مكوار يعرض بطنجة مشاهدات عينه الثالثة

طيلة شهر كامل يعرض الفنان التشكيلي محمد مكوار جديده الفني برواق سلكي آرت Selkyart بمدينة طنجة ما بين 29 نونبر و31 دجنبر 2019. وسيكون حفل الافتتاح مناسبة لعشاق الفن التشكيلي للتواصل مباشرة مع الفنان يوم الجمعة 29 نونبر 2019 ابتداء من السادسة والنصف مساء.
يؤمن مكوار بالفن كرسالة إنسانية، ومولد للغبطة الجمالية، مؤمنا بأن داخل كل إنسان يوجد فنان لا يتميز عنه إلا بمسؤولية العمل والبحث وهو ما يشكله الفنان في عالمه هذا عبر لوحاته، فمن تأملات وجودية مفتوحة على تأويلات متعددة إلى متغيرات الذات والنظر في مرحلة حركية الشخوص ببنيتها وصراعها الوجودي، تم الاشتغال الدال على المعاملات البصرية حتى انبثاقات الإنسان وعودته من خلال بعض الملامح وإيحاءات العين وتعدد الأحجام.
أجساد مكوار مثل تنقلاته، كائنات لامرئية يصعب إبصارها في أول وهلة، لكنها موجودة وتمارس حضورا تعبيرا ورمزيا داخل ثنايا اللوحة، تتبادل المواقع لتنفخ الحياة في المساحات والأشكال التي تكونها.
وبقدر ما هي أجساد هي أيضا مرائي واقعية عاشها الفنان مكورا إنسانا ومبدعا يجوب الحواري والأسواق يمارس حياته الطبيعية، إنها مواقف ومعاناة يومية تم رصدها بعين ثالثة متأملة تسائل وتنقد باستمرار، وتطرح الأسئلة الضرورية لإعادة تشكيل الواقع المليء بالكثير من التناقض والمفارقات، إنها الثغرة التي تتموضع بين هاجس القلق والإحباط من صيرورة الحياة العصرية هاجس الحلم البعيد القريب، حين يكون فيها لمعان الضوء نهج أصيل يصرخ بأعلى صوته «لا تخجل فالغد أفضل» بالرغم من هيمنة التراكيب الدينامية، القائمة على حركات عفوية دائرية، متعاكسة، ومنخفضة تمنح اللون والمادة سطوتها الإنسانية واللاشكلية، يتخذ السكون معباره ليثبت الوحدات التشخيصية، وإدماجها ضمن ما يشبه حكائية تصويرية تسعى لتخفيف حدة البعد التجريدي استنادا إلى تبعية الخط الذي يتدخل بتحفظ موزون للإحاطة بأثر السيل وتحويله إلى شكل مقروء، وبما أن التشكيل نفسه بلورة للأفكار المرئية فإنه ضل موسوما بالتواصلية الإنسانية طبعا فيها وراء قبلية المعنى، ولكن في قلب ما يجعل الكلمة نفسها صورة أو علامة قابلة للتصوير.
تعتبر العلامة الكتابية، باعتبارها رحم اللغة والسند المقدس جسد اللغة المحسوس، فالخط كيان مرسوم بالرمزي، بعين هوية تاريخية ما، ويتضمن سلطة مقدسة ذات قيمة ربانية، وحين تعض الخط للتصويع بالتأويل فإنه استعاد معناه الكامل في التوظيف المتعدد الذي قام به الفنانون التشكيليون كما في المرامي الجمالية التي تتحكم في ممارستهم التشكيلية.
إن هذه العناصر، أي الخطوط والتجسيدات، هي التي تؤسس المواضيع الرئيسية للوحة، وإيحائية شخوصها، وتنوع أنماطها وذلك اعتمادا على أسلوب فني يمكن وصفه بالتعبيرية التجريدية التي خولت للفنان أن يجرد ما هو طبيعي إنساني من ظاهره الحقيقي دون أن يجرده من عناصره وقد ساعده هذا الأسلوب على تجنب السقوط في الواقعية التشخيصية، وتحديد موقعه في حركة التشكيل المغربي، فنانا حقيقيا يسعى إلى تحقيق أكبر قدر من التناغم بين ذاته وعمله، إلى تفجير مواطن التعبير والجمال عبر حس إنساني عميق.


بتاريخ : 02/12/2019