موجة‭ ‬اعترافات‭ ‬تعيد‭ ‬طرح‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬إلى‭ ‬الواجهة

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

بريطانيا‭ ‬وفلسطين‭: ‬هل‭ ‬يصلح‭ ‬اعتراف‭ ‬ستارمر‭ ‬ما‭ ‬أفسده‭… ‬وعد‭ ‬بلفور؟

 

‭-‬تقوى‭ ‬تيار‭ ‬الاعتراف‭ ‬الدولي‭ ‬بدولة‭ ‬فلسطين‭ ‬بإعلان‭ ‬دول‭ ‬جديدة،‭ ‬على‭ ‬رأسها‭ ‬بريطانيا،‭ ‬بالدولة‭ ‬الفلسطينية‮..‬وهي‭ ‬الدولة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬وراء‭ ‬وعد‭ ‬بلفور‭ ‬الشهير‭ ‬الذي‭ ‬تأسست‭ ‬على‭ ‬قاعدته‭ ‬الدعاية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬ثم‭ ‬الدولة‭ ‬التي‭ ‬تولدت‭ ‬عنها‭. ‬وهو،‭ ‬بدوره،‭ ‬خلق‭ ‬دينامية‭ ‬دولية‭ ‬وقتها،‭ ‬ساعدت‭ ‬المحرقة‭ ‬على‭ ‬تعزيزها‭ ‬لفائدة‭ ‬دولة‭ ‬لليهود‭.‬
الوضع‭ ‬الذي‭ ‬تفجر‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬والإبادة‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬بدوره‭ ‬عنصرا‭ ‬يعزز‭ ‬حماية‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬ويقوي‭ ‬روح‭ ‬قيام‭ ‬حل‭ ‬الدولتين،‭ ‬وهو‭ ‬المقترح‭ ‬السياسي‭ ‬الذي‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬حل‭ ‬النزاع‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إقامة‭ ‬دولتين‭ ‬مستقلتين،‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬على‭ ‬حدود‭ ‬الرابع‭ ‬من‭ ‬يونيو‭ ‬1967‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬دولة‭ ‬إسرائيل‭.‬
وبعد‭ ‬هذه‭ ‬التطورات،‭ ‬ارتفع‭ ‬عدد‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تعترف‭ ‬بدولة‭ ‬فلسطين‭ ‬إلى‭ ‬151‭ ‬دولة‭ ‬من‭ ‬أصل‭ ‬193‭ ‬دولة‭ ‬عضوا‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬بينما‭ ‬لم‭ ‬تعترف‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بدولة‭ ‬فلسطين،‭ ‬واستخدمت‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2024،‭ ‬حق‭ ‬النقض‭ «‬الفيتو‭» ‬ضد‭ ‬عضوية‭ ‬فلسطين‭ ‬الكاملة‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭.‬
ينضاف‭ ‬الموقف‭ ‬الذي‭ ‬سيتم‭ ‬ترسيمه‭ ‬في‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬يوم‭ ‬الاثنين‭ ‬22‭ ‬شتنبر‭ ‬الجاري،‭ ‬إلى‭ ‬دينامية‭ ‬أممية‭ ‬من‭ ‬داخل‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬اعتراف‭ ‬142‭ ‬بهذه‭ ‬الدولة‮..‬‭ ‬وهو‭ ‬تيار،‭ ‬لا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬مهمته‭ ‬الأولى‭ ‬هي‭ ‬حماية‭ ‬هذا‭ ‬الخيار،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬ثبت‭ ‬وجود مسعى‭ ‬إسرائيلي‭ ‬لنسفه‭ ‬من‭ ‬الأصل‭ ‬واستبداله‭ ‬بفكرة‭ ‬إسرائيل‭ ‬الكبرى‭ .‬
‮-‬‭ ‬تحاول‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬نسف‭ ‬الأفق‭ ‬الدولي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬خلق‭ ‬وضع‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬ميزته‭ ‬الدمار‭ ‬واحتلال‭ ‬غزة‭ ‬وتفكيك‭ ‬السلطة‭ ‬رمز‭ ‬هذه‭ ‬الدولة‭… ‬دوليا‭.‬
ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬ستزيد‭ ‬من‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬السلطة‭ ‬وغزة،‭ ‬وعلى‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تقود‭ ‬هاته‭ ‬الدينامية،‭ ‬ومن‭ ‬ذلك‭ ‬إغلاق‭ ‬القنوات‭ ‬الديبلوماسية‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬حال‭ ‬القنصلية‭ ‬الفرنسية‭ ‬في‭ ‬القدس‮..‬‭ ‬أو‭ ‬التلويح‭ ‬بحرب‭ ‬‮«‬اللاسامية‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تعد‭ ‬من‭ ‬أحصنة‭ ‬طروادة‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬الدول والرأي‭ ‬العام‮..‬
‭ ‬ولعل‭ ‬الحلقة‭ ‬الأضعف‭ ‬هي‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬والشعب‭ ‬الفلسطيني‮..‬في‮ ‬ما‮ ‬يتعلق‭ ‬بالردود الإسرائيلية‮..‬‭ ‬وقد‮ ‬يكمن في‭ ‬ضم‭ ‬الضفة،‭ ‬كما‭ ‬يدعو‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬وزراء‭ ‬التحالف‭ ‬المتطرف‭ ‬الديني،‭ ‬كما‭ ‬قدمه‭ ‬سموتريش‮( ‬82٪‮ ‬من‭ ‬الأرض‭ ‬كما هو الأمر‭ ‬القائم‭ ‬في‭ ‬القدس الشرقية‭ ‬‮..‬‭ ‬أو‭ ‬الضفة‭ ‬كاملة‭ ‬كما‭ ‬دعا‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬بن‭ ‬غفير‮..‬
موقف‭ ‬سيجد‭ ‬مواجهة‭ ‬وتصعيدا‭ ‬ديبلوماسيا‭ ‬عربيا‭ ‬وغربيا‭ .. ‬مباشرا‭ ‬وليس‭ ‬عبر‭ ‬مواجهة‭ ‬قرارات‭ ‬أممية‭ ‬مثلا‮.‬
‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الاعتراف‭ ‬والديناميات‭ ‬التي‭ ‬يخلقها‭ ‬من‭ ‬جهته‭ ‬سيزيد‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬إسرائيل‭ ‬لوقف‭ ‬أعمالها‭ ‬العدائية‭ ‬في‮ ‬الضفة والقطاع‭…‬
‭ ‬ومن‭ ‬الضروري،‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬الحماية،‭ ‬تصليب‭ ‬وجود‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وفرض‭ ‬عقوبات‭ ‬ضد‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إلزامها‭ ‬بالمضي‭ ‬قدما‭ ‬نحو‭ ‬عملية‭ ‬سلام‭ ‬‮.‬
‮-‬‭ ‬الواقع‭ ‬يبين‭ ‬أن‭ ‬التيار‭ ‬الإنساني‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬شوارع‭ ‬العالم،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬التوحش‭ ‬الفاشيستي‭ ‬ومشاهد‭ ‬الرعب‭ ‬والقيامة‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬والهجوم‭ ‬على‭ ‬المفاوضين‭ ‬في‭ ‬الدوحة‮…‬‭ ‬عناصر‭ ‬تضافرت‭ ‬لتغيير‭ ‬حياد‭ ‬العالم‭ ‬وصمته‭ ‬وانتقاله‭ ‬إلى‭ ‬تفعيل‭ ‬حق‭ ‬موجود‭ ‬منذ‭ ‬1947،‭ ‬أي‭ ‬قرار‭ ‬التقسيم‮..‬بل‭ ‬إن‭ ‬الدول‭ ‬المعنية‭ ‬كانت‭ ‬مصنفة‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬الدول‭ ‬الصديقة‭ ‬وغير‭ ‬المشروطة‭.‬
‮-‬‭ ‬المغرب،‭ ‬الذي‭ ‬ساهم‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المسلسل،‭ ‬عبر‭ ‬احتضانه‭ ‬للمؤتمر‭ ‬الدولي‭ ‬لدعم‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬في‭ ‬مايو‭ ‬الماضي،‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬ينشط‭ ‬على‭ ‬هاته‭ ‬الواجهة‭ ‬بقوة،‭ ‬لاسيما‭ ‬وأن‭ ‬السعودية‭ ‬وفرنسا‭ ‬اللتين‭ ‬تقودان‭ ‬دينامية‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬اليوم‭ ‬حليفتان‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬المواقف‭ ‬الدولية‮..‬

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 23/09/2025