المعارضة التونسية تدعو إلى التصدي للممارسات الاستبدادية لنظام قيس سعيد

الأمم المتحدة تدين تزايد القمع، والولايات المتحدة تشجب استهداف المعارضين

 

في ظل أزمة اقتصادية خانقة تمر منها البلاد، يواصل الرئيس التونسي قيس سعيد استهداف القوى المعارضة، بالإضافة إلى وسائل الإعلام المستقلة والقيادات النقابية، في حملة قمع ممنهجة طالت أيضا عددا من رجال الأعمال، وذلك في مسعى منه لاحتكار كافة السلطات، مما أدى إلى موجة إدانة محليا ودوليا.
وفي هذا الإطار أعرب ناشطون وجمعيات ومنظمات تونسية عن انشغالهم من ارتفاع وتيرة الملاحقات والاعتقالات الأخيرة بتونس، التي وصفوها بـ ‹›التعسفية»، في حق نشطاء سياسيين واجتماعيين وإعلاميين ومعارضين.
وأدانوا في بيان مشترك إيقاف المدير العام لإحدى الإذاعات الخاصة دون توجيه تهمة له، واستنطاقه حول الخط التحريري لمؤسسته، معتبرين أن «ذلك يعد محاولة لترهيب وسائل الإعلام والصحفيين وكل الأصوات الحرة بتونس».
كما عبرت هذه المنظمات عن استنكارها «توظيف أجهزة الدولة التونسية وتطويعها من قبل المنظومة السياسية الحاكمة من أجل تصفية الحسابات مع المعارضين والمنتقدين لسياساتها»، مطالبة الرئيس قيس سعيد بالكف عن خطاب التحريض والتخوين.
ودعت هذه المنظمات، القوى المدنية وعموم المواطنين والمواطنات، للالتفاف معا في سبيل التصدي لما اعتبرته ‹›مسار الارتداد إلى ممارسات نظام الاستبداد والتراجع عن الحقوق والحريات ‹›التي اكتسبها الشعب بعد ثورة 14 يناير 2011».
كما نددت «جبهة الخلاص الوطني»، أهم تكتل لأحزاب المعارضة في تونس، بالوضع السياسي «المتعفن» بعد سلسلة من الاعتقالات «التعسفية» لحقت شخصيات سياسية وإعلامية، في هذا البلد المنهك بسبب تواصل الأزمات.
وفي هذا الإطار، قال رئيس الجبهة أحمد نجيب الشابي في ندوة صحافية إن «الاجراءات عنيفة ودون سند قانوني…هذا التخبط واللجوء إلى العنف سيزيد الأمور تعفنا». واعتبر الشابي أن هذا «الانتقام» من المعارضين السياسيين و»استخدام القمع»، يبرهن على «ارتباك» سياسة الرئيس قيس سعيد الذي يحتكر السلطات في البلاد منذ 25 يوليوز 2021، مضيفا أن «البلاد في أزمة والحكومة لا تفكر إلا في التخلص من معارضيها»، داعيا جميع الأحزاب السياسية إلى الوحدة لإخراج البلاد من هذا الوضع.
بدوره ندد «الاتحاد العام التونسي للشغل» في بيان له «بحملات الاعتقال العشوائية… وما شابها من خروقات قانونية وتجاوزات إجرائية ومحاولات تلفيق التهم»، داعيا أنصاره للتعبئة «للدفاع عن حق التونسيات والتونسيين في العيش الكريم». وعلى الصعيد الدولي، أدانت الأمم المتحدة «تفاقم القمع» في تونس، إثر الاعتقالات التي طالت العديد من المعارضين والصحافيين.
وقال جيريمي لورانس، المتحدث الرسمي باسم مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، خلال إيجاز صحافي في جنيف، إن تورك أعرب عن «قلقه من تفاقم القمع ضد أولئك الذين ينظر إليهم على أنهم معارضون سياسيون ومنتمون إلى المجتمع المدني في تونس، ولا سيما من خلال الإجراءات التي اتخذتها السلطات في مواصلة لتقويض استقلالية القضاء».
وأوضح لورانس أن «مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان لاحظ أيضا أن المدعي العام قد بدأ بشكل متزايد إجراء ملاحقات ضد المعارضين، متهما إياهم بالتآمر ضد أمن الدولة، وإهانة رئيس الدولة أو انتهاك مرسوم القانون المتعلق بمكافحة الجرائم الإلكترونية».
وأضاف «نشعر بالقلق كذلك من أن بعض المعتقلين قد حوكموا أمام محاكم عسكرية بسبب انتقادهم الحكومة، وندعو السلطات إلى الوقف الفوري لمحاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية».
ودعت المفوضية السامية لحقوق الإنسان السلطات التونسية إلى احترام معايير الإجراءات القانونية والمحاكمة العادلة و»الإفراج الفوري» عن جميع المعتقلين تعسفيا، بمن فيهم أي شخص محتجز على خلفية ممارسته لحريته في الرأي أو التعبير».
كما نددت الأمم المتحدة «بسلسلة القرارات» التي اتخذتها السلطات التونسية منذ يوليوز 2021 «والتي قوضت استقلال القضاء، ولا سيما منها حل المجلس الأعلى للقضاء وعزل 57 قاضيا دون إعلام».
كما شجبت الولايات المتحدة توقيف معارضين للرئيس قيس سعيد، ودعت إلى توخي الشفافية في الإجراءات القانونية.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، نيد برايس، للصحافيين «نشعر بقلق عميق إزاء التقارير عن توقيف عدة شخصيات سياسية ورجال أعمال وصحافيين في تونس في الأيام الأخيرة».
وأضاف برايس «نحترم تطلعات الشعب التونسي إلى قضاء مستقل وشفاف قادر على حماية الحريات الأساسية للجميع».


الكاتب : عزيز الساطوري

  

بتاريخ : 18/02/2023