في معنى رئاسة المغرب لمجلس السلم والأمن الإفريقي

عبد الحميد جماهري

تتولى بلادنا ابتداء من يومه السبت فاتح أكتوبر، ولمدة الشهر كله، رئاسة مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي، ويجمل بنا القول في سياق هذه المهمة إن بعض المهام تحمل قوة التحول، كما هو حالنا مع هذه الهيئة التي تمثل نظام الأمن الجماعي، المؤسس على نموذج مجلس الأمن الأممي المكلف بالسلام في العالم.
أول ما يعطي لهذه المهمة قوتها، أن الرئاسة تتويج لعضويته لمرتين في هذا المجلس، الذي يعتبر في آليات الاتحاد الإفريقي، هو العمود الرئيسي في الهندسة الأمنية الإفريقية للسلم والأمن …
وثاني ما يجب إبرازه هو أن المجلس ظل لفترات طويلة أحد أدوات الخصوم في الاتحاد الإفريقي لضرب المغرب في قضاياه الحيوية، ومنها القضية الوطنية الأولى، وظل منصة للخصوم طيلة عقد من الزمن ويزيد، منذ إنشائه في 2003 ولاسيما في حروب جنوب إفريقيا ضد المغرب…
واستطاع المغرب في ظرف قياسي أن يحصل على تمثيلية لدورتين فيه ثم رئاسته حسب الدورية المعتمدة في تنظيم أشغاله وهياكله.
من العناصر الأساسية في تحليل الرئاسة المغربية:
أولا أنها تتزامن مع شهر أكتوبر الذي يكون عادة شهر القرارات الخاصة بقضيتنا الوطنية…
ولطالما شوش المجلس على حق المغرب، وسيكون من المفيد للمغرب أن تكون الرئاسة في هذا الشهر له، لأن الجميع سيأخذ بعين الاعتبار موقعه الهام على رأسه، والأعمق من ذلك أن المجلس عادة ما يتم إشراك مجلس الأمن الدولي في أعماله.
ويتبين بالواضح أن المغرب يرأس اجتماعات هامة بعضها سيتم فيها إشراك مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة …
العنصر الثاني أن مهام المغرب على رأس مجلس السلم والأمن الإفريقي ستنصب على دراسة التقارير، بما في ذلك تلك المتعلقة بوضعية السلام في إفريقيا وتنفيذ خارطة الطريق الرئيسية للاتحاد، وعلى ذكر موضوع إسكات صوت الأسلحة، سيكون أمامه فرصة لتدقيق المسلمات وتوضيح القرارات وأبعادها عن الحسابات والتأويلات المرهونة للاستراتيجيات العدائية…
وبهذا الخصوص، والمناسبة شرط، كان الرئيس الكيني السابق أوهورو كينياتا دعا القادة الأفارقة الحاضرين في قمة أديس أبابا، في فبراير الماضي، إلى عقد قمة على مستوى مجلس السلم والأمن لمناقشة التطورات في الصحراء !!!
وسيكون المغرب، في سياق الرئاسة، شريكا في صلاحياته مع رئيس المفوضية، في وضع السياسة الدفاعية المشتركة والسهر على تطبيق الاتفاقيات والآليات الأساسية المفتاح في محاربة الإرهاب الدولي…
وهو بذلك مؤهل أكثر من غيره في هذا الموضوع، وباعتبار احتضانه في ماي الماضي للمؤتمر الدولي ضد داعش واستراتيجيات العمل ضد الإرهاب بكل أشكاله، وقد راكم أدبيات وتجارب ناجعة في مواجهة الظاهرة، إضافة إلى العديد من المحطات الأخرى ومجالات التعاون الدولي ضد الإرهاب والجريمة المنظمة والانفصال…وفي هذا السياق تنص الوثيقة التأسيسية لمجلس السلم والأمن على صلاحية واضحة أساسها اتخاذ الإجراءات الضرورية في حالة كان الاستقلال الوطني وسيادة دولة عضو عرضة للتهديد بفعل أعمال عدائية بما فيها استعمال المرتزقة»!
والمغرب أمامه فرصة للتقدم على جبهة ما أقنع به مؤتمر التحالف ضد داعش بالترابط بين الانفصال والإرهاب، وإعداد الأرضية لإعادة النظر في وجود دولة الوهم في صفوف الاتحاد، في وقت ترفع من لغة الإرهاب والحرب والهجوم على سيادة بلاد ووحدتها الترابية…
الرئاسة المغربية لمجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي تتويج مؤسساتي لعمل طويل النفس قام به المغرب، تحت قبعات أممية وقارية، من أجل «إفريقيا تنعم بالسلام والاستقرار والازدهار، وتشكل تتويجا لجهود دبلوماسية المملكة على مستوى القارة الإفريقية، بقيادة جلالة الملك محمد السادس، لصالح السلام والأمن والاستقرار في إفريقيا»، كما ورد في بلاغ وزارة الخارجية، وهي إشارة إلى أن بلادنا ستضع رهن إشارة إفريقيا تجربتها والتزامها وارتباطها العميق بسلامة القارة…

الكاتب : عبد الحميد جماهري - بتاريخ : 01/10/2022

التعليقات مغلقة.