أكد تقرير المجلس الأعلى للسلطة القضائية لسنة 2024 أن ورش تخليق المنظومة القضائية يشكل أحد المرتكزات الكبرى لترسيخ الأمن القضائي وتعزيز ثقة المواطن في العدالة، باعتباره مدخلا محوريا لإصلاح شامل ومستدام.
التقرير أبرز أن المجلس جعل من هذا الورش أولوية قصوى، وفعل رؤية تقوم على ثلاث مقاربات متكاملة،التحسيسية والتأطيرية، والتأديبية ذات الطابع الزجري، ثم المقاربة الوقائية التي تروم نشر ثقافة النزاهة والاستقامة.
ولتجسيد هذه الرؤية على أرض الواقع، كثف المجلس من خلال المفتشية العامة للشؤون القضائية عمليات التفتيش والبحث والتحري، في مسعى لضمان الالتقائية بين مختلف المبادرات وإرساء قضاء نزيه وفاعل.
في الشق التحسيسي والتأطيري، واصل المجلس برامجه التكوينية الموجهة للملحقين القضائيين وللقضاة في موضوع مدونة الأخلاقيات، مع تنظيم لقاءات جهوية بكل من الدار البيضاء ومكناس، شكلت فضاءات للنقاش حول مبادئ النزاهة وآليات تنزيلها في الممارسة اليومية. كما عقدت لجنة الأخلاقيات لقاءات فردية مع قضاة وردت بشأنهم ملاحظات مهنية، بهدف التوجيه والتقويم لا المحاسبة، في إطار نهج إصلاحي إنساني يوازن بين الحياة الخاصة والمسؤولية القضائية.
واعتمد المجلس مقاربة عملية في الشفافية، من خلال نشر مقرراته التأديبية بعد حذف هوية المعنيين، لتكريس مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وقد بلغ عدد المقررات المنشورة إلى نهاية 2024 نحو 108 مقررات تضمنت اجتهادات نوعية. كما فعّل المجلس آلية التصريح بالممتلكات لضمان المراقبة الدورية والوقاية من تضارب المصالح.
في المقابل، أظهر التقرير أن المقاربة التأديبية خلال سنة 2024 اتسمت بصرامة أكبر في مواجهة الإخلالات الأخلاقية والمهنية. فقد فتحت المفتشية العامة 179 ملفا جديدا، وأحالت 208 تقارير نهائية على الرئيس المنتدب، فيما ارتفع عدد القضاة المشمولين بالتقارير من 80 سنة 2021 إلى 1324 قاضيا سنة 2024، نتيجة جاهزية الأبحاث المؤجلة وتوسيع قاعدة المراقبة.
وتمت متابعة 70 قاضيا أمام المجلس التأديبي، وأصدر المجلس 44 مقرراً تأديبيا شمل 65 قاضيا، تراوحت العقوبات بين العزل والإقصاء المؤقت والإنذار والتوبيخ. وأبرز التقرير أن أغلب الإخلالات المسجلة تتعلق بالواجبات المهنية بنسبة 68%، مقابل 26% تخص السلوك الأخلاقي.
وفي ما يخص عمل المفتشية العامة للشؤون القضائية، أشار التقرير إلى أن سنة 2024 شهدت تكثيف زيارات التفتيش المركزي لـ22 محكمة موزعة بين الابتدائية والاستئنافية، بما يمثل 17.6% من مجموع محاكم المملكة، وذلك بهدف تقييم الأداء القضائي واقتراح حلول عملية للاختلالات الإدارية واللوجستية. وأكد المجلس أن هذه الجهود تشكل ترجمة عملية للمخطط الاستراتيجي 2021-2026، الذي يهدف إلى إرساء قضاء مستقل وشفاف، وتعزيز الثقة العامة في العدالة كمرفق أساسي في بناء دولة الحق والقانون.
وأبرز تقرير 2024 أن تخليق القضاء لم يعد مجرد شعار، بل أصبح ممارسة مؤسساتية تقوم على التكوين والمواكبة والتأديب والنشر، في أفق ترسيخ ثقافة النزاهة كقيمة ملازمة لكل ممارسة قضائية مسؤولة.
في تقرير المجلس الأعلى للسلطة القضائية 2024 .. 179 ملفا جديدا و208 تقارير نهائية و1324 قاضيا تحت المراقبة مع 70 إحالة أمام المجلس التأديبي
الكاتب : جلال كندالي
بتاريخ : 04/11/2025

