درس في الصدق السياسي في برنامج ضيف الاسبوع

عبد السلام  المساوي

ناضل الاتحاد الاشتراكي، وعمل من أجل الارتقاء بالسياسة، خطاباً وممارسة وتنظيماً، وأغنى الحقل السياسي بأدبيات سياسية رفيعة ومفاهيم دقيقة ومعبرة؛ مفاهيم ارتقت بالخطاب السياسي ببلادنا من خسة الألفاظ الغارقة في الشعبوية إلى رفعة المصطلحات المؤسسة على التفكير العملي والعلمي، بعد تنقيتها وتطهيرها من شوائب والتباسات اللغة العامية والاستعمال اليومي.
إن الخطاب السياسي الاتحادي يتم إنتاجه داخل اللغة العالمة وبمنهجية علمية، ومنذ البداية عمل الاتحاد الاشتراكي على تأصيل الخطاب وتجديده، وإنتاج المفاهيم وإغنائها، في تفاعل جدلي مع التحولات السياسية والمجتمعية التي تعرفها بلادنا. وفي هذا الإطار يتأطر شعار «دولة قوية عادلة ومجتمع حداثي متضامن؛ المغرب أولا وشعار تناوب جديد بأفق اجتماعي ديمقراطي».
ولقد تأكد مساء اليوم  في برنامج «ضيف الأسبوع» على قناة ميدي  1 تيفي، من خلال مقاربته لمختلف القضايا الكبرى  ( قضية فلسطين وما يقع في غزة، المسيرة الخضراء والخطاب الملكي الذي يروم المستقبل، الحكومة والبرلمان، الأغلبية المتغولة والمعارضة، الدولة الاجتماعية، تأزم الأوضاع الاجتماعية وتلكؤ الحكومة، التعليم والنظام الأساسي، دينامية الاتحاد الاشتراكي وانسجام مؤسساته…، أن الاتحاد الاشتراكي حزب مبدع، حزب لا كالأحزاب، إنه يفكر ويجتهد: «التحليل الملموس للواقع الملموس».  شعارات الاتحاد الاشتراكي شعارات واقعية شعارات سياسية ممتدة في التاريخ،  جاثمة في الحاضر ومستشرفة للمستقبل. فالصدق هو  الثابت البنيوي الذي حكم خطاب الكاتب الأول بدون تهريج في مقاربته للقضايا المختلفة في الحوار ، وهذا هو الثابت البنيوي الذي من خلاله يمكن تفسير مواقف الحزب في هذا الزمن العسير وفي زمن حكومة التغول، حكومة وعدت وأخلفت كثيرا.
إن  السياسي الذي تحتاجه بلادنا اليوم هو الذي يخطب في الناس بدون لغة خشب ، يخطب فيهم بصدق ومسؤولية بعيدا  عن التأجيج والمزايدة.
مرة أخرى، كما مرات ومرات سابقة، يؤكد الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الأستاذ إدريس  حضوره الاعلامي والسياسي والفكري المتميز: يتحدث ويفكر ويرسل رسائل سياسية دالة وهادفة، بمسؤولية وحكمة، إلى كل من يهمه الشأن السياسي ببلادنا…
من هنا  نسجل أن كلمات وحوارات وتصريحات وتدخلات الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي، في مختلف وسائل الإعلام، السمعية والبصرية، الورقية والإلكترونية، وفي المؤسسات الحزبية، في اللقاءات التواصلية والتجمعات الجماهيرية… تشكل خطابا متماسكا ومتناغما تحكمه وحدة الفكر ووحدة الرؤية…  تشكل خطابا مؤسسا على ثوابت مبدئية وقناعات سياسية…  تشكل خطابا أصيلا متأصلا يجمع مكوناته ناظم مشترك هو المشروع الاتحادي؛ الاشتراكي الديموقراطي الحداثي…  تشكل خطابا أساسه هو الإرث الاتحادي النضالي وبوصلته هو التفكير الاتحادي المبدع والمستقبلي…  تشكل خطابا حيا متجددا، الجديد الذي يحكمه قانون نفي النفي الجدلي، الجديد الذي يظهر من جوف القديم؛ الجديد الذي يعني الاستمرار والتطور والتجاوز، لا الجديد الذي يقطع مع القديم بالمعنى البنيوي…  تشكل خطابا عقلانيا، بعيدا عن حماس وانفعالات اللحظة؛ خطابا عقلانيا واعيا وهادفا يحاصر الشعبوية التي تروم السيطرة على الوجدان بخطاب عاطفي مغالطي والذي تأثيره مؤقت في الزمان والمكان… تشكل خطابا متناسقا منطقيا، تشكل بنية، فبالرغم من ان تدخلات الكاتب الأول متفرقة في الزمان والمكان، فإنها موحدة من حيث الثوابت التي تحمي من الوقوع في التناقض… التناقض الذي وقع ويقع فيه الكثير من الزعماء السياسيين الذين يسقطون في التناقضات من مناسبة الى أخرى.
إن  الكاتب الاول للاتحاد الاشتراكي لا يلغو؛ يتكلم ولا ينسى أنه يفكر، يفكر ولا ينسى أنه يتكلم مستلهما تاريخ الاتحاد الاشتراكي في المسار والصيرورة ومستحضرا التجربة الذاتية الضاربة جذورها في السبعينيات…
الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ذ ادريس لشكر،  بدون لغة خشب : وضوح الرؤية، عمق التحليل، صلابة الموقف: الوطن/ المغرب أولا ودائما… أيا كان موقع الاتحاد. لاتساهل مع التغول… وهم يعرفون الاتحاد.
إن الاتحاد الاشتراكي أداة إصلاح وتغيير في الحاضر ومناط تطوير وتحديث في المستقبل، وقدراته السياسية والفكرية على التكيف والرؤية البعيدة، ومؤهلاته النضالية والميدانية، تجعل منه قوة فاعلة في حاضر البلاد ومستقبلها، كما كان وقود نضال وتغيير في الماضي البعيد والقريب….
إن الاتحاد الاشتراكي كان دائما مالكا للأفق المستقبلي، ومن ثم كان يستشرف المستقبل ويفعل في الأحداث….

الكاتب : عبد السلام  المساوي - بتاريخ : 14/11/2023

التعليقات مغلقة.