ناصر بوريطة يزور واشنطن ويجري لقاءات مع كبار المسؤولين الأمريكيين : المغرب والولايات المتحدة : خطى ثابتة نحو تعزيز الشراكة الاستراتيجية

تتميز العلاقات بين المغرب والولايات المتحدة، بأنها علاقات راسخة، متجذرة في التاريخ، ومنفتحة على المستقبل.
لقد كان المغرب أول دولة تعترف باستقلال الولايات المتحدة، سنة 1777، وعلى مدى العقود الماضية، ظل الرؤساء الأمريكيون يشيدون بهذا الاعتراف، ويبدون امتنانهم للمغرب الذي كسر آنذاك كل القيود ليعترف بالدولة حديثة العهد بالاستقلال.
كما أن المغرب والولايات المتحدة، وقعا مبكرا، سنة 1786، على معاهدة للسلام والصداقة، والتي تعد أقدم وثيقة من نوعها وقعتها الولايات المتحدة مع بلد أجنبي، وأطول معاهدة بدون انقطاع في تاريخ الولايات المتحدة.
ورغم كل ما شهده العالم من تقلبات على مدى 246 سنة، إلا أن العلاقات بين البلدين الحليفين، أثبتت قدرتها على الصمود والاستمرار والتجدد، علاقات زادت ترسخا بعد الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على صحراءه سنة 2020 وشهدت زخما ملحوظا في النصف الأول من ولاية الرئيس جو بايدن، ولا أدل على ذلك، الزيارات المتتالية لمسؤولين أمريكيين كبار إلى المغرب، في السنتين الماضيتين، سواء على الصعيد السياسي، الاقتصادي أو الأمني.
وفي هذا الإطار، وتعزيزا لهذه الشراكة الاستراتيجية، جاءت زيارة وزير الشؤون الخارجية والتعاون، ناصر بوريطة، إلى واشنطن، والتي تميزت على الخصوص بالمحادثات الهامة التي أجراها مع نظيره الأمريكي أنتوني بلينكن.

 

تكريس لدينامية المشاورات المنتظمة بين البلدين

في إطار المشاورات الدائمة الهادفة إلى تعزيز الشراكة الاستراتيجية التي تربط المغرب بالولايات المتحدة، والتشاور بشأن مختلف القضايا الإقليمية والدولية، توجه وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، الاثنين، إلى واشنطن، في إطار زيارة عمل، وهي الزيارة التي شكلت مناسبة لإجراء سلسلة من المباحثات في البيت الأبيض ووزارة الخارجية، لا سيما مع وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن.
وتشكل زيارة بوريطة إلى واشنطن فرصة لتعزيز هذه الشراكة الاستراتيجية الثنائية القوية وطويلة الأمد، التي تجمع البلدين في مختلف المجالات، والتباحث بشأن القضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك، لا سيما في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا. كما وتكرس هذه الزيارة الخاصة دينامية المشاورات المنتظمة بين المغرب والولايات المتحدة، والتي تكثفت بشكل كبير خلال السنتين الماضيتين، مع توالي زيارات كبار المسؤولين الأمريكيين إلى المملكة.

زيارات متعددة لمسؤولين أمريكيين إلى المغرب لتعزيز التعاون السياسي الاقتصادي والأمني

شهدت العلاقات المغربية الأمريكية، خلال السنة الماضية، ومطلع السنة الحالية، لقاءات متعددة بين مسؤولي البلدين، لتعزيز الحوار السياسي والمشاورات ذات الطابع الأمني والاقتصادي، مما أكسب العلاقات بين البلدين زخما متصاعدا.
فعلى صعيد الحوار السياسي، تميزت السنة الماضية، على الخصوص، بالزيارة التي قام بها رئيس الدبلوماسية الأمريكية، أنتوني بلينكن إلى الرباط، في مارس 2022. وصرح المسؤول الأمريكي، بهذه المناسبة، «إننا ندعم برنامج الإصلاحات الطموحة لجلالة الملك، الهادف إلى تعزيز المؤسسات المغربية».
كما عرفت السنة الماضية زيارة نائبة بلينكن، ويندي شيرمان، خلال الشهر ذاته، ثم نائبة وزير الخارجية الأمريكي للشؤون السياسية، فيكتوريا نولاند، في ماي 2022، وكذا الزيارة التي قامت بها مساعدة وزير الخارجية الأمريكية لشؤون المنظمات الدولية، ميشيل سيسون، في يناير الماضي.
ينضاف إلى هذا الزخم، زيارتان إلى المغرب قامت بهما الرئيسة المديرة العامة لهيئة تحدي الألفية، أليس ألبرايت، خلال الأسبوع الماضي وقبل ذلك في يوليوز 2022، على رأس وفد اقتصادي أمريكي هام.
وفي دجنبر 2022، قام منسق منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض، بريت ماكغورك، بزيارة إلى الرباط لعقد مشاورات رفيعة المستوى.
واندرجت المشاورات الأمنية ضمن الدينامية ذاتها الهادفة إلى تعزيز العلاقات، وذلك على الخصوص من خلال الزيارة الأولى إلى المغرب لرئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية، الجنرال مارك ميلي، في فبراير الماضي.
ومكنت الزيارات التي قامت بها كل من مديرة الاستخبارات الوطنية، أفريل هينز، ورئيس مكتب التحقيقات الفدرالي، كريستوفر راي، خلال 2022، من تنويع وتعميق الشراكة الأمنية متعددة الأبعاد، والتي ما فتئت تتطور بين البلدين.
كما شهدت العلاقات مع الكونغرس الأمريكي دينامية قوية، لا سيما خلال الأشهر الثلاثة الماضية، مع زيارة المجموعة البرلمانية لاتفاقات أبراهام في مجلس الشيوخ الأمريكي، خلال يناير الماضي، ثم الزيارة التي قام بها، في فبراير، وفد من أعضاء مجلس الشيوخ المؤثرين بقيادة رئيس لجنة الشؤون الخارجية، ثم في مارس، زيارة تجمع ذوي الأصول اللاتينية في مجلس النواب بالكونغرس الأمريكي.
وقام هذا الوفد، على الخصوص، بزيارة إلى مدينة الداخلة، في أول زيارة لمسؤولين أمريكيين منتخبين إلى الأقاليم الجنوبية، منذ اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على صحرائه في دجنبر 2020.
كما تميزت دينامية الشراكة بين الرباط وواشنطن، بتنظيم المغرب للقاءات مشتركة هامة، بما فيها الاجتماع الوزاري للتحالف العالمي ضد داعش، في ماي 2022، وقمة الشؤون الأمريكية الإفريقية، في يوليوز 2022، التي مهدت لقمة قادة الولايات المتحدة وإفريقيا، والتي استضافها الرئيس بايدن في دجنبر 2022

تأكيد وإشادة بالمغرب بصفته «قوة مهمة من أجل الاستقرار، والسلام، والتقدم والاعتدال»

على إثر هذه الزيارة، وخلال المباحثات التي أجراها بواشنطن، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، مع نظيره الأمريكي، أشاد أنتوني بلينكن، ، بـ»الشراكة طويلة الأمد، والتاريخية والمتينة» بين الولايات المتحدة والمغرب، مبرزا أن المملكة تعد «قوة مهمة من أجل الاستقرار، والسلام، والتقدم والاعتدال».
ونوه بلينكن أيضا «بريادة» المغرب في مجال إرساء السلام والاستقرار الإقليمي، من خلال استئناف العلاقات مع إسرائيل، وكذلك في ما يتصل بقضايا التغيرات المناخية والطاقات المتجددة، مبرزا التعاون الثنائي الوثيق في مختلف المجالات ذات الاهتمام المشترك.
ولدى حديثه عن التعاون العسكري بين البلدين، تطرق المسؤول الأمريكي إلى تنظيم المغرب، قريبا، للتمرين العسكري المشترك «مناورات الأسد الإفريقي».
وخلال هذا اللقاء، الذي يندرج في إطار المشاورات السياسية المنتظمة بين الجانبين، بشأن مختلف محاور الشراكة الاستراتيجية، سلط بوريطة الضوء على «الصداقة المتينة والتاريخية» التي تجمع البلدين، مسجلا أن هذه الشراكة «لم تكن قط بالمتانة التي تشهدها اليوم».
وقال بوريطة إن «صاحب الجلالة الملك محمد السادس يقدر هذه الشراكة، القائمة على التزاماتنا المشتركة من أجل السلام والاستقرار والازدهار».
وأكد الوزير أن «مباحثاتنا كانت دائما مثمرة وبناءة»، موضحا أن الشراكة بين المغرب والولايات المتحدة تساهم في «خدمة شعبينا وكذا السلام والاستقرار في العالم».

تجديد الدعم الأمريكي لمخطط الحكم الذاتي المغربي، باعتباره «جادا، وذا مصداقية، وواقعيا»

خلال هذه المباحثات أيضا، جدد وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، تأكيد دعم بلاده لمخطط الحكم الذاتي المغربي من أجل الطي النهائي للنزاع الإقليمي حول الصحراء، مبرزا أن الولايات المتحدة «تواصل» اعتبار هذا المخطط «جادا وذا مصداقية وواقعيا».
وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، في بيان صدر عقب هذه المباحثات، إن «وزير الخارجية الأمريكي سجل أن الولايات المتحدة تواصل اعتبار مخطط الحكم الذاتي المغربي جادا وذا مصداقية وواقعيا».
وأضاف البيان أن وزير الخارجية الأمريكي ووزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج أكدا، خلال مباحثاتهما، «دعمهما الكامل للمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، ستافان دي ميستورا، بهدف تعزيز حل سياسي دائم ولائق» لهذا النزاع الإقليمي.

امتنان أمريكي لجلالة الملك، بفضل قيادته وإسهامه الراسخ في تحقيق السلام والاستقرار الإقليميين

وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، أعرب أيضا، عن «امتنان» الولايات المتحدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، بفضل «قيادته وإسهامه الراسخ» في تعزيز السلام والاستقرار الإقليميين، بما في ذلك الشرق الأوسط، منوها بالدور الذي تضطلع به المملكة في «ضمان الاستقرار» في المنطقة وفي إفريقيا.
وأبرز المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، في بيان صدر عقب المباحثات التي جرت بين ناصر بوريطة وأنتوني بلينكن، أن «كاتب الدولة أعرب عن امتنانه لقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس وإسهامه الراسخ في تعزيز الاستقرار والسلام الإقليميين، بما في ذلك جهوده للنهوض بمستقبل آمن ومزدهر للإسرائيليين والفلسطينيين».
وأضاف المتحدث باسم الدبلوماسية الأمريكية أن المسؤولين ناقشا، خلال هذا الاجتماع، «الجهود الهادفة إلى الدفع قدما بالسلام والأمن الإقليميين، بما يجسد دور المغرب في ضمان الاستقرار، في مواجهة سلسلة التحديات التي يعرفها الشرق الأوسط وإفريقيا».
وأشار البيان إلى أن المسؤولين «ناقشا الانشغالات المشتركة بشأن استمرار العنف في إسرائيل والضفة الغربية، والجهود المبذولة لنزع فتيل التوترات».

تقدير أمريكي عميق للشراكة «الراسخة، التاريخية والثابتة»
مع المغرب

زيارة العمل التي يقوم بها وزير الشؤون الخارجية والتعاون بالخارج، ناصر بوريطة، إلى واشنطن، والمتميزة بعقد سلسلة لقاءات مع مسؤولين أمريكيين رفيعي المستوى، أضفت زخما جديدا على الشراكة الاستراتيجية المتينة ومتعددة الأبعاد، التي تربط بين الولايات المتحدة والمغرب.
وأشار رئيس الدبلوماسية الأمريكية، بهذه المناسبة، إلى أن الولايات المتحدة «تعبر عن تقديرها العميق للشراكة الراسخة والتاريخية والثابتة التي تربطها مع المغرب».
وفي السياق ذاته، أبرز بوريطة أن الصداقة بين المغرب والولايات المتحدة تعد متينة، وأن الشراكة التي تجمع بين البلدين لم تكن قط بالمتانة التي تشهدها اليوم، «شراكة قائمة على الالتزامات المشتركة من أجل السلام والاستقرار والازدهار، والتي يقدرها صاحب الجلالة الملك محمد السادس».
وخلال لقائهما، أتيحت للمسؤولين رفيعي المستوى، أيضا، فرصة للتشاور بشأن مختلف القضايا الإقليمية والدولية، بما في ذلك الحرب في أوكرانيا، ودعم الانتخابات في ليبيا، والوضع في منطقة الساحل.
وقال وزير الخارجية الأمريكي «تجمعنا بالمغرب شراكة راسخة، وتاريخية وثابتة»، مبرزا أن المملكة تعد «قوة مهمة من أجل الاستقرار، والسلام، والتقدم والاعتدال – وهو الأمر الذي نقدره عميقا».
وأشاد بلينكن «بالقيادة التي أبان عنها المغرب من خلال العمل على التطبيع مع إسرائيل وفي المجالات ذات الأهمية القصوى بالنسبة للعالم، لاسيما التغير المناخي والطاقات المتجددة، حيث كان المغرب رائدا حقيقيا».
وذكر رئيس الدبلوماسية الأمريكية أن المغرب والولايات المتحدة يعملان معا في «مختلف المجالات»، مشيرا إلى التمرين العسكري المشترك «مناورات الأسد الإفريقي»، الذي سينظم قريبا في المغرب.

 


الكاتب : إعداد : عزيز الساطوري

  

بتاريخ : 22/03/2023