الباكلوريا تدق الابواب وتنشر التوتر في اغلب البيوت المغربية

البكالوريا على الابواب، توتر في أغلب البيوت ،وخوف يسري في دم الآباء، يحجبوه تارة ويفجرونه تارة في وجه ابنائهم كلما لجأوا لاستراحة من كتاب. يصبح الزمن العائلي مرهونا بهاجس اسمه الباكلوريا ، ينضبط الايقاع على وترها، تعزف على الاعصاب فتوترها وقد تفرز نغمة نشاز ، تسئ الى تلاميذ يلتمسون دعما نفسيا لاجتياز امتحان شبح اسمه الباكلوريا.
من اين أتت الباكلوريا بكل هذه الهالة المخيفة القادرة على نشر الذعر في النفوس .وكيف يمكن لآباء يمنون النفس بالنجاح،أن يساعدوا ابناءهم على اجتياز الحاجز النفسي للامتحان.

 

تعيش أغلب الاسر المغربية هذه الايام على إيقاع هاجس اسمه البكالوريا ،هذا الامتحان الشبح الذي كان ولايزال يشكل رعبا للتلاميذ والاسر على حد سواء، فهولا يعكس فقط نجاح التلاميذ، بل نجاح الأسرة بأكملها .يستمد قوته من كونه بابا هاما للولوج للجامعات والمعاهد العليا، وبداية طريق لعالم الشغل و تحديد المستقبل .
هذه الأهمية المسندة للبكالوريا هي ما يدخل على نفسية المتعلمين والمتعلمات القلق المستمر حتى و لو كانوا من بين الأوائل، يتنازعهم ضغط نفسي نابع من الخوف من هذا التقويم الرسمي التقليدي، ضغط اسري داخل البيت، و خوف من أجواء الرهبة داخل اقسام الامتحانات ، يفتعلها الاساتذة والإداريون أحيانا على الممتحنين بصرامة شديدة ونظرات حادة ، تنشر الاحساس بهول الحدث.
كيف يمكن للأسر أن تساعد أبناءها على اجتياز هذه القلق النفسي ، وتحررهم من هاجس الباكلوريا. يجمع أغلب الاخصائيين في التوجيه النفسي التربوي أنه يجب على الاسرة ان تكون دعامة وسندا لأبنائها في هذه الفترة وأن تشعرهم أنهم ليسوا وحدهم ، فهم معنيون ايضا بما يدور حولهم، أن يسألوهم بين الفينة والأخرى إذا كانوا بحاجة للمساعدة، لان عدم مرافقة الأهل في هذه الفترة تسرب للابناء الشعور بعدم اللامبالاة والاهتمام بهم وتذكي نسبة القلق والتوتر لديهم.
على الاهل أن لا يضيقوا الخناق على الابناء ،خاصة الامهات اللواتي لا يستسغن أن يرين ابناءهن بعيدين عن الكتاب، يمنعوهم من الراحة، وكلما توقفوا عن الدراسة عاتبوهم واتهموهم بالتقصير .لايجب استخدام السلطة اتجاههم ،فهم في عمر حساس فيما يخص الطريقة التي نتوجه عبرها  بالحديث معهم، اتركوا لهم بعض الحرية في طريقة تحضير دروسهم. ففي هذا العمر، يمكن للتلميذ أن يتدبر أمره وحده، لكن من الجيد أن نساعده في التفكير في مسائل صعبة أو في تنظيم الدروس. لا ضير في المساعدة المباشرة إذا ما شعرنا أن التلميذ بحاجة لها. يكفيهم انهم يشعرون أساسا بضغط شديد من رعب امتحان يحدد مستقبلهم، عملهم ونجاحهم.
على الآباء أن يذكروا الاشياء الايجابية والأمور الجيدة التي قام بها ابناؤهم طيلة السنة ،يذكروهم بالمواد التي نجحوا فيها مثلا ولا يركزوا ابدا على الأمور السلبية،بل يجب التركيز على الجوانب الإيجابية من شخصيته وعلى قوته لا على ضعفه حتى نعزز ثقته بنفسه وبأنه قادر على العطاء والنجاح . فالكثير من تصرًفات الاهل تسيئ لنفسية الابناء دون شعورهم بذلك نمثل مقارنتهم مع أقرانهم المتفوقين مثلا، الأمر الذي يحبطهم ويجعلهم يفقدون الثقة في النفس..
يتفق جل المختصين في التوجيه النفسي أن التحضير النفسي لما قبل الامتحان شئي ضروري ويتطلب تدريب المقبلين على الامتحان على التحصين التصوري ضد القلق، بأن يعيش المواقف المثيرة في خياله، بعرض ـ مثلا ـ أفلام وفيديوهات ومواقف حية يشاهد الطالب خلالها كيف يتصرًف بشكل طبيعي يوم الامتحان، تدريب الطلاب الذين يعانون من الخوف والقلق والتوتر على الاسترخاء النفسي العميق بتخيًل صور مريحة للعقل والجسم، والاسترخاء العضلي، بممارسة تمارين رياضية خفيفة، تعزيز الثقة بالنفس، والنوم المريح ليلا والابتعاد على المهدئات، لما لها من آثار سلبية على النشاط العقلي، لأنها تؤدي إلى النسيان وتؤثر على الذاكرة بشكل ملحوظ، كما تؤثر سلبا على نفسية الطالب في المستقبل، لأنها تزيل أعراض التوتر بصفة مؤقتة وليست دائمة وتؤثر على التحصيل العلمي .
أما بالنسبة لحالة بعض التلاميذ الذين يطاردهم شبح النسيان وهم يحضرون للامتحانات، يرى الاخصائيون أن المراجعة الجيدة والمنتظمة منذ بداية السنة وبصفة مستمرة، مع التركيز والفهم والاعتماد على المهارات الذاتية بتوظيف الذاكرة السمعية والبصرية والحسية وتكرار الحفظ مع الفهم بصفة مستمرة، يجعل تلاشي المعلومات من الذاكرة مستحيلا، بالتالي النسيان الذي قد يشعر به الطالب يكون وهما مؤقتا، لأن المعلومات مخزنة في العقل الباطن، وبمجرد قراءة الأسئلة تتداعى الأفكار والمعلومات المخزنة بشكل تلقائي. أما فيما يخص النسيان الدائم، فهو راجع إلى عدم التركيز والمراجعة غير المنتظمة ودون فهم؛ يعني المراجعة السطحية وترك الدروس تتراكم إلى غاية موعد الامتحان، مما يجعل الطالب يراجع بشكل عشوائي دون نظام، فتتلاشى المعلومة بسهولة وتختفي.


الكاتب : إعداد : فاطمة الطويل

  

بتاريخ : 30/05/2019