قرار مجلس الأمن اليوم: الحقائق .. أكثر من التوقعات!
عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.com
تشبه انتظارات المغاربة لما سيصدر اليوم عن مجلس الأمن، من حيث الشحنة والترقب، لحظة الترقب التي رافقت الجيل السابق للمسيرة، لقرارات الرأي الاستشاري الذي طلبه المغرب من محكمة العدل الدولية.
1ـ وقتها اتخذت القرار المزدوج. المعنى (نعم، ولكن ..)،
فهي تعرف بأن «الصحراء/ لم تكن أرض خلاء(سائبة» وأن هناك علاقة بيعة بين السلطان (الذي يجسد مؤسسات الدولة» وبين قبائل الصحراء، وهو ما بنى عليه الملك الراحل قرار المسيرة باعتباره الترجمة الفعلية لهذا النص، وأن المسيرة تأكيد للبيعة الترابية، وفي الوقت ذاته قالت بأنه لم تكن فيها علاقات سيادة ترابية بالمعنى الحديث للدولة الحديثة، أي تراب وطني بحدود معروفة كما هو متفق عليه في مفهوم الدولة الأمة.
القرار كان أقل غموضا حتى مما توقعت الوفود المغربية. ولكنه فتح الباب واسعا أمام معركة «تأويل» ضارية حول تقرير. المصير.
نشير إلى أن القرار يوضح حقوق المغرب (الفقرة 162)، كما أنه لم يشر لا من بعيد ولا من قريب إلى الاستفتاء، بل تحدث عن تقرير المصير، وهو أمر يحدث بطرق مختلفة..
وكذلك كان: كانت بلادنا أمام معركة ضارية استعملت فيها كل الوسائل، بما فيها الحرب النظامية بدعوى تقرير المصير والتأويل الجزائري الليبي له.
يتضح اليوم بما لا يدع مجالا للشك أن مقترح الحكم الذاتي يجمع بين طرفي القرار الصادر عن محكمة العدل الدولية\ السيادة للمغرب، وتقرير المصير للساكنة، بما يرضي الرافضين..
وهو أفضل تعبير عن الرأي الاستشاري لمحكمة لاهاي..
2ـ التوقع، بأن القرار الذي سيصدر عن مجلس الأمن سيضع حدا لملف النزاع الذي طال 50 سنة من عمر الشعب المغربي وعمر المنطقة.. والفرق المؤكد هو أن المغرب، لا يقف عند التوقعات اليوم، بل يستند إلى الحقائق، منها ما هو محلي فوق التراب الصحراوي ومنها ما هو دولي،
ولعل أول مشهد، في الفارق بين البارحة واليوم، هو أن الجزائر التي لعبت، «بمهارة» لا ننكرها، في أروقة محكمة العدل الدولية وكواليس المحافل العالمية، سقطت عنها« التقية» الديبلوماسية التي ظلت تتحجج بها، وسقط معها الدور الذي حاولت أن تعطيه لنفسها بأنها « دركي الأمم المتحدة» لتنفيذ قرارات مجلس الأمن في تطبيق الاستفتاء. وهو غير الوارد أصلا في قرار محكمة العدل الدولية!
إنها عارية أمام العالم وأمام صناع الشرعية الدولية نفسها!
الحقيقة الأخرى هي العزلة السياسية، التي ترافقها كظل وحيد،. والمناورات الأخيرة لن تغير من الوضع الدولي الذي تكرس في المنطقة..
3ـ القرار الأممي، سواء نص على أن «الحكم الذاتي هو الحل الوحيد أو الحل الأمثل أو الحل الأنسب» للملف، سيبقى هو الحكم الذاتي، وستكون العبارة الصغيرة، بوزنها الجغرافي والجيوسياسي والإنساني والتاريخي، تكريسا على الورق وفي النصوص، لما صار حقيقة واقعية في الأذهان، والتي تصنع السياسة الدولية في المنطقة..لقد ربحنا المعركة في العقليات وفي الذهنيةالدولية وفي القناعات، وبقي القرار اليوم، لتأكيد هذه الانتصارات ..
4ـ القرار لا بد له من عاملين أو مرتكزين لكي يصبح قوة الشيء المقضي به:
أولها، فرض التنفيذ، وهو ما يجب أن يحث عليه مجلس الأمن، وإلا فإن العقوبات، كما هي منصوص عليها في مواده القانونية، هي الحل .. وما قد يترتب عن ذلك من أوضاع جديدة..
ثانيهما، اتخاد قرارات واضحة في ما يخص الأعمال العدائية والعدوانية سواء ضد “المينورسو” أو ضد التراب المغربي الآمن. وفي هذه الحالة يتحمل مجلس الأمن مسؤولية الدولة التي تأوي المعتدين.
ولعل المرتكزين المذكورين هما البوابتان اللتان تتسلل منهما الجزائر للهروب من مسؤوليتها، وتمارس بهما تعطيل قرارات مجلس الأمن منذ البداية…
5ـ قرار مجلس الأمن سيمس مهمة “المينورسو” وامتداداتها في الزمن بما يعبر عن السقف الزمني للحل، وبالتالي قد يجد صيغة وسطى بين القرار.(شهران وسنة ) درءا للتخطيط ودرءا أيضا للعجلة. وفي هاته المدة تدخل الولايات المتحدة لصناعةالتوافق مع الجزائر والمغرب: وهو ربط جدلي له دلالاته:
أولا، ظلت الجزائر ترافع بأنه لا علاقة للقطيعة مع المغرب بملف الصحراء، والغريب أنها كانت تجد آذانا صاغية، في وقت تعرت الأوراق كلها وتبين أن واشنطن لا تعتمد على هذا التأويل وربطت بين قرار. مجلس الأمن حول الصحراء والتوافق الثنائي
ـ ثانيا: ظلت الجزائر ترفض أية وساطة، ورددت على لسان وزرائها ورئيسها بأنها ترفض أية وساطة ، سواء عربية أو غربية وهو ما لا ترفضه اليوم ولم تعلق عليه لحد الساعة..
ثالثا، أن الجزائر تسلم بالدور الأمريكي أكثر من أي دور لأنها تراهن على أن أمريكا ستحفظ مصالحها أكثر من أي طرف آخر.. لواقعية المقاربة الأمريكية . وللجفاء مع حلفائها التقليديين الروس، والخلاف حول منطقة الساحل والمتوسط وحول الغاز مع أوروبا…
رابعها: الانعكاسات الداخلية للحل، على توازنات السلطة في الجزائر نفسها..بالتالي فإن الجماعة التي تحكم الآن، بعد أن همشت منافسيها في الداخل، تلعب في الواقع وحدها أكثر.. ولا أحد يخمن ردود الفعل الداخلية. بدون وجود حضانة دولية (فرنسية = أمريكية روسية) لمن يتخذ القرار. بإنهاء التوتر..!
على كل، نحن ننتظر. ساعة الحسم الأممية، ونحن نستند إلى وقائع خالصة، على الأرض. وفي المجتمع الدولي.. والباقي تفاصيل لغوية في ما نعتقد!
الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.com - بتاريخ : 30/10/2025

