الباحث عبد العزيز أشرقي يدق ناقوس الخطر حول مستقبل الأرض.. المغرب من بين الدول المهددة بعواقب الاحتباس الحراري

 

بعد إصداره الأخير «المدن الذكية: مدن المستقبل»، يعود الباحث المغربي عبد العزيز أشرقي ليدق ناقوس الخطر مما يواجه العالم اليوم من كوارث وأزمات لعل أخطرها بعد الحروب والمجاعات، ما يصطلح عليه اليوم بالتغيرات المناخية والاحتباس الحراري، والتي يعاني المغرب السنة التي نشرف على نهايتها، وطأتها الأشد بسبب الجفاف وندرة المياه وما يترتب عن ذلك من مجاعة وهجرة نحو المدن والمناطق الأكثر ضمانا للعيش .
إن ما نعيشه اليوم من أزمات مناخية لا يمكن، حسب مؤلف « التلوث البيئي والاحتباس الحراري: نذير بنهاية الحياة على كوكب الأرض»، إلا أن يؤدي إلى نتائج أوخم، وهي ارتفاع أسعار المواد وزيادة المضاربات واستغلال المواد الأولية وخيرات الشعوب الفقيرة من طرف الدول العظمى التي تتسابق نحو احتكار الأسواق الدولية، ناهيك عن انتشار الأمراض المعدية والأوبئة الفتاكة والتي لا تزال لائحتها مفتوحة ومشرعة على المجهول في القادم من الأيام.
كل ما يحصل اليوم من أزمات على كافة الأصعدة، لم يكن للطبيعة دخل فيه ، إذ يرى الباحث عبد العزيز أشرقي أن التدبير اللاعقلاني للإنسان لموارد الطبيعة هو ما أفرز هذا الوضع اليوم المتمثل في ظاهرة الاحتباس الحراري والتلوث البيئي التي تهدد مستقبل الحياة على كوكب الأرض.
ينقسم كتاب «التلوث البيئي والاحتباس الحراري» إلى قسمين:
القسم الأول تطرق فيه المؤلف إلى المنظومة البيئية، متوقفا عند التطورات الكبرى التي عرفها المغرب في القرن العشرين في ما يتعلق بتنويع وتوسيع قاعدته الاقتصادية والاجتماعية، وربطها بظاهرة العولمة وما صاحب ذلك من ضغط على المجال الطبيعي وموارده المائية والنباتية والمعدنية اقترن بسوء تدبير، واستغلال مفرط وكل ذلك في غياب سياسة واضحة وشمولية لإعداد لمجال وحماية البيئة.
يتطرق الكتاب أيضا في هذا القسم إلى بعض المفاهيم المرتبطة بمجال الأرض والتراب والمناخ، ومنها مفهوم البيئة وعناصره، مفهوم الإعداد والتهيئة، المناخ ومظاهر التغير المناخي والاحتباس الحراري، وصولا إلى القوانين المنظمة للبيئة الطبيعية عن طريق المعاهدات والمواثيق الدولية البيئية، وكذا القوانين البيئية الداخلية الصادرة منذ الحماية ( القانون المتعلق بالغابة في 1917) الذي يعد المرجع الأساسي في المجال الغابوي) والقانون المتعلق بالماء(1914)، ودستور 2011 الذي وضع مجموعة من الآليات لتعزيز المقاربة الشمولية لحماية البيئة.
يتوقف المؤلف في تناوله للسياسة المائية عند الإكراهات التي تعترضها، ومنها معضلة الجفاف التي ازداد الوعي بحدتها بعدما أصبح معطى بنيويا وثابتا في المغرب رغم أنه لم يحظ بتحليل معمق على مستوى الدراسات الاقتصادية والاجتماعية، ما من شأنه أن يوفر دراسة متكاملة تقدم طرقا لتدبير الموارد الطبيعية وحل معضلة الجفاف.
يحذر المؤلف من مستقبل المغرب الذي يعتبر واحدا من البلدان المهددة بالجفاف، واتساع المساحات التصحرية التي تعمقت بسبب التغيرات المناخية التي تهدد التنوع الإحيائي بالمناطق الجنوبية المغربية، ويقدم الأستاذ أشرقي هنا، رقما خطيرا يتعلق بكون 93في المائة تقريبا من التراب الوطني تخضع لمناخ جاف، وتعاني أراضيها من فقدان قدرتها على التجدد.
في القسم الثاني، يعرض الكتاب لمفهوم التلوث البيئي وأسبابه ومجالاته وآثاره، وصولا الى الآليات الكفيلة بالحد منه، ويعتبر أن التلوث البيئي يهدد مستقبل البشرية اليوم لأنه المسؤول الأول عن ظاهرة الاحتباس الحراري عن طريق الملوثات الصناعية، أدخنة البراكين والحرائق، الملوثات العضوية، بالإضافة إلى الطاقة الأحفورية وقلة المياه.
مظاهر الأزمة التي تهدد كوكب الأرض اليوم وفي المستقبل، وإن كانت بادية للجميع، أفرادا ومؤسسات ومسؤولين، إلا أن لا أحد تحرك لوقف زحفها، وهو ما يجد تفسيره حسب مؤلف الكتاب في كون هذا الصمت مرده تداخل وتضارب المصالح السياسية والاقتصادية للدول العظمى، تضارب يجعل الوصول الى اتفاق موحد بينها لمواجهة الخطر القادم، صعب التحقق في ظل استمرار التنافس المحموم بين الدول الكبرى على اقتسام خيرات الأرض ومواردها بشكل مفرط، الغلبة فيه لمنطق الامبريالية المتوحشة والأنانية القاتلة.


الكاتب : حفيظة الفارسي

  

بتاريخ : 22/09/2022