كأسك يا وطني

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

نحن فوق سطح العالم نلوح براياتنا ونغني،
ونفتح أذرعنا لنعانق الناس والسرور.
نحن نرسل قلوبنا إلى سانتياغو
لتمطر ويبللنا الفرح ..!
وحدي في سطح العالم أقف عند تفصيل واحد من هذه السعادة المترامية الإحساس وأقول :
من دروس هذا الفرح المغربي أننا حين نبلغ درجة ما فوق اللغة نصيح: الصحراء مغربية!
كما لو كنا نستعين بالتراب الوطني لتدقيق وصفنا لإحساس عفوي وإنساني، في ارتباط بلعبة رياضية. لنا ما يجمعنا مع الشعوب الأخرى، في التدفق السعيد، جوارحنا. الشوارع، الهتافات، الرايات الموسيقى، العناق:
الشعوب الأخرى تغني ونحن نغني مثلها…
ترقص وتسهر فنرقص ونسهر مثلها، لكن يفصلنا أننا إضافة إلى الأغاني وأناشيد المشجعين وإلى رقصات وأنغام الإيقاعات المتناغمة، نصيح الصحراء مغربية وعاش الملك..
وننتظر منه أن يرسل رسالته الملكية لنجد فيها العبارات التي ستحسن وصف مشاعرنا وتقديرها على ضوء مشاعل البلاد التي تشتعل في كل مكان…كما لو أن شعورنا الوطني العام، يعرف أن هاته الفرحة لا تكتمل إلا بهما..
ونقرأ المشهد كله: هذا الجيل الذي يصنع التفوق المغربي، الجيل النابغة، هو مغرب واحد، موزع على القارات في الوقت نفسه…
وتشاء تقاطعات المرحلة أن هذا الجيل الصانع للملاحم: أخرج الانتصار من دائرة المعجزة إلى دائرة الممكن، ثم الواجب تحقيقه. مرتكزا في ذلك على ثقافة النتيجة!
وما كان الذي يتحقق عفو صدفة ولا توارد حظوظ، بل إن من ينظر إلى المشهد منذ مونديال قطر إلى اليوم، ويعدد طرائد النصر التي تحققت، يعرف بأن هناك رؤية وفكرة وهناك عملا جادا..
لقد تبين بأن لا سحر ولا رقية سوى .. العمل، ولا تعويذات سوى الجدية والالتزام …
تبين بأن الجدية، لا يرافقها التقطيب فقط والعبوس، بل الرقص في الشوارع والأفراح في أسطح العالم كلها..!
لهذا قلنا لكم لماذا نسعى إلى تأطيرهم وهم ينجحون ولهذا يعطون المثال للكبار، وهم صاروا قدوة للأجيال التي سبقتهم؟
هذا الشباب لا يقدم عروضه كرويا فقط، بل قدم عرضا سياسيا أيضا و استجاب له ملكه: عندما طرح قضية الصحة والتعليم، ضعنا في تلابيب التحليل البيروقراطي المعتاد، وتشابكت علينا خيوط النظر المسطري، وصحنا :ألا يفهم هذا الشباب بأن قطاعات الصحة والتعليم … تتطلب تخطيطا وتكتيكا ومساطر ومسارات .. ووقتا ليس هو وقت المزاج الشبابي الغاضب؟
لكن تبين أن الشباب على حق: وتم التجاوب في الحين وفي ظرف زمان قياسي مع مطالبه، الصحة والتعليم: ارتفع الغلاف المالي بما يزيد عن 20 مليار درهم وازداد عدد فرص التشغيل ( من 3 آلاف المعتادة إلى 27 ألفا، أي مضروبة في 9)
ووضع الفساد الانتخابي، على الطاولة، وأصبحنا مطالبين باجتثاث الفساد السياسي من جذوره!
هذا الجيل لا يريد أن يلعب مع الفاسدين ومع التبريريين ولا مع المرتشين: ووضع نفسه في الوقت نفسه تحت مظلة المسؤولية المنتجة..،
لا الأخلاقية فقط!
أسقط الجيل المنتصر الكثير من التوصيفات المرتعشة والمشبوهة:
أسقط الكآبة التي يراد لها أن تكون مشروعا مجتمعيا، وأسقط دعاوى المقاطعة التي لا تخدم سوى أعداء بلاده والثكنات الأيديولوجية التي يراد لها أن تكون قبلة شعب حي!
وأسقط التردد والتبريرية والتواطؤات السياسية التي كانت تجعل من العملية السياسية خطة عمل متوافق عليها من أجل زرع الفساد وتمكينه من القرار المؤسساتي في بلادنا.
الفساد الذي بدأ يهدد تماسك المجتمع والثقة في المؤسسات…
هذا الشباب لا يمكن أن نرحب به وهو يصنع الملحمة عالميا، ونشكك فيه وهو يعلن غضبه من ضعف الحماية الاجتماعية وضعف الصحة والتعليم وضعف الدولة في مواجهة الفاسدين.
آآآآآاه يا شباب سانتياغو، ماذا فعلتم بي، رفعتموني إلى قمة العالم،
أسعفوني أنا الكهل الشيخ، لكي لا أصاب بدوخة الأعالي..!

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 21/10/2025