ترتدي تمظهراته القاتمة أكثر من لبوس : تدخين التلاميذ.. خطر متزايد ينذر بأوخم العواقب على أكثر من صعيد

 

كشف تقرير سابق صادر عن المرصد الوطني لمحاربة الإدمان والمخدرات، أن 1 من أصل 5 تلاميذ دخنوا سجائر مرة واحدة على الأقل. وهو ما جعل الفيدرالية المغربية للوقاية من أضرار التدخين والمخدرات، تشير إلى» أن واحدا من أصل عشرة تلاميذ قد سبق أن تعاطى القنب الهندي».
معطيات رقمية تحيل على «مظاهر الانحراف» التي أصبحت بادية على سلوكيات العديد من التلاميذ، تتراوح بين استفحال ظاهرة التدخين، والعنف الذي بات متفشيا بشكل مقلق، وذلك بمختلف المدن، بما فيها الصغيرة والمتوسطة.
وتشير العديد من الدراسات إلى وجود نسبة متزايدة من التلاميذ، بمن فيهم تلميذات، يدخنون السجائر أو يستهلكون أنواعا من المخدرات. وسبق أن قدرت إحدى الدراسات نسبة المدحنين بحوالي 25 في المائة، وهو رقم مرتفع إذا ما قورن بالنسبة الضئيلة لهؤلاء قبل عقدين من الزمن فقط، والتي لم تكن تتجاوز 5 أو 6 في المائة.

معطيات مقلقة

يتراوح سن أغلب مدخني ومدخنات السجائر في المؤسسات التعليمية ما بين 13 و15 سنة، ينضاف لهم ارتفاع نسبة المدمنين على تناول أنواع من المخدرات، بينها مخدرات تصنع على شكل حلوى. وتزداد الخطورة إذا ما علمنا أن الفترة العمرية المعنية تشكل مرحلة المراهقة بما تحمله من قلق نفسي ورغبة في الاكتشاف، وهي رغبة غالبا ما تنحو نحو المغامرة والتهور.
وتشير معظم الدراسات إلى أن أغلب التلاميذ المدخنين قالوا إنهم فعلوا ذلك إما تقليدا لتلاميذ آخرين كانوا يدخنون من قبل، أو رغبة منهم في الاندماج أكثر وسط «شلة»أصدقاء أغلب أفرادها يدخنون. وأصبح لافتا ملاحظة مجموعة من التلاميذ، في هذه المؤسسة أو تلك، وهم يتجمعون خلال فترات الاستراحة أو قبيل بدء الدراسة، وهم يدخنون بشراهة، أو يتبادلون لفافات الحشيش، فيما تفعل التلميذات ذلك بحرص أكبر، ويفضلن في الغالب الانزواء في أماكن منعزلة.
كما أن التدخين في المؤسسات التعليمية أصبحت تلازمه ، خلال السنوات الأخيرة، ظاهرة استفحال بيع الأقراص المهلوسة أو الحلويات المعروفة باسم المعجون، وهي مادة تشبه الحلوى ويتم خلطها بالحشيش أو بأقراص الهلوسة، وأغلبها يباع من طرف أشخاص يؤثثون محيط المؤسسات التعليمية.

المراهقة .. مؤشرات الخطر

«ما يناهز 30 في المائة من تلاميذ الإعداديات يدخنون…» تقول نتائج بحث سابق حول استهلاك التبغ في أوساط اليافعين، كما أن 10 في المائة من المدخنات أمهاتهن يتعاطين التدخين. هذا وتفتح أول سيجارة الباب أمام سجائر أخرى كثيرة، وقد تقود إلى الغوص في عالم الحشيش والمخدرات الأخرى، ويعتبر الأطفال، خاصة مدمني التبغ منهم، صيدا سهلا بالنسبة إلى بائعي المواد المخدرة الذين يستغلون ضعف تجربتهم ويبتكرون عدة طرق ليضعوا أرجلهم في طريق إدمان الحشيش الخطرة، حتى أن حقائب مدرسية كثيرة تتحول الى مستودعات متنقلة ملأى بحلويات المعجون، والكيك المحشش أو الحشيش، وحتى حبوب الهلوسة (القرقوبي). ويلجأ مروجو هذه السموم إلى أساليب مبتكرة وخطرة لتوسيع قاعدة المستهلكين والزبائن المحتملين، وذلك برمي كميات كبيرة منها، خاصة الحبوب المهلوسة، في محيط المؤسسات التعليمية، والتي باتت لها أسماء متعددة، منها» شكيليطة والقاتلة وغريبة والمشطة والفانيدة ومهيبيلة ومباركة والسميطة وموموة وغيرها من الأسماء الدخيلة على المجتمع.
وحسب بعض الدراسات فإن «المراهق بتدخينه للمخدرات لا يبحث عن المتعة بقدر ما يريد التخلص من المعاناة والمشاكل، وهو ما يؤكد ارتباط استعمالها بمجموعة من الإكراهات الاجتماعية من فقر، هروب من المنزل، أمية وعنف، بالإضافة إلى بعض العوامل النفسية المتمثلة أساسا في الخجل، الاكتئاب، عدم الثقة في النفس، الفشل في ربط علاقات اجتماعية والاندماج في المحيط المجتمعي».

سبل التصدي للظاهرة

دعت العديد من الدراسات إلى «إدخال برامج تربوية في المدرسة لتدريب المراهقين على بعض المهارات الاجتماعية لمقاومة الضغوط التي تقع عليهم من أقرانهم من أجل ممارسة التدخين»، وكذا « إدخال مادة التربية الصحية في التعليم، والتي يتم بموجبها تزويد التلاميذ بالمعلومات الكافية عن الأضرار الصحية لأنماط السلوك غير السوي، تطبيق عقوبات على مخالفي تحذيرات التدخين في مواقع معينة، تحسيس وحث الآباء على الإقلاع عن التدخين حتى لا يتسببوا في وقوع أبنائهم فريسة للتدخين، ضرورة متابعة أولياء الأمور لأبنائهم لمعرفة سلوك أقرانهم وإرشادهم باستمرار بالابتعاد عن مرافقة الأشخاص الذين يمارسون عادات ضارة كالتدخين، الأخذ بأفضل سبل التربية الدينية في تربية النشء حتى يشبوا على القيم الأسرية والاجتماعية المرتكزة على قواعد الدين الصحيح، مساعدة المدخنين الراغبين في الإقلاع عن التدخين وذلك باستخدام انجح الوسائل الطبية والنفسية والاجتماعية بصورة متكاملة وشاملة، منع الدعاية بأية صورة من الصور في جميع وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية واستخدام تلك الوسائل في حملات مكافحة التدخين، بإشراك الأطباء وعلماء الدين… وغيرهم من ذوي الاختصاص».


الكاتب : إعداد : مصطفى الناسي

  

بتاريخ : 26/09/2022