الكاريكاتير المغربي يرتق شقوق الزلزال

 

دور الفن في توثيق الأحداث الجسام بطريقة مختلفة.. يُبرز الجانب الإنساني وروح المعاناة والآمال المعقودة على الحياة..
يشترك في هذا جميع أشكال الفنون، وفي حالة الزلزال أو غيره، يحضر أولا التصوير بجميع أنواعه، تتقدمه الصورة المؤطرة بعناية، كصورة مخلفات قنبلة هيروشيما والصبية شبه المشوهة والعارية التي تجري بين الركام، ووجهها نحو الكاميرا..
كما يمكن للرسم والتشكيل أن يلعب نفس الدور بطريقة مختلفة..
ثم الروبرتاج التلفزي.. ذو حمولة خارقة إذا أنجز بفنية واحترافية، وهو أبلغ شهادة تصل إلى أبعد مكان على الأرض وذكرى للتاريخ. وهو ليس التغطية التلفزية المستعجلة الموجهة لنشرة المساء..
وأصبح ممكنا كذلك لسينمائيين الحضور شخصيا وسط الكوارث ومخلفات الحروب لأخذ صور حية لا مثيل لها ولا بديل عنها مما يمكن صناعته من مشاهد..
بين أيدينا كاريكاتور متميز لخالد الشرادي فيه حضور فني ورسائل مضمرة.. أهما هذا الجمع العجيب بين الإنسان والجبل/الأرض.. حيث تقول الرسالة إن الإنسان والمكان كتلة واحدة.. وقد أصابها الضرر، ضرر فظيع إلى درجة التصدع والانشطار، ولكن رغم هول المأساة هناك بقايا ملامح إنسان، يمكن لملمة أطرافه ليقوم من جديد.. أي أنه لم يفقد الأمل، والحياة ستستمر، والدليل على ذلك هو المصل المعلق الذي يضخ نسغ الحياة في هذا الكائن المدد.. والمصل ليس سوى الوطن، الوطن الرحيم بأبنائه.. والوطن تعبير واسع عن تجمع قوى مختلفة لتشكل الوحدة..
ما أراه غير مناسب وبدون أدلة، حسب ما أظن، هو ذلك الحامل أو الركيزة التي تثبت المصل عاليا.. كنت أتمناه شيئا آخر.. لدي فكرة، ولكن تعبير الفنان الكاريكاريست سابق قبل كل اقتراح..
بعد كل هذا تأتي فنون تعبيرية أخرى، تتطلب بعض الوقت لاستيعاب اللحظة، وتجاوز صدمتها، وأعني بذلك الرواية والمسرح والسيناريو… وفي مثل هذا فليتنافس المتنافسون إذا وجدوا.
الفن ليس توثيقا فقط، إنه رؤيا وأمل ورسالة.. وعلاج من مخلفات المآسي.


الكاتب : مصطفى لمودن

  

بتاريخ : 26/09/2023