فرح عابر للحدود

عزيز الساطوري

يستطيع المرء أن يصطنع بعض الأحاسيس، لكن المؤكد أن الفرح لا يمكن تصنعه، فأنت تشعر به على وجوه وملامح الناس، وتدرك أنه فرح حقيقي نابع من القلب. ما حدث بعد التأهل التاريخي للمنتخب الوطني إلى ربع نهائي كأس العالم، وما نقلته إلينا القنوات التلفزية ووسائل التواصل الاجتماعي عن الفرح الذي غمر الشعوب العربية، كان سعادة حقيقية خفقت بها القلوب وعبرت عنها المشاعر الجياشة. فمن المحيط إلى الخليج، كان الإحساس واحدا، وكان الفرح واحدا.
لقد كنا كمغاربة، ونحن نتابع المقابلة أمام إسبانيا، نشعر أننا لسنا وحدنا، كنا ندرك أن الجماهير في مختلف الدول العربية تقف معنا وتساندنا، ومع إطلاق صافرة النهاية، كنا ندرك أيضا أن الفرح بالتأهل ليس فقط مغربيا، بل أيضا عربيا.
لقد رأينا كيف رفعت أعلامنا في فلسطين، وكيف بحت الحناجر في الأردن، وكيف كان العناق حارا في العراق، وكيف انهمرت دموع الفرح في سوريا، وكيف هللت الأصوات في السعودية، وكيف زين برج خليفة في الإمارات بالراية المغربية، شعرنا بخفقان القلوب في الكويت، في البحرين، في عمان واليمن والجزائر، وكيف احتضننا القطريون كأننا في المغرب، وكيف كان السودانيون يسارعون لتهنئتنا بالفوز، ورأينا صدق المشاعر في تونس وليبيا، وكيف انهالت رسائل وبرقيات التهاني من موريتانيا والصومال وجيبوتي ولبنان وجزر القمر.
رأينا كل ذلك، ورأينا أيضا ما حدث في مصر، لقد كانت المشاعر التي عبر عنها المصريون، صحافيون، فنانون، كتاب ومشاهير، كل المصريين في مختلف المدن والقرى، كانت مشاعر صادقة. إن اللسان يعجز عن وصف إحساسنا، نحن المغاربة، ونحن نرى كيف فرح أشقاؤنا معنا، ليس لنا، لأن الفرحة واحدة، ولكن معنا، لأن إنجازنا هو إنجازهم أيضا.
يقال بأنه لا شكر على واجب، لكن عندما يكون الواجب زيادة عن المتوقع، وفوق المنتظر، ففي هذه الحالة يصبح الشكر واجبا علينا أيضا. شكرا لكم أشقاءنا، ما عبرتم عنه لنا في هذه الليلة المشهودة، سيبقى دينا في أعناقنا، لقد أكدتم مرة أخرى، أن أفراحنا واحدة، وكما يقول أشقاؤنا المصريون، نجاملكم في الأفراح..فشكرا لكم.

الكاتب : عزيز الساطوري - بتاريخ : 08/12/2022

التعليقات مغلقة.