المجهودات متواصلة لمواجهة الآثار المدمرة للزلزال

مازالت الكثير من الأحياء بمدينة مراكش تعيش على آثار الزلزال الذي ضرب المنطقة، ليلة الجمعة 8 شتنبر الجاري، وخاصة في بعض مناطق المدينة العتيقة وسيدي يوسف بن علي.
وعمدت سلطات المدينة، يوم الاثنين، إلى هدم صومعة مسجد بدرب بوعلام بسيدي يوسف بن علي، بعد ظهور تصدعات عليها تشير إلى أنها تشكل خطرا كبيرا على المواطنين.
وواصلت عدد من المحلات بالأسواق العتيقة إغلاق أبوابها بعدما تأكد أنها تعاني أضرارا كبيرة، وكان الكثير منها قد استفاد مؤخرا من الإصلاحات التي تمت في إطار مشروع الحاضرة المتجددة.
وعادت مصالح الوقاية المدنية في نفس اليوم إلى بعض المواقع التي عرفت انهيارات في المدينة بسبب الزلزال للبحث عن ضحايا محتملين، وشوهدت فرق الإنقاذ وهي تباشر تدخلاتها بحيي رياض الزيتون والموقف العتيقين.
وصباح الاثنين دائما حلت لجن تقنية بعدد من المؤسسات التعليمية بالمدينة، لتقييم الأضرار المحتملة والتأكد من سلامة الأبنية الدراسية، واستنكر عدد من الأساتذة إقدام المديرية الإقليمية للتعليم على فتح المدارس في وجه التلاميذ قبل تقييم حالتها، وأكدوا أن عددا من المؤسسات التعليمية بالمدينة العتيقة وبجليز، يعود بناؤها إلى فجر الاستقلال، وبعضها يعود إلى الأربعينيات من القرن الماضي على عهد الحماية الفرنسية، وهو ما يستدعي إخضاعها للخبرة الهندسية أولا للتأكد من سلامتها قبل استئناف الدراسة بها.
وسجل حضور ضعيف للتلاميذ، صباح الاثنين، في حجرات الدراسة، بعد امتناع أوليائهم عن إلحاقهم بالمدارس، وحسب تصريحات لبعض الآباء يعود ذلك إلى تخوفهم من حدوث هزات ارتدادية، وعدم وجود خطط استباقية للإجلاء في حالة حدوثها، علما أن هذه المؤسسات تضم أعدادا غفيرة من التلاميذ إضافة إلى الأساتذة والأطر الإدارية.
وبالمقابل راسل عدد من المؤسسات الخاصة أولياء التلاميذ يوم الأحد، لتطمينهم عن سلامة بنياتها وتدعوهم لاستئناف الدراسة بشكل عادي يوم الاثنين، ورغم ذلك كانت نسبة الإقبال ضعيفة، حسب ما أكدته مصادر من هذه المؤسسات.
ورغم مرور أربعة أيام على حدوث الزلزال واصلت الكثير من الأسر مبيتها خارج بيوتها، وسجل ذلك ببعض مناطق حي المحاميد وعمارات السعادة قرب القاعدة الجوية وسيدي يوسف بن علي.
وفي سياق تداعيات الزلزال، تقاطر العشرات من المواطنين على الملحقات الإدارية بمراكش للتبليغ عن منازلهم المنهارة بسبب الهزة الأرضية، في وقت عمدت مصالح المدينة إلى نقل المتضررين من الانهيارات إلى خيام أعدت لإيوائهم، في ملاعب مراكش.
ويتواصل على مدار الساعة وصول عدد كبير من الشاحنات المحملة بالمساعدات القادمة من أقاليم مختلفة، قصد توجيهها إلى المناطق المنكوبة بفعل الزلزال، فيما تنشط تنسيقيات المجتمع المدني لجمع التبرعات والمساعدات الغذائية وإيصالها إلى الدواوير المتضررة، وفي هذا الصدد عمدت جمعيات إلى حجز خدمات عدد من المخبزات من أجل تأمين إمداد متواصل من الخبز إلى سكان المناطق المعزولة، وفي مساء كل يوم تنطلق أساطيل من الشاحنات والسيارات المحملة بالمساعدات الغذائية والألبسة والأغطية والأفرشة في اتجاه منطقة الحوز وشيشاوة وتارودانت، فيما يرتفع الطلب على الخيام بسبب تزايد برودة المناطق الجبلية التي توجد بها الدواوير المنكوبة.
ورغم هذه المجهودات المبذولة سواء من قبل وحدات الجيش أو المجتمع المدني، مازالت نداءات الاستغاثة تصدر من عدد من الدواوير التي لم تتوصل بعد بأي دعم، في وقت تواصل فيه مروحيات القوات المسلحة الملكية طلعاتها ملقية بالمساعدات بالمناطق التي لم تتيسر فيها بعد عملية فتح الطرق.
وتواصل فرق الإنقاذ بمنطقة الحوز عملها متقدمة في ظروف صعبة للوصول إلى الدواوير النائية المنكوبة القريبة من مركز حدوث الزلزال، وتمكنت وحدات الجيش، صباح الاثنين، من فتح الطريق المؤدي إلى جماعة إغيل في مجهود جبار لإزاحة الصخور المتراكمة جراء الانزلاقات الجبلية التي حدثت بسبب الزلزال، وتمكنت من الوصول إلى بعض دواوير المنطقة التي تعاني دمارا شبه كلي، مدشنة عملية البحث عن ناجين محتملين ومنتشلة مزيدا من الضحايا الذين قضوا تحت الأنقاض، ويجري عمل وحدات الإنقاذ معززا بفرق قادمة من دول صديقة.
وشرع المستشفى الميداني الذي نصبته القوات المسلحة الملكية في منطقة أسني في أقرب منطقة قريبة ممكنة من المناطق الأكثر تضررا، في تقديم خدماته الطبية لعلاج المصابين.
كما أقامت المديرية الجهوية للصحة وحدات متنقلة بمنطقة ويركان بالحوز، وهي منطقة تضررت كثيرا من الزلزال، ووحدات طبية متنقلة لإسعاف المرضى، وتضم أطباء وممرضين في اختصاصات مختلفة لتقديم العلاج للجرحى والمواكبة النفسية لسكان الدوارير التي عانت أضرار الهزة الأرضية.
موازاة مع ذلك، يشهد إقليم الحوز نشاط المجتمع المدني الدولي الذي حل بالمنطقة في خطوة تضامنية مع السكان، لمؤازرة مجهودات الإنقاذ والدعم، ومن هذه المنظمات جمعية «chef relief tem « الأمريكية التي اكترت ثلاث مروحيات تستعملها في إيصال المساعدات للدواوير المعزولة التي لم تصلها بعد فرق الإنقاذ، ونقل الجرحى منها، والتقت الاتحاد الاشتراكي بتحناوت أطباء قادمين من انجلترا في عملية تطوعية للمساهمة في مساعدة المتضررين.
يذكر أن الحصيلة المؤسفة للزلزال تواصل ارتفاعها، حيث وصلت مساء الاثنين إلى ما يزيد عن 2860 قتيلا، علما أن كل المؤشرات تؤكد أن هذا الرقم سيرتفع بالموازاة مع توغل فرق الإنقاذ في المناطق المتاخمة لبؤرة الزلزال بحكم درجة الدمار المسجلة هناك.


الكاتب : مراكش: عبد الصمد الكباص

  

بتاريخ : 13/09/2023