفني الحظ في استعمال القاموس الغليظ، معذرة): لماذا ما عطاونيش حتى أنا …ياك حتا أنا كنت مرشح! ومن حقي أن أغني جيل جلالة:
دوك اللايمين رفقو من حالي ..علاش تعيبو فقولي وفعالي
فمن الصعب للغاية أن تشعر، مثلي تماما، بأنهم ما «عطاونيش»…!
واش أنا معطاونيش؟ وهي تعني في دارجة الشرق القديمة: أنني لا أنال استحسانا/
وهي تعني أنه ما »في يدَّكْش»….
«مْقيعيد» واحد ياناس…هل كان بمقدوره أن يُفشل التشكيلة البرلمانية العظيمة لدولة ديمقراطية مثل المغرب جربت الاسلام السياسي…. كاع؟
صعب أن تشعر أن الدولة لا تحبك ، وخبير الخرائط لا يحبك وأن الموزعين الضامنين للنَّبالة البرلمانية (la noblesse والجاه les honneurs الدستوري لا يحبونك والأصعب للغاية أن تجلس وحيدا، مثلك مثل رئيس حكومة سابق، تقضم نفسك وتلوك محنتك وحيدا مثل حصان في قصيدة شاعر غادر الحياة!
صعب أن تقف مثل أيوب وحيدا بلا حب ديموقراطي ولا عاطفة دستورية وحيدا بلا أمل في أن تصلك «عطية من لله بسر الجمال» ..هل هذه أمور من النوع التي نقضيها بالفكاهة وقليل من المراوغات الأدبية؟
حتما لا..
لكن ماذا نفعل عندما. لا يرد القائمون على معبد الديموقراطية في البلاد بالدفاع عنه؟وماذا نفعل عندما يتم التشكيك علنيا في نتائج انتخابية رباعية ؟
ماذا نفعل عندما لا يشعر أي واحد من المسؤولين السياسيين عن التجربة الانتخابية أن هناك واجبا أخلاقيا وسياسيا ومؤسساتيا في الدفاع عن التجربة الحالية؟ ماذا نفعل حقا إن لم نختم بقليل من «التريكيل» الديموقراطي.. على حساب خطر فقدان الثقة في التجربة برمتها..!
لن نمل من تكرار ما قلناه سابقا (انظر أي مؤامرة قادت أخنوش الى الحكومة؟: (هذا رئيس حكومة سابق، وأمين عام حزب حاليا، يعلن بملء فمه السياسي بأن القضية فيها قرار بإعطاء النتيجة لمن تم اختياره لذلك، بـ «الدْفوع» الديموقراطي والعمارية الدستورية…والمشاهدين، نحن في مشهد سوريالي حسبه!!
إنه خطر كبير على الديموقراطية أن نلزم الصمت
في البلاد وفي أرباح الطاقة وفي الإحجام عن القرارات الواجبة، ونلتزم الصمت في قطاعات مركزية مثل الكتاب المدرسي في الدخول والخبز وثمنه وفي الطاقة في زمن البرد، ونلزم الصمت في قضية الماء في زمن الجفاف..
ونلزم الصمت في معنى السياسة..
..
الرجاء لا تأخذوا هزلي بجدية، فهناك عبث سياسي يستحق ذلك..يستحق فعلا أن نبقي على بصيص من الثقة في العملية السياسية برمتها..
أما الوطن فله رب وشعب وعرش يحمونه!

الكاتب : عبد الحميد جماهري - بتاريخ : 20/09/2022

التعليقات مغلقة.