المسحراتي وكورونا

أيها التائه بين الأرصفة، يأتيك الطبل قبل الطريق، قبل النداء.. تتقدم قبل فجر السماء.. تسحر الأذن كالحريق وكل العذارى تبحث عن حسن غد في صوتك وكرونا ينشر الرعب. تغني كالمقهور وطنك المكسور يسير مشلول الخطى.. تكتب الوداع بلغة الجرافة الهاربة.. هاهي الدنيا تبوح تحت كٱبة المنية، تنحني للنسيان، للدموع.. كيف تصلي وأنت تمسح الأجساد تسخر من صغير يرسم البسمة.. تفسح صدرك للهزيمة فوق الأشلاء.. تزرع البيع للمنايا..
أيها المسحراتي تكسر الصمت، تمد حبل الصوت بالدروب خلف المجهول، تطل بنايك لترى العالم، الناس يكسرون كرونا بالبراءة والحجر.. تخلق الأوجه بقطرات الصوت.. تكتب في جفون برج بابل..

التي تتناهى تخطف الخطوات من الوسادة الهاربة من الخرائب.. تكشف نبرة العصر بأغنية اليقظة. والنور يقطع كل الصفحات الليلية.. تكسر النفوس كالقدر المدار.. تحرق الأقوال بالثواب.. تعبد الله باليقين.. وتبتعد عن دروب إبليس.. الفرح يسهر في النوافذ والأزمة تحصد خرافة الحياة.. ذاهب تحت شاشة النبوة.. ترحل بآيات الرحمان.. والتاريخ يرحل مع حضور النمل النهاري .
ياكورونا.. أنت النمرود الذي أبدع صيرورة الحياة.. شوهت الخلق برياح التعب.. روعت الأكوان باللهب.. اختبأت في الجفون كالحرباء.. تغسل الأجساد باللعنات.. ترنو من وراءٍ بدم عصياني.. آهات إنسانية تمرح في مهجتك وعلى سريرك ينام أدم.. لاغفو ولاهوى.. جثث كتبت اليتم فوق قبورها.. أيها سبارتاكوس.. تحسب إذا دمى ليلك يأتي كرمح وثني أو بابلي روماني.. تغزو أرض الحروف بالهزيمة .
تلبس للحجر عري الوداع.. تصلي للكهوف في الأراضي اليابسة بلا فصول.. لا رمل في المدينة لا وطن في الخريطة.. تجري مع أدم نحو المغيب.. الأرض في جبينك صوت على باب إسرافيل.. العصافير بلا دموع تتبعثر في العيون الخوالي ..
تعيش في الفلاة بعيون زرقاء اليمامة.. الأرواح تنسج الرفوف على أرصفة أشور.. تبكي الكنائس من أسف لفراق الألف على ديار من دماء.. تتنازع الأوطان ليعيش الدمع النابع من الخراب.
المسحراتي يسحر الليل بلا حواجب.. المدينة تلبس أهذاب الأزقة.. تعبر من النوافذ.. تلعن كورونا وبقايا النيران.. نيرون أنت تفترش الأرض بالأجساد، والتاريخ يحمل لغة اللعنات.
يطول سر عمرك بالويل والعويل.. الجراح استراحات تحت الكفن.. من كل القارات تبني القبور في إعصار فينيق.. أنت صرت صليبا في الفراغ.. الصمت يودع صلاة النهار والجنود تستفيق مع الصراخ، وعشتار تغوص في لظى الجسد الكئيب تنتظر أن تتدثر بالأعشاش ووجه الغيوم وحدائق الانتظار. .
تخيط صدور الرياح بالقصائد.. ترسم لعنة في الدواوين.. تقسم أن تحمل الصخرة مع سيزيف وتكتب للعذارى أناشيد المهاجر .
يا مسحراتي، قيثارتك تغمر الرماد بالتواب.. ظلك وحده يحيا بين دروب الشاعر.. أنت وجه تحت الكلمات .

من صوتك يبدأ التاريخ.. بدلت للمدينة أطراف المنايا وطرحت قناع البيوت.. تسافر عبر المصابيح الرافضة.. تعلق عيناك بالسوق.. والبسمة أنت معيار تمحو الفراغ.. وتمتلئ الحناجر باللطف واليمن.. أنت أبو سهر تشدو على أوتارك بالنغم.. أنت ملك الود في كل أزقة نراك .تلقاك بالناي المعتق يفترش القوافي..
كورونا تلعن الحياة.. النهار عاد بلا وجه.. الشمس أزالت أهذابها.. الناس عادوا أوراقا فمتى تحمل رداء الرحيل..

متى تزيل من جفوننا جذور الوداع.. المسحراتي يصلي لموعد الصمت.. نحرق كل أيامك .. نمزق أوراقك في الريح.. نلاقيك بالحجارة.. أبولون يمر عبر قبرك الحزين من تحتك الجمر يجر المزامير ليحترق عطيل.. هكذا سميناك خالق الرفض.. عاد إنجيلا بلا ميلاد.. سنعلقك أمام أنصار.. بالحجر رميناك..
يا مسحراتي يا طالب العشق الأبدي، صدرك صار زرعا بين الروابي وصوتك شوق يبني مسكنه مع الرضيع .
ياسيدي، كلماتك زينت بالمخاض.

تشجيك امرأة تعشق العمر.. تبني الثواني في دقات العمر.. أنت الوصل الذي يغسل اليأس بالمحبة .. أنت الفنان فوق الحجر.. تحيا بين المدائن.. تسرق العمر للأطفال في عروق الناي المحاصر.. تكتب أشعار رمضان باللسان بريشة دافنشي.. لا شيء إلا حكمة الدف والنفار..
موعدك المنسي.. صلوات اليوم الجانح المكسور.. أيامك بيض على دفتر الشعراء، المدينة عادت ملوحة بالأنوار.. تزهر الحقول بالثمار.. وأنت على الرصيف تشدو وحدك مع المساجد من الضياء إلا السحور.. وحدك أنت الحنان والحب.

نسير ونسير نشم رائحة الموتى.. نغوص في الوحل متى تسطع الشمس.. نداعب التواريخ.. أيامنا أسقطها الوداع ووهان خانت عشتار.. الرعب أشعل النوافذ أسكن البلدان بالمواويل.. المغارات صارت كالرعد.. الشفاء رتقت البسمة.. متى تموت الخطوب أمام المرأة؟ متى يصلي الفقيه أمام الجلاد؟ متى نظل نعبد الأفرشة الملعونة؟ متى نكسر أعنة ڤيروس ووهان؟ أنت الفتاة الملعونة صلبت الأنباء بوخزة اللعنة وأمريكا تطمس الدروب بتنامي الأعداء الذين افترشوا نشوة الخراب .
متى ندفن النهار في الليل؟ متى نكسو الفجيعة بالرياح؟.
الغناء يغسل الكآبة بالحروف والجداول.. عربات الحروب تمد عيون الوداع الذي يجتاز أسوارا بين عنان الانتماء ولفة الوداع ..ترحل ووهان مع النفي والشوك الزقومي .
تأكل ووهان من مسك العوانس تشرب شرب الهيم .هذا نزلها في ٱخر ماي .


الكاتب : د: الغزيوي بوعلي

  

بتاريخ : 23/05/2020