فنانون وجها لوجه مع الملك -5- عبدالواحد التطواني: الملك يخاطب حليم بالدارجة المغربية «واش جبتي هاد الكمانجي يتعلم فيا»

هناك أحداث كثيرة ومواقف متعددة ،وذكريات تراكمت على مر السنين، منها ما تآكل مع مرور الزمن، ومنها ما استوطن في المنطقة الضبابية من الذاكرة، لكن تبقى هناك ذكريات ومواقف وصور ،عصية على الاندثار والمحو ،لأنها بكا بساطة ،كان لها في حينه ،وقع في النفس البشرية، ليمتد هذا الوقع إلى القادم من الأيام من حياة الإنسان.
في هذه الرحلة، ننبش في ذاكرة كوكبة من الفنانين ،حيث منحتهم إبداعاتهم ، تذكرة الدخول إلى قلوب الناس بدون استئذان، وهي إبداعات فنية ، استحقت كل التقدير والاحترام والتنويه داخل المغرب وخارجه، كما استحق أصحابها الاحتفاء بهم ، ويجدوا أنفسهم وجها لوجه مع ملك البلاد.
هنا نستحضر، ونسترجع بعضا من ذكريات هؤلاء الفنانين المبدعين مع ملوك المغرب ، بعدما صنعوا أسماءهم بالجد والاجتهاد والعطاءات الثرية كما وكيفا، واستطاعوا فرضها في ساحة تعج بالنجوم .

 

من بين الذكريات التي لا يمكن أن تنسى أو تمحى بالنسبة للموسيقار عبدالواحد التطواني ،ماحدث بالقصر الملكي العامر بفاس في أحد الأيام من شهر غشت 1969.
يقول الأستاذ عبدالواحد التطواني ،بعد تورط الرئيس السابق جمال عبد الناصر ودعمه للقوات الجزائرية في حرب الرمال سنة 1963 ،وقطيعة المغاربة للفيلم المصري والأغنية المصرية، حيث استمر هذا الوضع مدة،قبل أن تحدث نكسة 1967، حينها فتح المغرب أبوابه من جديد، أمام الفنانين، وتكون الراحلة أم كلثوم أول فنانة مصرية تزور المغرب بعد هذه القطيعة.
ويضيف الفنان عبدالواحد التطواني لجريدة الاتحاد الاشتراكي، أن الهدف من هذه الحفلات ،كان هو دعم ” المجهود الحربي” ،وقد قابل الشعب المغربي هذه الحفلات بحب جماهيري منقطع النظير في كل من الرباط وفاس ومراكش ومكناس.
في الذكرى الأربعينية لعيد الشباب، يضيف عبدالواحد التطواني، سيحل ضيفا على المغرب ،الفنان الراحل عبد الحليم حافظ ومجموعة من الفنانين المصريين يتقدمهم أعضاء الفرقة الماسية برئاسة أحمد فؤاد حسن، محرم فؤاد، محمد العزبي، محمد قنديل، فريد الأطرش، نجاة الصغيرة، شادية، شريفة فاضل، صلاح دو الفقار زوج شادية، محمد سلطان وزوجته فايزة أحمد، سعاد محمد، هدى سلطان والقائمة طويلة من الفنانين المصريين …
وكما هو معلوم يضيف الفنان عبدالواحد التطواني، فقد كانت هناك صداقة بين الملك الراحل الحسن الثاني والفنان عبد الحليم حافظ، هذا الأخير، سيعود بعد عيد الشباب وبالضبط في شهر غشت مع الفرقة الماسية برئاسة أحمد فؤاد حسن، حيث كان الجوق الملكي متواجدا مع جلالته رحمه الله بالقصر الملكي بمدينة فاس، وفي إحدى الأمسيات كان الجوق الملكي والفرقة الماسية، كما حضر من باريس المطرب الكبير سليم الهلالي، حينها أمر جلالته، عبد الحليم حافظ بالغناء، وخلال غنائه ،شاهدنا جلالته ينهض من مكانه ويتوجه مابين الفرقة الماسية وبالضبط في الصف الثاني من العازفين، حينها أمر الملك الحسن الثاني رحمه الله، الفنان الراحل عبد الحليم حافظ بالتوقف عن الغناء، وقال له بالدارجة المغربية ” واش جبتي هاد الكمانجي يتعلم فيا “، حينها عم صمت ،وعاد جلالته رحمه الله إلى مكانه، ونادى على الفنان الراحل العربي الكوكبي، حيث أمره بغناء القطعة الخالدة ” يجعلك في كل خطوة سلامة ” بعزف الجوق الملكي، وفعلا كان الفنان عبدالحليم حافظ رحمه الله ،قد قام تغيير بعض الوجوه التي جاءت أول مرة في ذكرى عيد الشباب.
ماحدث مع عبدالحليم حافظ، يقول الموسيقار والملحن عبدالواحد التطواني، يبين أن جلالة الملك الحسن الثاني رحمه الله، كان ذا أذن موسيقية حقيقية، حيث لاحظ تغيير في جودة العزف من طرف الفرقة المصرية ،وبعدها لم يجرأ الراحل عبد الحليم على المجئ إلى المغرب، بمعية موسيقيين من الدرجة الثانية، حيث حرص منذ هذه الواقعة ،على أن ينتقي أجود العازفين ، لأنه يعرف أنه في حضرة ملك فنان.


الكاتب : إعداد : جلال كندالي

  

بتاريخ : 28/03/2023