المتاحف بالمغرب .. نحو المزيد من الإبداع والمصداقية على الصعيد الدولي

عزز العدد الكبير من معارض الفن التشكيلي، التي احتضنتها مدينة الرباط مؤخرا، النهج الحازم للمملكة الرامي الى تعزيز الابتكار، وتكريس المصداقية لدى المؤسسات المعنية بإشعاع هذه الفنون الراقية على الصعيد الدولي، وإدراج الحركة المتحفية المغربية في الأجندة الثقافية العالمية.
وهكذا، احتضن متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر مئات الأعمال الفنية لكبار الرسامين، حيث تمكن زوار المتحف من الاستفادة من هذه الفرصة الفريدة للاستمتاع بجمالية هذه القطع الفنية، ابتداء من بيكاسو وموني ولاكروا وجياكوميتي، وصولا إلى معرضي ‘’من غويا إلى اليوم» و’’المتوسط والفن الحديث».
وإذا وجب التوقف عند معرض واحد، فإن معرض ‘’من غويا إلى اليوم» يكرس الثقة التي وضعها (بنك إسبانيا) في المملكة، حيث أعار لمتحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر 70 عملا فنيا من مجموعته، التي تعد من أهم وأفخم المجموعات الفنية في إسبانيا، مما مكن المغاربة من التمتع بتنوع الفن التصويري الإسباني، من القرن الثامن عشر إلى عصرنا الحالي، بدون تجشم الانتقال إلى إسبانيا.
وفي حديث مع وكالة المغرب العربي للأنباء بمناسبة اليوم العالمي للمتاحف، أكد مدير متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر، عبد العزيز الإدريسي، هذا المعطى، حيث قال أنه « ليس من السهل إقناع المؤسسات المقرضة بمنح عمل ذي قيمة تراثية، وهناك بلدان تعمل بجهد مضن على ملفاتها حتى تتمكن من احتضان مثل هذه المعارض».
وذكر الإدريسي بأن متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر «ينظم اليوم معرضه الكبير الرابع»، مؤكدا أن هذه الثقة تبرهن على «أن ملفاتنا مقنعة» وتؤكد على «المصداقية التي تتمتع بها المملكة على الساحة الفنية الدولية’’.
وأضاف الباحث في علوم الآثار أن الأعمال التراثية تكون غالبا «بالغة الهشاشة»، وأن التمكن من إقناع المؤسسات الأوروبية من إعارة أعمال من التراث الأوروبي لتقديمها في المغرب يبرهن ‘’على الثقة الكبيرة في جودة متاحفه وعلى الدينامية الحقيقية التي يعرفها المغرب في المجال المتحفي».
وأبرز أن هذه الدينامية لا تقتصر فقط على متاحف العاصمة، مذكرا بالجهود الجبارة المبذولة على الصعيد الوطني لترميم وإعادة تأهيل المتاحف في جهات مختلفة من المملكة.
وأشار المسؤول إلى أن المؤسسة الوطنية للمتاحف، قامت منذ إحداثها في 2011، بتقييم كل المتاحف لتحديد الاختلالات والوقوف على نقط القوة والضعف، مبرزا أن أربعة متاحف تم ترميمها إلى غاية اليوم، بالخصوص، متحف قصبة طنجة، الذي يطمح إلى تسليط الضوء على دور المغرب في نشأة الحضارة المتوسطية، من التاريخ القديم إلى عصرنا الحالي.
وهمت ورشات الترميم كذلك متحف التاريخ والحضارات بالرباط، الذي يقدم ثلاثة معارض رائعة، من بينها معرض يتناول تاريخ الكتابة على الصخور منذ العصور القديمة، ومعرض حول التاريخ المادي المغربي منذ مليون سنة إلى اليوم، ومعرض ثالث يهتم بالنحاس والمنحوتات الرخامية التي تم العثور عليها في المواقع التاريخية الشهيرة في المغرب، كتمودة ووليلي وشالة.
وأضاف أن المتحف الوطني للخزف بآسفي هو الثالث الذي تم ترميمه، موضحا أنه «يسلط الضوء على التحولات التي عرفها المغرب منذ الآثار الأولى للخزف (6000 سنة) إلى عصرنا الحالي، وعلى الفن الخزفي بمختلف جهات المملكة، خصوصا بالريف، وعلى فن الخزف النسوي، وعلى صناعة الفخار بالريف أو بمراكش، وكذلك على صناعة الفخار القروية».
ويهم الورش الرابع ترميم متحف دار الباشا، «الذي يبرز الروافد الثقافية من خلال معارض أطلق عليها اسم «أماكن مقدسة مشتركة».
كما أعلن مدير متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر أن المؤسسة تعمل على ترميم متاحف أخرى، موضحا أنها بدأت في ترميم خمسة متاحف، من بينها متحف دار السي سعيد بمراكش المختص في فن الزرابي، والذي سيكون جاهزا في القريب العاجل، ويهدف المتحف إلى تثمين فن الزرابي المغربي وزرابي الأطلسين الكبير والمتوسط، والرباط ومديونة.
وأوضح الإدريسي أن عملية الترميم ستهم متاحف أخرى، وهي متحف دار البطحاء بفاس، ومتحف دار الجامعي بمكناس، ومتحف باب العقلة بتطوان، ومتحف باب الكاري بمكناس.
وأضاف مدير متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر، أن المؤسسة حاولت مواكبة السياسية الجهوية التي يقودها المغرب، مبرزا أن هذا الترميم، الذي هم في نفس الوقت البنايات والمجموعات التي تحتضنها تلك المتاحف، شمل على الخصوص إعادة تأهيل وإثراء المجموعات، وكذا رقمنة التراث.
وكذلك في إطار الاحتفال باليوم العالمي للمتاحف في 18 ماي، أعلنت المؤسسة الوطنية للمتاحف عن برمجة خاصة، بعدة مدن من المملكة.


بتاريخ : 19/05/2018