وإذا نطق الشيخ : عكرمة.. فاستمعوا له!

عبد الحميد جماهري

لما سألني صديقي: هل صدر رد ما عن الفصائل السياسية والمسلحة، على مبادرة الملك الفريدة من نوعها، أسررت له، بصدق: إنني أنتظرها ولكن في العمق أتلهف إلى رد فعل الشيخ عكرمة صبري؟
وكنت ومازلت متيقنا، لو كان هذا الرجل هو لوحده صفق لمبادرة الملك محمد السادس، لكنت، وهذا نزوع شخصي، اعتبرت أن الأمة كلها صفقت لها.
فالشيخ عكرمة صبري، خطيب المسجد الأقصى، هو صوت القدس، وروحها، وهو أيضا خطيب مكانها المقدس، الذي يعد عاصمة الروح عند ملياري مسلم. وهو إلى ذلك رئيس الهيئة العليا الإسلامية فيها.
للشيخ سجاد طويل، لو أردنا نقش سيرته بالزعفران وماء الذهب، وله مكانة خاصة في سلك الأمة الروحي..
ولا أخفي أنني أنتظر تفاعله مع المبادرة، انتظارا خاصا:
أولا، انتظرتها أكثر من انتظار بيان الفصائل المقاتلة، بدون التنقيص منها، فهو ضمير وأمين ومؤتمن على ما يقاتل من أجله الفدائيون والمقاتلون في جبهة المقاومة الفلسطينية، وهو إلى ذلك عربون لي، وحدي ولا شك بأن القلب والروح على قبلة صحيحة في الوقوف مع المبادرة الملكية..عكرمة صبري
خطيب المسجد الأقصى، ورئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس ومفتي القدس والديار الفلسطينية سابقًا. لا يهادن ولا يستبيح العقل أيضا في معارك المزايدات..
عكرمة صبري اسم يرن في الأعماق مثل جرس أولئك المومنين الأوائل الذين أشهروا دينهم وصبرهم والتهمتهم آلة الشرك القديمة، بشعاب مكة وظلوا يناجون الله بأفواه جافة وأجزاء مشققة بفعل الحصار والجوع.. مواقفه الصارمة وغير الموالية للسلطة الفلسطينية.
إن مبادرات صاحب الجلالة الملك محمد السادس ، الداعمة للفلسطينيين، تؤكد صدق التعاطف المغربي، الرسمي والشعبي مع فلسطين.
هذا الشيخ الجليل اعتبر أن مبادرات جلالة الملك «ليست الأولى ولن تكون الأخيرة لأن امتداد المغرب إلى فلسطين هو امتداد عريق يعود لمئات السنين».
وأعرب خطيب المسجد الأقصى عن امتنانه للملك محمد السادس على هذه المبادرات «التي ترفع من معنويات الشعب الفلسطيني وتمنحه القدرة على الصمود» ، وهو كان حاضرا في استقبال الوفد الذي أشرف على الإفطار الجماعي في القدس، إلى جانب سالم الشرقاوي مدير بيت مال القدس..
مازالت آثار الجرح العميق والصامت والبليغ الذي شعرت به، لما كنت قد قرأت ما صرح به في زمن سابق، تجاه لجنة القدس،أثناء الإعلان عن الاتفاقية الثلاثية بين الرباط وواشنطن وتل أبيب..
وتم تسخيره من طرف إعلان دولة الجوار بطريقة مهينة للمغاربة ولكل ما قدموه منذ أيام صلاح الدين الأيوبي.. وأيام طريق الآلام الجليلة في القدس العتيقة..
يدرك هو الذي يعيش اليومي في القدس، ويعيش تمزقات الروح، على أبواب السماء ، وما بين حاجات الجسد المادي، تقلبات الروح في سماوات المقدس . هو الذي أدرك ما يعنيه فعل الملك. في سياق معقد ومزلزل، للأمة وروحها حتى تكاد تشك في روحها.
رجل يرابط على خطوط النار، وفي التماس الصعب بين المقدسات، هناك في »مملكة السماء على الأرض، الموعودة لهذا والمباركة لذاك، على حد قولة البابا بولس الثاني رحمه الله..
لا أحد يستطيع أن يزايد على الشيخ، ولا أن يحيل امتنانه على سجل الآداب السلطانية المألوفة في الدرب العربي الطويل الذي يسمى عالما!
وفي هذا الخضم القاتل، مع موقف عكرمة أشرقت الروح، روحي على الأقل، بعد أن اطمأنت أن قبلتها صحيحة، وهي على الإحداثيات الدقيقة لخطوط العقل وخطوط القلب ..

الكاتب : عبد الحميد جماهري - بتاريخ : 16/03/2024

التعليقات مغلقة.