عبد الواحد الراضي .. هو الرحيل

هو الرحيل حين يأتي بغتة كطوفان ينزع الدمعة من الاحداق ويعيد عقارب الحزن الى ثنايا النسيان المخضب بماء العطر والحناء ، هو الرحيل حين يترك حالة شرود في البدن والروح ، هو الرحيل يحمل معه نسيم الفجر وملامح الكبار صورا لا مرثيات هو الرحيل بطعم قامة مزروعة في المستقبل ، هو عبد الواحد المتعدد في كل شيء من بدايات ونهايات هو الرحيل بطعم العجز عن تصديقه ، اهكدا هو الرحيل بلاطعم ولا رائحة ، اهي الهيولة الضاربة في عمق فلسفة المنتهى ، قد يكون الوداع رحيلا اخر واستمرار اخر ودرس اخر وافق اخر فوداعا سي عبد الواحد الراضي كما كان اخوتك يحبون ان ينادوك لا كما كنت تحب
رحيل صامت في باريس هكذا هي اقدار كبار المنى الموت خارج المكان كما اشتهاه عبد الواحد الراضي وطنا للحب والإبداع وعلم الاجتماع وطنا صار فيه الراحل مع نفسه وليس مع اي تيار ، حين يحكي ابن الاعيان عن تجربته في باريس الحلم والأنوار والدراسة لا يحكي بزهو وتفاخر ولكن فقط بلغة الباحث عن العلم في مدرجات مباحة في كل الدنيا حيث « اطلبوا العلم « .
رحيل بطعم النضال الديموقراطي من داخل الاتحاد الوطني للقوات الشعبية فالاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية برلمانيا عن جدارة بل وأقدم برلماني عرفه المغرب والعالم ورئيس جماعة قروية ستبكي غيابه عنها وعن السوق الاسبوعي وعن باعة الاسفنج والشاي حيث يحب ابن الاعيان ناس السوق وتراب السوق ويعيش نبض مرتادي السوق وأحوالهم كعالم اجتماع وسياسي ومنتخب.
رحيل بطعم الحكيم المنصت لكل الاهتزازات والزاهد في المناصب والمكاسب ، بجرأة المتشبث بثنايا سلطة تمرق من بين الاصابع ولا يشتكي صعوبة المنعرجات التي قاد فيها الاتحاد متوجسا من الانتحار الجماعي ، وعاش ليرى التعافي ويرى الورد يتحول طائر فينق ينبعث من رماده ، وبطعم كل التحولات وغياب القامات وانزياح تاريخ بأكمله اوصل المشعل وضل يراقب ثم مات .
رحيل بطعم الحل بطعم الحزب والوطن في زمن لعلع الرصاص في القرى و المداشر ، كان الراحل الكبير عبد الواحد الراضي جزءاً من الحل لما كان يمتلكه من قدرات حسن إدارة المواقف الصعبة وقدرة الوصول إلى حلول ترضي جميع الأطراف . لأنه واحد من رجالات الدولة المغربية الذين تحملوا مسؤوليات وزارية بعضها دقيق وحساس مثل وزارة العدل في العام 2007، وكذا ترأسه مجلس النواب،وصف ب»رجل القصر في الاتحاد ورجل الاتحاد في القصر»،وقال في مذكرته «المغرب الذي عشته « الصادرة في 2017 ، بأنه لم يكن يحتاج في التواصل مع الملك إلى وسطاء أو مستشارين، وأنه عين له شخصا مقربا من حياته اليومية ، داخل القصر الملكي لصيقا ببرنامج التنقلات الملكية ، و»هكذا أصبحت على اتصال مباشر بجلالة ألملك كلما دعت مهامي إلى الاتصال به ، أتصل وأعرف مكان وجوده».
رحيل بطعم الانسان الذي ضل يحفظ الود للجميع وضلت ذاكرته حية ويقظة يناديك بالاسم وبالاحترام الواجب وربما اكثر يسال عن الحال والأحوال ، ساعيا دوما للمصالحة والتجميع وداعيا للتجاوز حتى اقوى حالات الخصام يحولها مزحة ودعابة عابرة استطاع ان يبصم علاقة اخلاقية مع اجيال واجيال وسيترك فراغا كبيرا في حياة العديدن لان الرجل تحول مرجعا في حياة الكثيرين وهو الفاعل الجمعوي والسياسي والمنتخب ورجل الدولة .
رحيل مادي عن العالم بعد 88 سنة لخصها في 808 صفحة من كتاب مذكراته الغنية « أصدرها قبل أربعة أعوام، يحكي عن جزء كبير من تاريخ المغرب وتحولاته منذ ثلاثينيات القرن الماضي وإلى حدود دستور 2011 مرورا بالأحداث الهامة والصراعات التي كان أحيانا جزءا منها، حيث كان من اليساريين الذين تعرضوا للاعتقال.
في «المغرب الذي عشته» يبوح الرجل بالتفصيل عن الأدوار والإسرار بما يساهم في مساعدة الاجيال على فك طلاسم مرحلة معقدة من تاريخ المغرب المعاصر كان طرفاها قويين ووطنيين وانتهت بمصالحة كان لها ما بعدها .
رحيل بطعم الحب والاعتذار لك ايها الشامخ الانسان الصبور وقد صبرت وكابرت من اجل نفهم ما جرى ويجري لانا سليلوا حركة وطنية ولدت لاجل الوطن وانت القادم من حضرة المهدي وعمر وبوعبيد والاف المجاهدين والمنافحين عن وطن تعلمنا ان نعشقة حرا وكبيرا فيه الوطن للمواطن والناس ، فيه الحب والعطاء سيبق طيفك يذكر الاتحادين بنهج الوطنية والوطن وداعا اخانا وداعا عبد الواحد الراضي .


الكاتب : محمد الطالبي

  

بتاريخ : 28/03/2023