اتحاد كتاب المغرب.. إلى أين؟

 

 مسؤولون في المنظمة الثقافية العتيدة يتحدثون إلى الجريدة

 

دخل اتحاد كتاب المغرب منذ سنوات عنق الزجاجة ولم يتمكن، الى الآن، من الخروج منها، وهي الأزمة التي تعمقت بعد توقف أشغال مؤتمره التاسع عشر بطنجة في يونيو 2018 بسبب الصراعات التي نشأت بين المؤتمرين والتي عجلت بتوقيف المؤتمر.
المبادرات الحبية التي اقترحت بعد ذلك، من قبيل تأسيس لجنة تحضيرية لعقد المؤتمر الوطني الاستثنائي التاسع عشر والتي ترأسها الدكتور مصطفى القباج لم تنجح في وقف نزيف هذه المؤسسة الثقافية الوطنية التي راكمت تاريخا من الفعل الثقافي المنخرط في أسئلة مجتمعه، ورأسمالا محترما في التدبير الديمقراطي لمسارها، مؤسسة أضحت اليوم إطارا ثقافيا مثقلا بالهزات والارتدادات الناتجة عن أزماته المتكررة.
اليوم وبعد أربع سنوات تعمقت فيها الأزمة،(تقديم الرئيس عبد الرحيم العلام استقالته بتاريخ يوم 18 فبراير 2019 عبر وسائل الإعلام المغربية والعربية) ثم عودته الى تسيير دفة الاتحاد ، وفي وقت تبودلت فيه الاتهامات حول مسؤوليات الإخفاق والتراجع، أعلن المكتب التنفيذي لاتحاد كتاب المغرب عن عقد المؤتمر الوطني الاستثنائي التاسع عشر بمدينة العيون ما بين 25 و27 يناير المقبل، وذلك تحت شعار: «جبهة ثقافية لنصرة قضية الصحراء المغربية». ووفق ما جاء في بلاغ الاتحاد، فإن «قرار تنظيم المؤتمر الاستثنائي جاء تبعا لقرار المؤتمر الوطني العام السابق لاتحاد كتاب المغرب، المنعقد بطنجة، ولقرار اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني الاستثنائي التاسع عشر (المكتب التنفيذي واللجنة المنتدبة من مؤتمر طنجة)، الأمر الذي تنفيه اللجنة التحضيرية المنتدبة، حيث صرح لنا عضو اللجنة التحضيرية المنبثقة عن مؤتمر طنجة، الكاتب والمترجم مصطفى النحال، أن القرار اتخذ بشكل أحادي، سواء تاريخ الانعقاد أو مكانه، دون استشارة اللجنة والتي يبقى لها وحدها ،قانونيا، الحق بعد عقد اجتماعها أن تعلن عن تاريخ المؤتمر، وهي اللجنة التي يجب أن تضم تمثيليات جميع الفروع. وأضاف النحال أنه في مؤتمر طنجة تم الاتفاق على حضور الحاصلين على العضوية قبل 2015 وهو ما لا يتحقق في الأعضاء المنتدبين اليوم والذين لم يبت في عضويتهم «مجلس الحكماء».
الخلاف حول ترتيبات عقد المؤتمر ومكان عقده، تجاوز أعضاء اللجنة التحضيرية المنبثقة عن مؤتمر طنجة، الى أعضاء المكتب التنفيذي الحالي المسير للاتحاد، والذين أكدوا بدورهم على غياب أية مقاربة تشاركية في التحضير لمؤتمر العيون.
أمينة مال المنظمة الشاعرة والمترجمة وداد منموسى عبرت عن استعدادها الدائم لبذل كل ما في وسعها لإخراج المنظمة من النفق المظلم الذي دخلت إليه، نظرا للتراكم الإيجابي الذي حققته، معربة عن أنها «لا تريد أن تتحمل مسؤولية موت هذه المنظمة الثافية العتيدة « التي تتحمل مسؤولية كل ما يتعلق بتدبيرها المالي» ولو أنها كباقي أعضاء المكتب التنفيذي لا تعلم بمستجدات التحضير للمؤتمر إلا عبر مجموعة الواتساب!. و بالرغم من أنها اعتبرت «أن الاتصال بالسيد الرئيس ليس يسيرا»، فإن بنموسى تؤكد على مواصلة اتصالاتها ومساعيها احتراما لأخلاق المسؤولية.
الكاتب العام للمنظمة، سعيد كوبريت، لخص الوضع في جملة مكثفة تعبر عن واقع الحال بالقول» ككاتب عام للمنظمة، ليست لدي صورة واضحة عما يحدث من ترتيبات للمؤتمر».
عضو المكتب التنفيذي المكلف بالفروع يحيى عمارة صرح بدوره أنه لحد الساعة لم يتم عقد أي اجتماع للجنة التحضيرية أو المكتب لمناقشة التقارير التي ستقدم، بل هناك غموض يلف لوائح المسجلين،المقبول منهم والمرفوض، حيث لم يعلن عن أسماء المشاركين ولا الوفود المدعوة ولا الوثائق أو التقارير التي ستقدم. وشدد عمارة على مسألة إغلاق لوائح التسجيل قبل شهر من انعقاد المؤتمر والتي ستكون عقبة أمام ضمان عدد أكبر من الحضور مستغربا في نفس الوقت من ذلك. عضو المكتب التنفيذي أضاف أن التحضير الجيد الذي يضمن إنجاح هذه المحطة الهامة في مسار مؤسسة ثقافية عريقة عرفت بالنقاش الديمقراطي واستقلالية قرارها، لا يمكن أن يتم في هذه الظروف المتسمة بالغموض والارتجالية، خاصة أن أغلب الأعضاء لم يكونوا على علم بآجال التسجيل وكان من الأجدر التواصل معهم مباشرة. وهو ما دفعه للتعبير عن رفضه لطريقة تدبير مراحل المؤتمر ولإغلاق لوائح التسجيل مطالبا بتمديد آجالها.
هذا الوضع، الى جانب قضايا خلافية أخرى منها مسألة الجهة الداعمة وما تطرحه من التباسات، يقول عمارة «جعلنا، كمكتب، نقدم نقدا ذاتيا بعد هذا الغموض التنظيمي الذي لم يسبق أن رأيناه في تاريخ الاتحاد».
فهل سيتمكن الاتحاد، ونحن على بعد أقل من شهر عن المؤتمر، من تجاوز هذه الخلافات التي تتطلب إرادة جماعية للحفاظ على هذا الصرح الثقافي، وبالتالي إنجاح المحطة المقبلة بضمان حد أدنى من التوافق الذي يتأسس أولا على مبدأي الديمقراطية الداخلية والتشاركية؟.


الكاتب : حفيظة الفارسي

  

بتاريخ : 30/12/2022