المغرب يستعد للخروج للاستدانة من السوق الدولي عبر طرح سندات سيادية.. الحكومة تعتقد أن مازال أمامها هامش للاستدانة وتخطط لجلب مليار دولار

 

يستعد المغرب خلال الأسابيع القليلة المقبلة، للخروج نحو السوق الدولي من أجل استدانة مبلغ يفوق 1 مليار دولار عبر طرح سندات سيادية لسد جزء من احتياجات الخزينة التي ترزح تحت تفاقم العجز الذي وصل في متم غشت الماضي إلى أزيد من 33.5 مليار درهم عوض 27.8 مليار درهم في نفس الفترة من العام الماضي. وهو ما جعل اللجوء إلى الاستدانة من السوق الداخلي والخارجي على السواء إكراها حتميا لمواجهة تبعات معدلات النمو المنخفضة للاقتصاد الوطني.
واستعدادا لهذه «الخرجة» كان المغرب قد كلف منذ أبريل الماضي مجموعة من البنوك الدولية المتخصصة في بيع السندات بدراسة الظروف المواتية لإنجاح هذه العملية التي لم تلجأ إليها المملكة منذ 2014، وهو ما أكده وزير الاقتصاد والمالية محمد بنشعبون في وقت سابق من هذا العام. ويأتي هذا الخروج في الوقت الذي تبحث فيه السلطات عن كيفية تمكن المؤسسات العمومية المملوكة للدولة من تمويل خطط التنمية في البلاد وجعلها أقل اعتمادًا على التمويل الحكومي. كما هو الحال الآن ، حيث يُحسب الدين العمومي لهذه الشركات على أنه شبه سيادي ، مما يحد من مساحة الإدارة للمناورة.
وعلى الرغم من أن الحكومة تبدو مطمئنة لمستوى المديونية العمومية بشكل عام، معتبرة أنه مازال أمامها هامش للاستفادة من سوق السندات الدولية، غير أن والي البنك المركزي عبد اللطيف الجواهري ماانفك ينبه الحكومة إلى أن مستوى الدين العمومي «مرتفع عن المتوسط»، وهو نفس الرأي الذي عبر عنه المندوب السامي في التخطيط أحمد لحليمي، الذي أكد لحليمي أن معدل المديونية سيرتفع، خلال السنة الجارية، إلى 65.3 %، رغم أن الميزانية استفادت، خلال هذه السنة من موارد الخوصصة بقيمة تتجاوز 5 ملايير درهم، علما أن المديونية يفترض أن تعرف تراجعا في السنة التي تشهد خوصصة مؤسسات عمومية.
وقد تفاقمت مديونية الخزينة العام الجاري بشكل ملحوظ لاسيما على مستوى الدين الداخلي ، حيث كشف التقرير الجديد الذي أصدرته مديرية الخزينة العامة، أن جاري الدين الداخلي للخزينة بلغ عند متم شهر غشت الماضي 566.7 مليار درهم، بارتفاع معدله 3.2 في المئة مقارنة مع مستواه في بداية العام.
وعزت المديرية ارتفاع منسوب الدين الداخلي إلى اقتراض الخزينة من السوق المحلي لمبالغ تقدر بنحو 16.3 مليار درهم نتيجة لطرحها عبر سندات الخزينة لأزيد من 74.6 مليار درهم وتسديدها لحوالي 58.3 مليار درهم.
أما الدين الخارجي للخزينة فقد بلغ- حسب آخر المعطيات التي نشرتها وزارة المالية حول الربع الأول من العام الجاري- 146.4 مليار درهم أي 15.1 مليار دولار وقد كلفت خدمة ديون الخزينة خلال هذه الفترة القصيرة أزيد من 2.3 مليار درهم ضمنها 583 مليون درهم عبارة عن فوائد.
وتتكون سلة عملات الدين الخارجي للمغرب أساسا من الأورو بحصة 59.2 في المئة متبوعة بالدولار الأمريكي بصحة 28.8 في المئة والين الياباني بحصة 3.7 في المئة.
وقد قررت الحكومة خلال العام الجاري اقتراض 76.2 مليار درهم لسد حاجيات تمويل الخزينة العامة، وذلك على شكل ديون متوسطة وطويلة الأجل، عوض 68 مليار درهم المسجلة خلال 2018، أي بزيادة معدلها 12 في المئة.
ويؤكد تقرير الدين العمومي المصاحب لمشروع قانون المالية 2019 أن تحملات استهلاك الدين العمومي في ميزانية الدولة، سترتفع نهاية العام الجاري إلى 39.2 مليار درهم، 70.8 في المئة منها مبرمجة ضمن الميزانية العامة.
وقد رخص قانون المالية للحكومة باللجوء خلال 2019 إلى اقتراض 49 مليار درهم من السوق الداخلي عوض 43 مليار درهم خلال عام 2018، أي أن الدين الداخلي سيشهد زيادة بواقع 14 في المئة.
في المقابل، سيتم اللجوء إلى الأسواق الدولية لاقتراض ما مجموعه 27 مليار درهم عوض 25 مليار درهم المسجلة برسم قانون مالية 2018، وهو ما يعني زيادة معدلها 8 في المئة.
وبذلك ترزح ميزانية العام الجاري تحت وطأة ارتفاع نفقات الفوائد والعمولات المتعلقة بالدين العمومي إلى 30.6 مليار درهم بزيادة نسبتها 3.4 في المئة مقارنة بميزانية 2018.
وفي هذا السياق، من المقرر أن ترتفع التحملات الخاصة بفوائد وعمولات الدين الداخلي للمملكة إلى 24 مليار درهم بزيادة نسبتها 3 في المئة مقارنة مع مستواها خلال العام الجاري 2018، بينما سترتفع التحملات الخاصة بفوائد وعمولات الدين الخارجي للبلاد إلى 3.8 ملايير درهم، أي بزيادة نسبتها 5.8 في المئة على أساس سنوي.


الكاتب : عماد عادل

  

بتاريخ : 17/09/2019