المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير تؤبن المقاوم امحمد الظاهر في الذكرى الأربعينية لوفاته

ترأس الدكتور مصطفى الكثيري، المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير ،الحفل التأبيني الذي نظمته المندوبية السامية بمناسبة الذكرى الأربعينية لوفاة المقاوم محمد بن امحمد الظاهر يوم 17 ابريل 2017 بقاعة الاجتماعات بالمكتبة الوسائطية التابعة لمسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء.
وفي كلمته الافتتاحية أكد الدكتور مصطفى الكثيري «أن أسرة المقاومة وجيش التحرير شيعت بقلوب حزينة طافحة بالأسى والحسرة وفي أجواء مهيبة خاشعة مؤلمة، قبل أيام معدودة بمدينة الدار البيضاء، جثمان أحد الرجال الأفذاذ ، المقاوم المرحوم السي امحمد الظاهر ،الذي يعتبر رمزا من رموز الحركة الوطنية والمقاومة والفداء. لقد رحل عنا رحمة الله عليه الى دار البقاء بجوار ربه بعد حياة مليئة بالعطاء والجهاد الوطني الصادق والسلوك النضالي الملتزم القويم، تاركا في نفوس ذويه وأصدقائه ومجايليه من رفاق المقاومة والكفاح الوطني وفي قلوب كل من عرفه في مختلف أنحاء وطننا العزيز، ذكريات وطنية مجيدة راسخة في سجل الأداء الوطني الجاد والهادف.
وحسبنا ونحن نستحضر في هذا اللقاء التأبيني المحفوف بالأنوار الربانية ،حياة فقيدنا العزيز الفياضة بالخير والعطاء، أن نجسد مظاهر الوفاء والعرفان ومشاعر التقدير والإشادة بما أسداه من تضحيات جسام ستظل مفخرة وشهادة تقدير في حقه، ومعلمة تعتز بها الأجيال الحاضرة والقادمة ووسام شرف وتميز، يترجم القيم والمثل العليا والسلوك القيم ومكارم الأخلاق التي اجتمعت في شخص هذا الوطني الغيور والمناضل الوقور والمقاوم الفذ الجسور، خدمة للوطن، فحق لأنجاله وخلفه وذويه وأحبائه ورفاقه أن يعتزوا به ويكبروه ويفتخروا به .ومن الطبيعي في مثل هذه المناسبات المحملة بالمعاني الطافحة بالرموز والدلالات، أن تعود بنا الذاكرة لنستحضر بعض الذكريات والأحداث الوطنية التي ساهم في صفها. ولكن ماذا عساني أن أقول أو أتحدث عن مناقب هذا الرجل المتعدد الأفضال والمكرمات وعن سجاياه الحميدة ومزاياه الرفيعة أو كيف يمكن اختزال مسيرته النضالية في بضع كلمات؟.
فالمرحوم السي امحمد الظاهر، كما يعلم الجميع، كان من العناصر الاولى الاساسية التي ناضلت في حقل الوطنية والمقاومة والفداء في هذه المدينة المناضلة ومدن أخرى بالمملكة الشريفة. كان صاحب سلوك متميز في وطنيته ونضاله الملتزم وصموده البطولي وشجاعته النادرة. لم يكن رحمه الله يخشى في الله لومة لائم ،لا يلين أو يستكين ولا ييأس من فضيلة الدفاع عن القيم الاسلامية ومبادئ الحرية والكرامة التي آمن بها وتحمل من أجلها صنوفا من الشدائد والاهوال، كل ذلك من أجل نصرة قيم العدالة والكرامة والحرية والمساواة.
لقد تعددت واجهات عمل فقيدنا العزيز النضالية، فكان، رحمة الله عليه، من مناضلي الساعات الاولى .التحق بحركة المقاومة السرية بمدينة الدار البيضاء مهد المقاومة والفداء في صفوف منظمة «اليد الحسنية» ومنظمة «المقاومة والتحرير» اللتين ترأسهما الشهيدان بناجم الشافعي واحمد بلحسن صدقي. كما قاد الشرارة الاولى للاحتجاجات التي عمت مدينة مراكش على اثر تنصيب صنيعة الاستعمار بن عرفة بديلا عن الملك الشرعي سيدي محمد بن يوسف ، وشارك في العديد من العمليات الفدائية ضد مصالح المستعمر بأحياء ودروب مدينة الدار البيضاء، كما تميز عمله أيضا بتحرير وإصدار منشور بالعبرية بمناسبة إضرابات 18-19-20 نونبر 1954 لدعوة المواطنين اليهود المغاربة للتضامن ومساندة الكفاح الوطني .وغداة الاستقلال واصل عمله بكل عزم وحزم والتزام ونكران للذات ،هدفه بناء المغرب الحديث ونجاح التجربة المغربية الجديدة لعهد الاستقلال والجهاد الأكبر. فعاش مراحل حياته النضالية بين الكلمة الملتزمة والفعل الهادف، وبين العقيدة والسلوك القويم فتألق اسمه في المسيرة الجهادية التي تحقق بها عهد الحرية والاستقلال « .
وأضاف مصطفى الكثيري في كلمته الافتتاحية لهذا الحفل التأبيني «أجدد بهذه المناسبة اعتزازي بجهوده ومساعيه الحثيثة في كتابة وتوثيق ذاكرة الحركة الوطنية والتحريرية بالدار البيضاء، وخاصة عكفه على إعداد سير ذاتية ونبذ من حياة رجالات المقاومة ونساء مقاومات شهيدات من المدينة القديمة التي احتضنت المقاومة والفداء تم نشرها في موسوعة الحركة الوطنية والمقاومة والتحرير بالمغرب. وكما يعلم الجميع، فقد اجتهد وأجاد فقيدنا العزيز في إعداد كتاب بعنوان : ثنايا الذاكرة ..مقتطفات من تاريخ الوطنية بالمدينة القديمة للدار البيضاء». فالمتتبع للمسار الوطني النضالي لفقيد الوطنية والمقاومة المرحوم امحمد الظاهر يدرك تمام الادراك انه اعتنق الوطنية عقيدة ومذهبا ،وهو بفضل هذه الشمائل يعتبر بحق علما شامخا في النضال وطودا في الثبات، ويوسف في التحمل والصبر والجلد والايثار ونكرات الذات …وصفوة القول إن الفقيد كان من خيرة الناس ومن معدن الوطنيين والمقاومين الأتقياء الأصفياء الذين أمنوا برسالتهم النبيلة وأدوا واجبهم الوطني وتواصوا بالحق.
وكعربون برور بخدماته الجليلة والمشرقة في سبيل استقلال البلاد والدفاع عن المقدسات الدينية والثوابت الوطنية نال عن جدارة واستحقاق حظوة الإنعام المولوي السامي عليه بوسام ملكي سام بمناسبة الذكرى 62 لملحمة ثورة الملك والشعب في 20 غشت 2016 ،حيث تم توشيحه في حفل بهيج بولاية جهة الدار البيضاء سطات مع صفوة من رفاقه على درب النضال الوطني والمقاومة».
وتوجه مصطفى الكثيري في ختام كلمته إلى عائلة وأبناء الفقيد امحمد الظاهر بالقول :» لا يسعني والأمر كما أراد الله ،إلا أن أوصيكم بلسان الابتهال والاستغفار بالصبر والثبات والسير على هدى الوالدين المقاومين والمحافظة على تربيتها التي نشأتم عليها وبها صالحين، وأوصيكم بذكر وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم إذا أصاب أحدكم مصيبة فليقل «إنا لله وإنا اليه راجعون». اللهم عندك احتسب مصيبتي فأجرني وأبدلني خيرا منها».
بعد هذه الكلمة المؤثرة التي تتضمن شهادات وإشادات بالفقيد المقاوم امحمد الظاهر، توالت على منصة الخطابة أسماء وازنة مثل محمد بوشنتوف، الرئيس الشرفي لجمعية الدار البيضاء كريان سنطرال ،الاستاذ محمد المعزوزي ،عبد الكريم الرزقطوني ،رئيس مؤسسة الزرقطوني للثقافة والابحاث، ذ.محمد عكيف رئيس جمعية التلاميذ البيضاويين، نجيب التاقي أستاذ جامعي، احمد الابريزي، محمد شفيق، محمد وحيد …وقبل كلمة عائلة الفقيد المقاوم امحمد الظاهر التي تلتها ابنته وفاء الظاهر، تم تقديم شريط وثائقي عن الفقيد من إنجاز مؤسسة الزرقطوني للثقافة والابحاث تعرض الى جوانب مهمة من حياته التي تؤكد انه من مواليد 1937 وانضمامه لحزب الاستقلال سنة 1949 وفي سنة 1957 انضم الى التنظيم المسلح للشهيد الزرقطوني.
وفاء الظاهر في كلمة العائلة، أكدت «أن الله قد حبا والدنا بمكارم الأخلاق وجميل الخصال ونبل المواقف والشجاعة والشهامة والثبات على المبادئ. لقد عرف الفقيد بوطنيته الصادقة ونضاله المستميت خلال مسيرة المقاومة وجيش التحرير، التي أعادت للبلاد عزتها وكرامتها وحققت عودة بطل التحرير ورمز السيادة الوطنية جلالة المغفور له محمد الخامس من المنفى إلى أرض الوطن «.
وبعد أن أعطت لمحة عن والدها وعن نضاله ومواقفه المشهود له بها في الدفاع عن المقدسات الدينية والثوابت الوطنية ، أكدت أنه على الصعيد الأسري ، سار والدها على نفس النهج وبروح التضحية والإصرار والعزيمة ، فحرص على تربيتهم على حسن الأخلاق وعزز لديهم روح الوطنية الصادقة والانتماء للوطن، موضحة أن أسرة الفقيد قد تتبعت الشهادات التي قيلت في حق الفقيد المرحوم بكثير من الاهتمام، وهي أوسمة افتخار ستظل عالقة في أذهان أفراد الأسرة، منوهة بكلمة المندوب السامي لقدماء المقاومين و أعضاء جيش التحرير التي تركت وقعا كبيرا في نفوسهم ، شاكرة كل المتدخلين المنوهين بالفقيد والمشاركين في هذا الحفل التأبيني المهيب ،وكل من ساهم ،من قريب أو بعيد، في إنجاحه.


الكاتب : محمد تامر

  

بتاريخ : 20/04/2017