نقاش هادئ على منطق مرتبك …. 

 

في محاولة لفهم منطق النقاش السياسي  والدستوري لدى جزء من نخبتنا السياسية الحديثة العهد بالمسار  الديمقراطي حسب معطيات تاريخ المغرب الحديث … استفزتني إيجابيا تدوينة للصديق نجيب البقالي العضو بحزب العدالة والتنمية حول الدفع بمطلب تعديل الدستور ومن ضمنه المادة 47  .
منهجيا ، وهنا لا بد من أن أنبه الصديق نجيب إلى أن النقاش الدستوري من رجل دارس للقانون، لا يمكن أن يختصر في خواطر أو انطباعات أو كترجمة لحالة نفسية … النقاش الدستوري، هو تأسيس لفكرة ومنطق والدفاع عنهما بالوسائل العلمية المعروفة لدى الدارسين والنخب العارفة  .
إذ لا يمكن أن نبني متنا دستوريا، أو نؤسس لنقاش فكرة بمنطق «ما دون البغل وفوق الحمار « ، لأنه لا يمكن أن نستمر في الاندحار بالممارسة و بالأفكار معا في بناء تبسيطي انطباعي لقضايا تستحق المناقشة اتفقنا معها أو اختلفنا  .
و ليسمح لي الصديق البقالي أن أناقش و « بسطحية عميقة» ما جاء في تدوينته من كون طرح مطلب تعديل الدستور هو احتماء بالوثيقة لمواجهة وهم القوة والتصدر … و هي في باطنها تعبر عن نفسية « سياسية « مهزوزة لدى العديدين من قيادات حزبك المحترم على اعتبار أن النتيجة تحسم في الصناديق وساعة الحسم و ليس في الشعارات التسخينية … لأن ما طرحه حزبنا في ضرورة تعديل الدستور لا تشكل المادة 47 فيه إلا الجزء البسيط من مضامينه( مطلب التعديل ) و أنا أتفهم جيدا أنكم تركتم التنزيل الديمقراطي الحقيقي للدستور وصرتم حراسا للمادة 47 و مؤتمنين على جمودها وحرفية قراءتها …
الصديق نجيب ، أنت تعلم جيدا بأن الدساتير هي وثائق لا تحمل من القداسة إلا في احترامنا لمقتضياتها وتنزيلنا النزيه لروحها الملتصق والمعبر عن أسئلة المرحلة  … كما تعلم بأنها بنيات متحولة وغير ثابتة، و ذلك لا يمنع النقاش حول مضامينها وضعف بعض مقتضياتها دون تجرد عن حاجة وطنية إلى ضرورة تعديلها .
أنا  أنتمي إلى مدرسة سياسية وطنية أعطت للسياسة و للوطنية معنى وعمقا في هذا البلد ، و لن أحرجك بالقياس الرمزي للأشياء، لأن التاريخ كفيل بذلك والواقع كذلك ، فلم ولا و لن نتاجر بالمشترك  دينيا كان أو تاريخيا أو بنيويا ، و لن نسمح للآخرين بذلك ….
و هاته المدرسة لها رموزها و مناضلوها و قياداتها، الذي يفرض عليك الواجب الأخلاقي احترامها للعديد من الاعتبارات …  و اسمح لي أن أعبر لك عن غضبي من توصيفك للكاتب الأول لحزبي بالعراب، متأكدا بأنك مستوعب لمعناها الحقيقي و قاصد لمدلولها… مع أنني في حيرة من أمري حول قدرتك على إصدار هذا الكلام لزعيم حزب يشارككم نفس الأغلبية الحكومية ويتقاسم و إياكم المسؤولية السياسية والتدبيرية … لكن سرعان ما تبددت الحيرة لاستنتاجي بأن  ماكيافيل يمكن أن يكون إسلاميا أيضا.
أخيرا ، اسمح لي أن أهمس في أذنك بأن تطور بلادنا، لا بد أن يأتي أولا بالديمقراطية وقبله بديمقراطيين متشبعين بفكر التطور والتحديث و ليس بالشعار والموقف و نقيضه.
تقبل هذا المرور من مناضل بسيط لحزب كبيييير  فالاتحاديون الذين تحبهم وتكرههم ، هم أبناء  المهدي وعمر وعبد الرحيم وعبد الرحمان والسي محمد وعبد الواحد و إدريس  ….


الكاتب : المهدي مزواري

  

بتاريخ : 19/04/2019